الأسواق العالمية للقهوة تحت المجهر.. تقلبات الأسعار وتحديات الإنتاج
شهد سوق القهوة العالمي تقلبات ملحوظة خلال الأسبوع الماضي، حيث استمرت العقود الآجلة للقهوة في بورصة نيويورك في الصعود، لتفتتح التداول عند 317.00 سنتًا للرطل، وتصل إلى ذروتها يوم الخميس بتجاوز حاجز 340 سنتًا قبل أن تنهي الأسبوع عند 325.00 سنتًا للرطل. يعكس هذا الأداء استمرار الاتجاه الصعودي، مدفوعًا بتفاؤل المستثمرين وتجاهلًا للعوامل التي كان من المتوقع أن تضغط على الأسعار.
رغم ارتفاع مؤشر الدولار الأمريكي، الذي عادة ما يعزز مبيعات الصادرات ويضغط على الأسعار، فقد ظل السوق في مستويات قوية. كما أن قرار تأجيل تطبيق لائحة الاتحاد الأوروبي الخاصة بمكافحة إزالة الغابات لمدة عام إضافي، والذي يسمح بدخول القهوة غير المتوافقة إلى الأسواق الأوروبية، لم يكن له التأثير المتوقع في تخفيف الضغوط. ورغم ذلك، ما زالت التحديات المتعلقة بالإنتاج تلقي بظلالها على السوق.
في البرازيل، أظهرت التقارير استمرار الظروف الجوية غير المواتية التي أثرت على تقديرات محصول 2025/2026، مما أثار القلق بشأن شح الإمدادات. توقعت تقارير صادرة عن “فولكافيه” عجزًا عالميًا يبلغ 8.5 مليون كيس للسنة الخامسة على التوالي، في ظل زيادة متوقعة للإنتاج في كولومبيا وإندونيسيا. هذا الواقع دفع العديد من المصدرين إلى التحفظ في ظل التقلبات الشديدة، بينما يسعى المشترون إلى الشحنات القريبة بدلاً من الالتزامات طويلة الأجل.
من جهة أخرى، تواجه إثيوبيا موسمًا صعبًا بسبب الأمطار المستمرة التي أثرت على جودة المحصول وكميته، لا سيما بالنسبة للدرجات العالية الجودة. وفي إندونيسيا، استمرت الأمطار في تعطيل الحصاد وتجفيف المحاصيل، بينما استقرت أسعار الروبوستا رغم انخفاض الصادرات مقارنة بالشهر الماضي.
أما في فيتنام، فقد تأثرت صادرات ديسمبر بشكل كبير، حيث تراوحت بين 1.6 و2 مليون كيس، وهي أقل بكثير من المتوسط السنوي. ويعود ذلك إلى الأمطار الغزيرة التي عطلت الحصاد وأبطأت عمليات الشحن. وفي خطوة استباقية، أطلقت الحكومة نظام قاعدة بيانات لمناطق زراعة القهوة والغابات، تمهيدًا للامتثال للوائح الاتحاد الأوروبي المستقبلية.
على الصعيد الاقتصادي، اقترب مؤشر الدولار الأمريكي من أعلى مستوياته خلال عامين، إلا أنه تراجع لاحقًا نتيجة حالة عدم اليقين السياسي بشأن إمكانية إغلاق الحكومة الأمريكية. كما أثرت البيانات الاقتصادية الضعيفة وخفض الفائدة من قبل الاحتياطي الفيدرالي على الأسواق. وقد انخفض الجنيه الإسترليني أمام الدولار الأمريكي إلى أدنى مستوى له منذ مايو 2024.
مع اقتراب نهاية العام، يظل سوق القهوة في حالة ترقب، حيث يستمر المتداولون والمستثمرون في مراقبة تطورات الإنتاج في البرازيل والعوامل العالمية المؤثرة على السوق. وبينما يعزز الاتجاه الصعودي الثقة، يبقى المشهد عرضة لتغيرات مفاجئة قد تعيد تشكيل خريطة السوق العالمية للقهوة.