الإضافات والمكوّنات في معالجة القهوة بعد الحصاد.. هل تعيد تعريف هوية الحبوب الخضراء؟
مع تسارع الابتكار في قطاع القهوة المختصة، تبرز نقاشات حاسمة حول استخدام المكونات والإضافات في عمليات المعالجة بعد الحصاد. فبينما كانت رحلة حبة القهوة من الكرز إلى الحبوب الخضراء واضحة المعالم قبل عقدين، باتت اليوم محاطة بتقنيات تخمير دقيقة وتدخلات ميكروبية معقدة، تطرح تساؤلات حول الشفافية، والتصنيف، وتوقعات المستهلكين.
إنيو كانترجياني، مالك ومدير “أكاديمية القهوة” في سويسرا، يسلّط الضوء على هذا التحوّل الجذري، مشيرًا إلى أن “جمعية القهوة المختصة” تعتزم عقد اجتماع خاص في هيوستن نهاية شهر أبريل، لمناقشة هوية القهوة الخضراء، والدور المتنامي للمكوّنات والإضافات في تشكيل هذه الهوية.
بين “مساعدات المعالجة” وتعديلات النكهة: ما الهدف الحقيقي من الإضافة؟
في قلب هذا النقاش، تبرز الحاجة للتمييز بين “مساعدات المعالجة” والمكوّنات المضافة عمدًا لتعديل النكهة. مساعدات المعالجة هي مواد تُستخدم لتحسين كفاءة الإنتاج دون أن تبقى في المنتج النهائي، مثل الخمائر والبكتيريا المستخدمة في تفكيك الطبقة اللزجة، أو الإنزيمات، أو المواد المضادة للرغوة التي تمنع انسداد المعدات أثناء الغسل.
يقول كانترجياني: “إذا كان الهدف من إضافة الخمائر أو البكتيريا هو تحسين التناسق بين الدُفعات أو تسهيل عمليات الإنتاج، فإنها تُصنّف كمساعدات معالجة ولا حاجة للتصريح بها. أما إذا كان الهدف هو التأثير على النكهة، فهنا ننتقل إلى نوع مختلف من المعالجة يجب تسميته بوضوح، كـ‘معالجة بالتخمير الميكروبي’ أو ‘عملية التخمير باستخدام الخمائر والبكتيريا’”.
التخمير بدون إضافات: هل تبقى المساحة رمادية؟
تضيف عمليات مثل التخمير اللاهوائي والتخمير بالكربنة (Carbonic Maceration) مزيدًا من التعقيد. ورغم أنها لا تعتمد على إضافات خارجية باستثناء ثاني أكسيد الكربون في بعض الحالات، فإن هدفها الأساسي هو تعديل النكهة.
يؤكد كانترجياني: “هذه العمليات لا يمكن تصنيفها كمساعدات معالجة، بل هي أساليب تخمير موجّهة بنية محددة، ويجب تسميتها صراحة سواء كانت لاهوائية أو كربونية”.
بمعنى آخر، الأمر لا يتعلّق فقط باستخدام الميكروبات، بل بالهدف من استخدامها.
الحاجة إلى معايير واضحة
مع توسع المنتجين في استخدام تقنيات جديدة مثل “القهوة المنقوعة” و”المخمّرة مع الفاكهة أو المواد الأخرى” والتفاعلات الغازية أو السائلة مع الحبوب، تظهر حاجة مُلحّة لوضع مصطلحات موحدة في الصناعة تميز بين المعالجات التقليدية وتلك التي تعتمد على إضافات.
كانترجياني يشير إلى أن هذه الفئات الجديدة – مثل القهوة المنقوعة، أو المخمّرة مع العصائر (Mosto)، أو القهوة المُنكّهة – تحتاج إلى نقاش مستقل، وسيتناولها في منشورات لاحقة.
بين الابتكار والهوية
مع سعي قطاع القهوة المختصة إلى الحفاظ على الشفافية وتتبع المصدر والالتزام الأخلاقي، قد تمثل الإضافات في مرحلة ما بعد الحصاد تحديًا لهوية القهوة “الطبيعية” في أذهان المستهلكين. ومع ذلك، فإن الفوائد المحتملة على صعيد النكهة والجودة والتكيّف مع تغيّرات المناخ وسوق متقلب، تجعل الابتكار أمرًا لا يمكن تجاهله.
المطلوب اليوم ليس تقييد التجربة، بل توضيحها.