في ساحة “بابليك” بوسط مدينة كليفلاند، افتُتح مؤخرًا مقهى “إبريق”، ليقدم للزوار تجربة مختلفة مستوحاة من تقاليد المقاهي اليمنية، حيث تمتزج النكهات العريقة مع الأجواء الليلية الهادئة، بعيدًا عن الصخب والمشروبات الكحولية.
بمجرد دخولك المكان، تستقبلك رائحة الهيل الممزوجة بعبق القهوة والتوابل. ويقول “ديا البعداني”، الشريك المؤسس للمقهى، إن الهدف من افتتاح “إبريق” هو تقديم تجربة ثقافية متكاملة تعكس روح الضيافة اليمنية وتمنح الزوار لحظات من الدفء والسكينة.
قهوة محمّلة بالتراث والذوق
يضم المقهى مشروبات يمنية تقليدية، أبرزها المُفَوَّر، وهو قهوة ممزوجة بالحليب والهيل، والقِشر، وهو مشروب يُحضَّر من قشور البن المغلية مع الزنجبيل والقرفة. وترافق هذه المشروبات حلويات شرقية فاخرة مصنوعة يدويًا.
يُستورد البن المستخدم في “إبريق” من منطقة حراز الجبلية في اليمن، المعروفة بمناخها المثالي لزراعة البن. وتُزرع الأشجار دون استخدام مواد كيميائية، فيما تُقطف الثمار يدويًا بعد التأكد من نضجها الكامل. بعد ذلك، تُجفف الحبوب تحت أشعة الشمس وتُطحن بالطريقة التقليدية، ما يحافظ على جودتها ونكهتها الأصلية.
تحديات الاستيراد في ظل الحرب
رغم الأوضاع غير المستقرة في اليمن، يواصل المقهى تأمين البن من عائلات مزارعة في المناطق الجبلية، حيث لا تزال الظروف الزراعية مستقرة نسبيًا. لكن عمليات الشحن باتت أكثر تعقيدًا، إذ لم يعد بالإمكان الاعتماد إلا على ميناء عدن، ما يفرض الانتظار لعدة أشهر قبل وصول الشحنات.
أما ميناء المخا، الذي اشتُق منه اسم مشروب “الموكّا”، فهو يقع في منطقة معرضة للخطر ولا يُفتح باستمرار، مما يعيق استخدامه في التجارة الدولية.
عندما يتحول الليل إلى وقت للقهوة
يمتاز “إبريق” بساعات عمل مسائية طويلة. فالمقهى يفتح أبوابه حتى الساعة العاشرة ليلًا، مع خطط لتمديد الدوام حتى منتصف الليل قريبًا. ويؤكد البعداني أن هذا جزء من الثقافة العربية التي تحتفي بليالي السمر وتجمعات الأصدقاء حول فناجين القهوة.
ويضيف: “نهاية الأسبوع تكون أكثر الأوقات ازدحامًا. حين تُغلق معظم الأماكن، يظل مقهانا مفتوحًا، وهذا ما يجذب الزوار الجدد. وغالبًا من يزورنا مرة، يعود مرة أخرى”.
بهذا المزيج من الأصالة والجودة والأجواء الدافئة، يخطو مقهى “إبريق” نحو ترسيخ نفسه كعنوان فريد في مشهد القهوة بمدينة كليفلاند — حيث تتحول كل رشفة إلى رحلة نحو جبال اليمن.