على إيقاع دبي السريع.. “درينكت” تحول القهوة إلى تجربة رقمية فائقة التخصيص
دبي – قهوة ورلد
في عالم يركض بإيقاع الابتكار المتسارع، يظل فنجان القهوة مرساة الاستقرار اليومية، تلك اللحظة الثمينة التي يلتقي فيها عبق التقاليد بسرعة العصر الرقمي. ومن قلب دبي، المدينة التي لا يتوقف فيها نبض الإبداع، انطلقت شرارة ثورة جديدة تعيد تعريف تجربة المستهلك، مقدّمةً مفهوم “المقهى الرقمي” كنموذج رائد للجمع بين الجودة الفائقة والكفاءة الذكية.
هذا التحول العميق كان محور حوار مميز استضافه برنامج “نبض دبي”، الذي تقدمه المذيعة المتألقة رايا رمال، مع السيدة كاترينا بوروديتش، الرئيس التنفيذي لسلسلة المقاهي الرقمية الشهيرة “درينكت” في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
استهل اللقاء بتقرير سلط الضوء على الأهمية الكبرى للقهوة كقوة دافعة للاقتصاد العالمي. فالقهوة، التي يعتمد عليها أكثر من 25 مليون مزارع، يستهلك منها العالم ملياري كوب يوميًا، وتتجاوز إيراداتها السنوية حاجز 200 مليار دولار. وفيما يبلغ حجم سوقها العالمي 138 مليار دولار، تتوقع التقديرات أن يتجاوز 170 مليار دولار بحلول عام 2030.
وعلى الصعيد الإقليمي، أكد التقرير أن سوق القهوة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا يُقدر بـ 11.5 مليار دولار، مع نمو متوقع يفوق 4% سنويًا حتى عام 2030. وتبرز دبي في هذا المشهد كمركز عالمي لتجارة القهوة، حيث تُصدّر ما بين 15% إلى 18% من المحاصيل العربية عالميًا، وتعالج أكثر من 11,500 طن من البن عبر مراكزها المتخصصة، في توجه متسارع نحو الابتكار والاستدامة يهدف إلى تقديم تجربة فريدة للمستهلكين.
بعد هذا التمهيد الاقتصادي، انضمت السيدة كاترينا بوروديتش إلى الاستوديو لتكشف عن سر اختيار “درينكت”، التي تمتلك 105 فروع حول العالم، لمدينة دبي كنقطة أولى للتوسع العالمي.
أكدت بوروديتش أن هذا الاختيار لم يكن مصادفة، بل قراراً استراتيجياً متجذراً في طبيعة المدينة نفسها: “دبي مرادف للابتكار، وهذا ما يتوافق تمامًا مع رؤية درينكت”. وأشارت إلى أن تجربة “درينكت” ترتكز على الحلول الرقمية، حيث يمكن للعملاء طلب القهوة عبر التطبيق أو المحطات الرقمية، للحصول على تجربة ذكية وسلسة.
وأضافت: “دبي مدينة تُشجّع على تبني الابتكار والاستدامة وتحتضن الأفكار الجديدة، وسكانها متحمسون دائمًا للتجارب الحديثة. كما أنها مركز عالمي للتجارة، وقد وفرت حكومتها بيئة ممتازة للأعمال. لذلك تُعد دبي المكان الأفضل لإطلاق خدماتنا وتطويرها”.
وأوضحت كاترينا أن هناك “انسجامًا كبيرًا بين درينكت ودبي” في السرعة والدقة والابتكار، مؤكدة أن طبيعة دبي السريعة والمتجددة، وخاصة في مراكز الأعمال، تتطلب الجودة والإنجاز السريع، وهو ما يسعى النموذج الرقمي لتحقيقه.
وفيما يخص فئة الجمهور المستهدفة، أكدت الرئيس التنفيذي لـ “درينكت” أن السلسلة تخدم جميع الفئات العمرية، وأن التحول الرقمي لا يقتصر على استقطاب فئة الشباب التي تفضّل الخدمات غير التلامسية.
وتابعت بوروديتش موضحة: “الجيل الأصغر يحب الأسلوب الرقمي، حيث يمكنه الطلب بسهولة دون التحدث مع أحد. أما الفئات المتوسطة والعليا في العمر، فتركّز غالبًا على التخصيص، إذ يمكنهم تعديل المكوّنات وتقليل السعرات وضبط النكهات عبر التطبيق والأكواب الذكية. عدد قليل فقط من المقاهي يقدم هذا المستوى من التحكم. وهذا يجعل خدماتنا مناسبة لشرائح واسعة، مع الحفاظ على نفس الجودة والطعم ودرجة الحرارة.”
ورداً على تساؤل حول ما إذا كانت التكنولوجيا تحلّ محل الموظفين، رسمت كاترينا بوروديتش خطاً فاصلاً بين الكفاءة الآلية والروح الإنسانية: “التكنولوجيا داعمة، لكنها لا تُعوض الناس”. وأكدت أن العنصر البشري “جزء أساسي من التجربة”، وأن الحلول الرقمية هدفها تسهيل العملية، لكن وجود الموظفين يظل حاضرًا دائمًا.
واختتمت بوروديتش حديثها بالتأكيد على أن القهوة ليست مجرد مشروب، بل هي “عنصر استقرار ثابت” في عالم مليء بالتقلبات، مشيرة إلى أن البيانات تظهر أن بعض العملاء يشترون نفس المشروب مئات المرات، ما يعكس عمق ارتباطهم بهذه التجربة. وأضافت أن دبي تقود التوسع المتزايد في ثقافة القهوة المختصة، باعتبارها ملتقى الشرق والغرب ومهد دمج التكنولوجيا والهوية.
لتظل قصة “درينكت” في دبي مثالاً حيًا على أن المستقبل يكمن في دمج التكنولوجيا لتعميق التجربة الإنسانية، وليس لإلغائها، في إطار من الإبداع الذي لا يتوقف.