العنصر المنسي في القهوة المختصة.. إعادة التفكير في دور الحليب

في عالم القهوة المختصة، حيث تهم أدق التفاصيل، هناك عنصر أساسي يتم تجاهله باستمرار: الحليب. على الرغم من دوره الجوهري في العديد من مشروبات القهوة، إلا أن الحليب نادرًا ما يحصل على نفس مستوى الاهتمام مثل الحبوب أو أصولها أو طرق التحضير. هذا الإغفال، الذي سلط الضوء عليه الخبير ورائد الأعمال في مجال القهوة، إينيا موسكاي، أثار نقاشًا ضروريًا حول معايير التعامل مع الحليب في القهوة المختصة.

في منشور مثير للتفكير على إنستغرام، تناول موسكاي هذه الفجوة في الصناعة، مشيرًا إلى أن الحليب يجب أن يُعامل بنفس العناية والدقة التي يتم بها التعامل مع حبوب القهوة أحادية المصدر. وكتب موسكاي: “العنصر المنسي في القهوة المختصة: الحليب. خلال عام قضيته في الإمارات العربية المتحدة، لاحظت أن هناك حوارًا مهمًا غائبًا عن مشهد القهوة المختصة: الحليب. الحليب المحلي الطازج ليس مجرد إضافة جيدة—بل هو أمر أساسي”.

دعوته إلى الاهتمام بجودة الحليب ليست مجرد تذكير، بل هي دعوة لتحويل الحليب إلى عنصر مميز يحدد جودة الكوب النهائي.

لقيت هذه الرسالة صدى واسعًا، حيث تفاعل معها خبراء القهوة وعشاقها، مقدمين رؤى عميقة حول الموضوع.

تحول ثقافي في استهلاك الحليب

شاركت كلوديا، من منصة حافظ على هدوئك واشرب القهوة في إيطاليا، تجربتها الشخصية في الانتقال من تفضيل المشروبات القائمة على الحليب إلى شرب القهوة السوداء. ورغم أنها لم تعد تضيف الحليب، إلا أنها أكدت على تأثير جودة الحليب على مشروبات مثل الكابتشينو، مشيرة إلى أهمية هذا العنصر الذي غالبًا ما يُتجاهل.

الحليب في الإمارات: الجودة والوعي

قدم خبير القهوة سيد نافيد نظرة أعمق على جودة الحليب في الإمارات، حيث تهيمن المنتجات الموحدة على السوق. وقال نافيد: “لعدة سنوات، لم أعر جودة الحليب الكثير من الاهتمام”. ومع ذلك، قاده نقاش حديث مع موسكاي إلى التفكير في العوامل التي تؤثر على طعم الحليب وقيمته الغذائية، بدءًا من سلالة الأبقار ورعايتها وصولًا إلى عمليات التجنيس والبسترة. كما أثار نافيد مخاوف بشأن تأثير المعالجات الصناعية على تفاقم حالات عدم تحمل اللاكتوز، مشددًا على الحاجة إلى وعي أكبر حول الحليب الذي نستهلكه.

إعداد القوام المثالي

من العين، أشار خبير القهوة خالد الظاهري إلى أن المشكلة لا تقتصر على جودة الحليب، بل تشمل أيضًا كيفية التعامل معه في المقاهي. وقال: “المشكلة ليست فقط في جودة الحليب، بل في طريقة تبخيره”. وأوضح الظاهري أن التبخير غير الصحيح يؤدي غالبًا إلى قوام غير مناسب، مما يخل بمعايير القهوة المختصة. وأكد أن عملية الرغوة للكابتشينو، واللاتيه، والفلات وايت تُنفذ غالبًا بشكل غير دقيق، حتى في المقاهي الراقية، داعيًا إلى التركيز على التقنية لتحقيق قوام ونكهة مثاليين لكل مشروب.

المشكلة الأوسع: الحاجة إلى معايير

أثارت ملاحظات الظاهري تفاعلًا مع نافيد، مما أدى إلى نقاش صريح حول نقص الاتساق في إعداد الحليب عبر الصناعة. وعلق الظاهري قائلاً: “العديد من المقاهي، خصوصًا في الغرب، تفضل السرعة على الجودة. هذه ليست ستاربكس. القهوة المختصة تستحق الأفضل”. اتفق كلا الخبيرين على ضرورة التزام الصناعة بمعايير أعلى، ليس فقط في اختيار الحليب، ولكن أيضًا في تقنيات تحضيره.

كيمياء الحليب: رؤى من روني باز

قدم خبير القهوة المعتمد من SCA، روني باز، بُعدًا علميًا للنقاش، موضحًا دور الحليب في تحقيق التوازن المثالي في الكوب. ومع أن الحليب يشكل أكثر من 60٪ من تركيبة الكابتشينو، أشار باز إلى أن محتواه العالي من الدهون والبروتينات يساعد في تحقيق القوام المثالي، بينما تضيف اللاكتوز الحلاوة الطبيعية. وانتقد باز استخدام الحليب طويل الأمد (UHT) في القهوة المختصة، واصفًا إياه بـ”الكسل البحت”، مؤكدًا على أهمية الحليب الطازج الكامل الدسم في تعزيز تجربة القهوة. كما أشار إلى تزايد الطلب على بدائل الحليب، مثل حليب الشوفان وفول الصويا، مع ملاحظة أنها غالبًا ما تفشل في تحقيق النتائج التي يقدمها الحليب الطازج.

الارتقاء بالحليب: معيار جديد للقهوة المختصة

أكد هذا النقاش حقيقة أساسية: الحليب ليس مجرد مكمل للقهوة، بل هو عنصر رئيسي يشكل التجربة الكاملة. وكشف الحوار عن عدة نقاط هامة:

  1. جودة الحليب غير قابلة للتفاوض: يعزز الحليب المحلي الطازج النكهة والقوام، بينما قد تؤدي العمليات الصناعية إلى الإضرار بكليهما.
  2. تقنيات التبخير ضرورية: التعامل الصحيح مع الحليب أمر أساسي لتحقيق القوام المطلوب والتوازن في النكهات.
  3. التوعية أمر ضروري: كما تثقف القهوة المختصة المستهلكين حول الحبوب، يجب أن تسلط الضوء أيضًا على أهمية الحليب في تقديم تجربة قهوة استثنائية.

في عالم القهوة، ندرك الحاجة إلى إعادة تعريف معايير القهوة المختصة من خلال منح الحليب التقدير الذي يستحقه. هذا النقاش هو مجرد بداية لحركة أوسع تهدف إلى ضمان أن يعكس كل عنصر من عناصر القهوة، من الحبة إلى الكوب، أعلى مستويات الجودة والعناية.

ندعوكم، قراءنا الأعزاء، للمساهمة في هذا الحوار المهم. شاركونا آرائكم عبر البريد الإلكتروني: news@qahwaworld.com، وانضموا إلينا في إعادة تشكيل مستقبل القهوة المختصة. معًا، دعونا نرتقي بكل كوب.

نشر في :