اليمن.. زراعة القهوة على حساب القات – الحلم الممكن وسط التحديات

اليمن.. زراعة القهوة على حساب القات – الحلم الممكن وسط التحديات

تحت عنوان “اليمن زراعة القهوة على حساب القات: الحلم الممكن وسط التحديات”، نشر موقع “دويتشه فيله” الألماني تقريراً أعده الصحفي قناف السقطري، تناول فيه ظاهرة التحول التدريجي في اليمن من زراعة القات إلى زراعة القهوة. هذا التحول، الذي يشق طريقه وسط صعوبات متعددة، يبرز كحلم ممكن التحقيق بدعم المزارعين والحكومة والمجتمع الدولي.

التقرير استعرض عدة قصص ملهمة لمزارعين يمنيين قرروا خوض هذه المغامرة الزراعية رغم التحديات. ومن بين هذه القصص، تجربة أحمد عبدالله من محافظة عمران، الذي قال: “قمت أنا ووالدي بقلع أكثر من ألفي شجرة قات واستبدالها بشجرات بن”. يصف أحمد هذه الخطوة بأنها ليست مجرد تحسين اقتصادي، بل هي محاولة للحفاظ على ما يسميه “الشجرة المباركة”. على الرغم من غياب الدعم الحكومي المباشر، يؤكد أحمد أن نجاح التجربة تحقق بنسبة 100%، مشيراً إلى أن أسرته استطاعت تحقيق الاكتفاء الذاتي بفضل العزيمة والصبر.

إرث القهوة اليمنية

اليمن، المعروف تاريخياً بكونه مهد القهوة العربية وأحد أقدم مصدريها، يحمل إرثاً عريقاً في هذا المجال. ميناء المخا اليمني، الذي اشتقت منه علامة “موكا” الشهيرة، كان مركزاً رئيسياً لتصدير القهوة إلى العالم. ولكن في العقود الأخيرة، طغت زراعة القات على مساحات كبيرة من الأراضي الزراعية، مما أدى إلى تراجع زراعة البن. ومع ذلك، فإن المزارعين اليوم يعيدون النظر في هذا الواقع، مدفوعين بإرث تاريخي وثقافي يدعوهم إلى الحفاظ على مكانة القهوة اليمنية في الأسواق العالمية.

دعم محدود وتحديات كبيرة

رغم الجهود المبذولة، لا تزال التحديات تعيق زراعة القهوة في اليمن. أبرز هذه التحديات شح المياه وغياب البنية التحتية الضرورية، بما في ذلك خزانات الأمطار. يقول أحمد عبدالله إن غياب الدعم الحكومي يشكل عقبة كبيرة، مشيراً إلى أن بعض التجار يستوردون بنًا من الخارج ويعيدون تصديره باسم البن اليمني، ما يضر بالمزارعين وبالاقتصاد الوطني.

وعلى الرغم من هذه العقبات، تحضر القهوة كبديل اقتصادي وثقافي يشجع المزارعين على البحث عن حلول. وزارة الزراعة والري في صنعاء وزعت خلال الأعوام الأخيرة ملايين الشتلات في إطار جهود لزيادة المساحات المزروعة بشجرة البن. كما أطلق البرنامج الإنمائي للأمم المتحدة مشروعاً لدعم التحول “من القات إلى البن”، مشيراً إلى أن القات يستهلك 40% من موارد المياه ويغطي 15% من الأراضي الزراعية، بينما تحتاج زراعة القهوة إلى موارد مائية أقل، مما يجعلها خياراً مستداماً.

تجارب ملهمة وتجديد الزراعة

تجارب المزارعين تعكس الإرادة القوية لتحويل هذا الحلم إلى حقيقة. طه أحمد، مزارع خمسيني من محافظة إب، يعيد زراعة شتلات البن المحسنة بعد أن تأثرت الأشجار القديمة في أرضه بمرور الزمن. يشير إلى أن زراعة البن تحتاج إلى تربة خصبة ومياه كافية، وهو ما يتطلب تخطيطاً دقيقاً للتوسع في زراعته.

أما أحمد عبدالله، فيحث المزارعين على التحلي بالصبر والعمل الجاد، قائلاً: “عليكم بزراعة هذه الشجرة، فلا عز لنا إلا بزراعتها. بفضلها يمكننا إعادة مجد أسلافنا وتحقيق الاكتفاء الذاتي”.

جهود دولية لتحقيق الاستدامة

البرنامج الإنمائي للأمم المتحدة يعمل منذ سنوات على تحليل سلسلة القيمة لإنتاج القات والبن، مؤكداً أهمية دعم زراعة القهوة لتعزيز المناخ والأمن الغذائي. ويشمل المشروع تقديم توصيات لتحسين سلسلة قيمة البن وتوفير فرص كسب عيش بديلة للمزارعين.

هل يتحقق الحلم؟

على الرغم من التحديات، هناك إجماع بين الخبراء والمزارعين على أن زراعة البن يمكن أن تشكل بديلاً اقتصادياً مستداماً في اليمن. الحاجة إلى دعم حكومي أكبر وإلى تقنيات زراعية حديثة أصبحت ضرورة لتحقيق هذا الهدف. ومع الجهود المبذولة، يبدو أن اليمنيين يسيرون بخطوات ثابتة نحو إعادة إحياء إرثهم الزراعي واستعادة مكانة القهوة اليمنية على خارطة الزراعة العالمية.

Spread the love
نشر في :