ارتفاع قياسي في أسعار القهوة وسط تحديات المناخ والتجارة وسياسات ترامب

ارتفاع قياسي في أسعار القهوة وسط تحديات المناخ والتجارة وسياسات ترامب

يشهد سوق القهوة العالمي مرحلة مضطربة، مدفوعة بالتأثيرات المشتركة لتغير المناخ والسياسات التجارية المتقلبة. تواجه المناطق الرئيسية المنتجة للقهوة، مثل البرازيل وفيتنام، ظروفًا مناخية قاسية تؤثر بشكل مباشر على المحاصيل، مما أدى إلى انخفاض الإنتاج وارتفاع الأسعار إلى مستويات قياسية. وقد زادت التطورات الجيوسياسية الأخيرة من حالة عدم اليقين في هذه الصناعة، حيث هددت الولايات المتحدة بفرض تعريفات جمركية على القهوة الكولومبية، مما كان سيؤدي إلى اضطراب تدفق التجارة. ورغم تعليق هذه الإجراءات مؤقتًا بعد المفاوضات، فقد كشفت هذه التهديدات مدى تأثير القرارات السياسية على ديناميكيات السوق. وتظل كولومبيا، التي تُعَدُّ واحدة من أبرز موردي القهوة العربية عالية الجودة، في قلب هذه التقلبات التي تؤثر على الأسعار العالمية.

أسفرت المواسم السيئة في الدول الرائدة في إنتاج القهوة عن عجز في الإمدادات، حيث تشير التقديرات إلى أن المخزون العالمي سيصل إلى أدنى مستوياته خلال 25 عامًا. وقد أدى هذا الخلل إلى ارتفاع غير مسبوق في الأسعار، حيث شهدت العقود الآجلة لقهوة أرابيكا في بورصة نيويورك زيادة بأكثر من 80٪ مقارنة بالعام السابق، ما يعكس شح الإمدادات. كما وصلت أسعار القهوة الكولومبية إلى مستويات قياسية، مسجلةً ارتفاعًا حادًا في الأسواق الدولية، وذلك استمرارًا لاتجاه تصاعدي بدأ في أواخر عام 2023 مع تراجع الكميات المتاحة للبيع.

أثرت الظواهر الجوية القاسية بشكل كبير على إنتاج القهوة. تشهد البرازيل، أكبر منتج للقهوة في العالم، أسوأ موجة جفاف منذ عقود، في حين سجلت فيتنام، المورد الرئيسي لحبوب الروبوستا، انخفاضًا بنسبة 11.4٪ في صادراتها خلال النصف الأول من عام 2024. كما تأثرت صناعة القهوة في المكسيك بسبب موجات الحر والجفاف المستمر، مما أدى إلى تضرر غالبية الإنتاج. وأفاد المزارعون في البرازيل بأن محصول القهوة العربية لعام 2024 ينتج حبوبًا أصغر حجمًا بسبب الجفاف الطويل، مما زاد من أزمة الإمدادات. إلى جانب ذلك، تستمر العوامل المناخية غير المواتية، مثل العواصف والحرارة الشديدة، في التأثير سلبًا على المناطق المنتجة للقهوة في جميع أنحاء العالم.

في المستقبل القريب، من المتوقع أن تستمر الضغوط على أسعار القهوة مع استمرار قيود الإمدادات. ومع ارتفاع تكاليف النقل وزيادة الطلب العالمي وعدم الاستقرار الاقتصادي في الدول المنتجة الرئيسية، من المرجح أن تبقى الأسعار مرتفعة خلال عام 2025. ويشير المحللون إلى أن اضطرابات الطقس لا تزال المحرك الرئيسي لارتفاع الأسعار، لكن الاضطرابات في سلاسل التوريد والعوامل الجيوسياسية تلعب أيضًا دورًا مهمًا في تفاقم الأزمة. وتضيف حالة عدم الاستقرار السياسي في الدول المصدرة والتحديات اللوجستية مزيدًا من التعقيد إلى المشهد العام للأسواق.

مع استمرار تغير المناخ والتقلبات الاقتصادية في التأثير على سوق القهوة، يُتوقع أن يواجه المستهلكون أسعارًا أعلى وربما نقصًا في الإمدادات. ويستدعي التعامل مع هذه التحديات اتباع ممارسات زراعية مستدامة، وتحقيق استقرار في التجارة، والاستثمار في سلاسل توريد أكثر قدرة على مواجهة الصدمات لضمان استقرار السوق على المدى الطويل.

Spread the love
نشر في :