Site icon عالم القهوة

دراسة جديدة تكشف مفاجأة صادمة عن تأثير القهوة الساخنة والباردة على الجسم والعقل

New Study Reveals Shocking Findings on How Hot and Cold Coffee Affect the Body and Mind

دبي – قهوة ورلد

في اكتشاف علمي لافت، كشفت دراسة حديثة نُشرت في المجلة البريطانية للتغذية (British Journal of Nutrition) عن علاقة مفاجئة بين درجة حرارة المشروبات، خصوصًا القهوة، وبين صحة الإنسان العقلية والجسدية. وأظهرت النتائج أن الفرق بين كوب القهوة الساخنة والمشروبات الباردة لا يقتصر على المذاق، بل يمتد إلى تأثيرات حقيقية على المزاج، والنوم، والجهاز الهضمي.

أُجريت الدراسة على يد فريق من الباحثين من جامعة ولاية سان دييغو وجامعة كاليفورنيا في سان دييغو وجامعة ويك فورست، بقيادة البروفيسور تيان يينغ وو. وشارك فيها أكثر من ٤٠٠ شخص من الأمريكيين من أصول آسيوية وبيضاء، تراوحت أعمارهم بين ١٨ و٦٥ عامًا، بهدف معرفة كيف تؤثر درجة حرارة الأطعمة والمشروبات على الصحة النفسية والبدنية. وطُلب من المشاركين تحديد معدل استهلاكهم للمشروبات الباردة والساخنة خلال فصلي الصيف والشتاء، إلى جانب تسجيل الأعراض المتعلقة بالقلق، والاكتئاب، والأرق، ومشكلات الجهاز الهضمي مثل الغازات والشعور بالامتلاء.

النتائج كانت مثيرة. فقد تبيّن أن الأشخاص من أصول آسيوية الذين يستهلكون المشروبات والأطعمة الباردة بكثرة، خصوصًا في فصل الصيف، كانوا أكثر عرضة للإصابة بالقلق واضطرابات النوم والشعور بامتلاء المعدة. كما أظهرت النتائج أن من يعانون من برودة اليدين — وهي علامة على ضعف الدورة الدموية — كانوا أكثر تأثرًا بهذه الأعراض السلبية. في المقابل، لم تظهر فائدة واضحة لتناول المشروبات الساخنة لدى هذه الفئة، ما يشير إلى حساسية أكبر تجاه البرودة مقارنة بالحرارة.

أما بين المشاركين من أصول بيضاء، فقد انقلبت الصورة تمامًا. إذ أظهرت الدراسة أن الذين يفضلون المشروبات الساخنة في الأجواء الباردة كانوا أقل عرضة للاكتئاب والأرق واضطرابات الجهاز الهضمي. ووجد الباحثون أن استهلاك القهوة أو الشاي الساخن في فصل الشتاء يرتبط بتحسن المزاج وجودة النوم وانخفاض أعراض الانتفاخ والغازات. أما الذين أكثروا من تناول المشروبات الباردة، فكانوا أكثر عرضة لمشكلات النوم والقلق، خاصة إذا كانوا يعانون من ضعف في الدورة الدموية.

وتقول الدراسة إن هذه النتائج العلمية تتوافق مع المعتقدات القديمة في الطب الصيني التقليدي والطب الأيورفيدي، اللذين ينصحان بتجنّب المشروبات والأطعمة الباردة في الشتاء لما تسببه من اضطراب في توازن الجسم، ويشجعان على تناول المشروبات الدافئة لدعم تدفق الطاقة وتحسين الدورة الدموية. بينما لا يُنظر في الطب الغربي عادةً إلى درجة الحرارة كعامل مؤثر في الصحة، إلا أن هذه الدراسة تؤكد أن للحرارة دورًا فسيولوجيًا يمكن قياسه.

ويُرجع الباحثون هذه التأثيرات إلى الطريقة التي تؤثر بها درجة الحرارة على الأمعاء والجهاز العصبي. فالمشروبات الباردة تؤدي إلى انخفاض درجة حرارة الجسم الداخلية، وتقلل من تدفق الدم في الأمعاء، مما يضعف الهضم ويؤثر على توازن البكتيريا المفيدة في الجهاز الهضمي. كما أن البرودة قد تسبّب انقباض الأوعية الدموية وتقليل الأوكسجين الواصل إلى الدماغ، ما يزيد من القلق ويؤثر على إنتاج النواقل العصبية المسؤولة عن المزاج والنوم. في المقابل، تعمل المشروبات الدافئة على تنشيط الدورة الدموية، وتحسين حركة الأمعاء، وتخفيف التوتر العصبي، مما ينعكس إيجابًا على الحالة النفسية وجودة النوم.

ورغم أن الدراسة لا تثبت علاقة سببية مباشرة بين درجة حرارة المشروب وهذه التأثيرات، فإنها تؤكد وجود ارتباط واضح بينهما يستحق المتابعة والبحث. كما أشار الباحثون إلى أن الأفراد الذين يعانون من ضعف في الدورة الدموية أو برودة الأطراف قد يكونون أكثر تأثرًا بتناول المشروبات الباردة، وبالتالي ينصحون بمراعاة هذا العامل عند اختيار نوع المشروب، خصوصًا في فصول البرد.

ومن اللافت أن الدراسة لاحظت فروقًا داخل الفئة الآسيوية نفسها. إذ سجّل المشاركون من أصول صينية أقل معدلات في تناول المشروبات والأطعمة الباردة، وأقل مستويات في أعراض القلق والاكتئاب واضطرابات الجهاز الهضمي، بينما أظهر المشاركون من أصول هندية ارتباطًا أقوى بين استهلاك الأطعمة الباردة وتدهور الحالة الصحية. كما لاحظ الفريق البحثي أن المهاجرين الآسيويين الذين قضوا فترات أطول في الولايات المتحدة أصبحوا أكثر ميلاً لتبنّي العادات الغربية التي تتضمن تناول المشروبات الباردة باستمرار.

وتختتم الدراسة بتوصية واضحة: أن درجة حرارة ما نستهلكه ليست مجرد تفضيل ذوقي، بل قد تكون عاملاً مؤثرًا في التوازن النفسي والجسدي للإنسان. وتشير النتائج إلى أن تناول المشروبات والأطعمة الدافئة يمكن أن يدعم الصحة العقلية والجسدية، خصوصًا في الشتاء أو لدى الأشخاص الذين يعانون من ضعف في الدورة الدموية. وكما قالت الباحثة تيان يينغ وو: «إن درجة حرارة ما نتناوله قد تكون أكثر أهمية مما نعتقد، فهي قادرة على التأثير في مزاجنا وصحتنا بطرق لا نتوقعها».

Spread the love
Exit mobile version