لماذا نشعر بالحاجة لدخول الحمام فور شرب القهوة؟

لماذا نشعر بالحاجة لدخول الحمام فور شرب القهوة؟

يعتقد الكثيرون أن الكافيين الموجود في القهوة هو السبب الرئيسي للشعور بالحاجة لدخول الحمام بعد شربها. ولكن، حتى القهوة منزوعة الكافيين يمكنها أن تحفز حركة الأمعاء، مما يشير إلى أن السبب لا يعود فقط إلى الكافيين، وفقًا لتقارير من بيزنس إنسايدر ونيويورك تايمز.

تعقيدات القهوة:

القهوة مشروب معقد يحتوي على أكثر من 1000 مركب كيميائي، العديد منها يمتلك خصائص مضادة للأكسدة والالتهابات، مما يجعل من الصعب تحديد تأثيراتها على الأمعاء بشكل دقيق. فالقهوة تحتوي على مجموعة متنوعة من المركبات التي تتفاعل بطرق مختلفة داخل الجسم. مثلاً، تمتلك مركبات مثل البوليفينولات خصائص مضادة للأكسدة يمكن أن تؤثر على عملية الهضم. بالإضافة إلى ذلك، تحتوي القهوة على مركبات مثل الأحماض الكلوروجينية التي يمكن أن تؤثر على حموضة المعدة وتساهم في تحفيز حركة الأمعاء.

تأثير الكافيين:

عند دخول الكافيين إلى الجسم، يحفز عضلات الأمعاء، مما يؤدي إلى تحريك محتويات الأمعاء عبر الجهاز الهضمي. الكافيين هو منشط معروف يؤثر على الجهاز العصبي المركزي ويزيد من نشاط العضلات الملساء في الأمعاء. كما أن سخونة القهوة تساهم في تحفيز الجهاز الهضمي، حيث تعتبر السوائل الدافئة بشكل عام محفزة لحركة الأمعاء. هذا يعني أن شرب القهوة الساخنة يمكن أن يكون له تأثير أكبر على حركة الأمعاء مقارنة بشرب السوائل الباردة.

التأثيرات الأخرى:

إلى جانب الكافيين، قد تلعب التأثيرات الهضمية العامة للقهوة، وكذلك الحليب وتوقيت شربها، دورًا في تأثيرها الملين. تقول جيل دويتش، مديرة برنامج اضطرابات الجهاز الهضمي الوظيفية في جامعة ييل: “يتعلق الأمر بالقهوة ككل، وليس فقط بالكافيين. التركيبة الشاملة للقهوة هي التي تساعدنا على التبرز”.

هناك عوامل أخرى قد تؤثر على كيفية تأثير القهوة على الأمعاء. مثلا، قد تحتوي القهوة على زيوت ودهون تزيد من إفراز الصفراء، مما يسهل هضم الدهون ويعزز حركة الأمعاء. إضافة إلى ذلك، يمكن أن تؤثر مكونات مثل الحليب أو المحليات المستخدمة في القهوة على الهضم، حيث يمكن أن تسبب بعض المحليات الصناعية أو منتجات الألبان الإسهال أو تزيد من حركة الأمعاء لدى بعض الأفراد.

تباين التأثيرات بين الأفراد:

لا توجد كمية محددة من القهوة يمكنها تحفيز حركة الأمعاء، لأن التأثير يختلف من شخص لآخر. توضح دويتش: “لا يحصل الجميع على الفوائد الملينة نفسها من شرب القهوة. في الواقع، لا يتأثر بعض الأشخاص بشرب القهوة على الإطلاق”. هذا التباين في الاستجابة يعكس الطبيعة الفريدة لكل فرد، حيث يمكن أن تلعب العوامل الجينية، ونمط الحياة، والنظام الغذائي دورًا في كيفية تأثير القهوة على الجسم.

يشير الدكتور روبرت مارتنديل، أستاذ الجراحة والمدير الطبي لخدمات التغذية في المستشفيات بجامعة أوريغون للصحة والعلوم، إلى أن شرب فنجان من القهوة يمكن أن يحفز الجهاز الهضمي في غضون دقائق. يفسر ذلك بأن وصول القهوة إلى المعدة يرسل إشارة إلى الدماغ، الذي يحفز القولون والحاجة إلى التبرز.

يعتقد الخبراء أن رسائل القهوة إلى الدماغ قد تكون ناجمة عن واحد أو أكثر من المواد الكيميائية العديدة الموجودة في القهوة، وربما تتوسطها بعض الهرمونات مثل الغاسترين أو الكوليسيستوكينين، اللذان يمكن أن يرتفع مستواهما بعد شرب القهوة. هذه الهرمونات تلعب دورًا في تحفيز الجهاز الهضمي وتعزيز إفراز العصارات الهضمية، مما يساعد في تحريك الأمعاء.

القهوة كملين:

بينما لا تزال الآلية الدقيقة غير واضحة، فإن تأثيرات القهوة على الأمعاء قد تكون مفيدة لبعض الأشخاص، بما في ذلك أولئك الذين يتعافون من أنواع معينة من الجراحة. إذا كان تأثير القهوة كملين مناسبًا لك، فقد يكون من الصحي شربها لهذا الغرض.

تقول إدارة الغذاء والدواء الأمريكية إنه من الآمن لمعظم الناس شرب 400 ملغ من الكافيين يوميًا، وهو ما يعادل حوالي 4 أو 5 فناجين من القهوة. لكن هذه العتبة قد تختلف من شخص لآخر، وينبغي الحذر واستشارة الطبيب عند الضرورة. من المهم أن يتفهم الأفراد استجابات أجسامهم الشخصية للكافيين والقهوة بشكل عام، والتكيف وفقًا لذلك.

استنتاج:

في النهاية، القهوة هي مشروب معقد يتفاعل مع الجسم بطرق متعددة. تأثيرها على الأمعاء ليس ناجمًا فقط عن الكافيين، بل يتعلق بمجموعة واسعة من المركبات والخصائص الكيميائية التي تحتويها. سواء كنت تشرب القهوة من أجل الاستمتاع بنكهتها أو لاستفادة من تأثيراتها الملينة، من الضروري فهم كيفية تأثيرها على جسمك بشكل فردي.

Spread the love
نشر في :