كيف يحمي الكافيين الحمض النووي ويكافح الإجهاد الخلوي
دبي 3 أغسطس 2025 – (قهوة ورلد) – توصلت دراسة علمية جديدة إلى أن الكافيين لا يقتصر فقط على منحه الشعور باليقظة، بل يمكن أن يكون له دور عميق في تعزيز استقرار الحمض النووي وحماية الخلايا من التلف تحت ظروف الضغط الجيني الشديد. وقد نُشرت هذه الدراسة في مجلة Nutrients المحكمة (المجلد 16، العدد 11، لعام 2024)، وكشفت عن أن الكافيين يفعل مسارات بقاء خلوية عبر آليتين حيويتين: تنشيط AMPK، وهو مستشعر الطاقة داخل الخلية، وتثبيط TORC1، وهو منظم رئيسي للنمو والاستجابة للإجهاد.
هذه النتائج تسلط الضوء على فوائد محتملة عميقة للكافيين تتجاوز التأثيرات المعروفة على التركيز والطاقة، وتشير إلى أنه قد يلعب دورًا في دعم الصحة الخلوية على المدى الطويل.
آلية مزدوجة لتعزيز البقاء الخلوي
أجرى الباحثون تجاربهم على نوع من الخميرة الانشطارية يُدعى Schizosaccharomyces pombe، وهو كائن حي نموذجي يُستخدم في الدراسات الجينية ويشترك في العديد من المسارات البيولوجية مع البشر. وقد أظهرت النتائج أن الكافيين يُحفّز آلية دفاع مزدوجة:
-
تنشيط AMPK: وهو إنزيم يلعب دورًا محوريًا في استشعار الطاقة داخل الخلية، ويُعزز البقاء في ظل نقص الطاقة أو الإجهاد.
-
تثبيط TORC1: وهو مركب مرتبط بالنمو الخلوي والشيخوخة، ويؤدي تثبيطه إلى توجيه الخلايا نحو وضعية الحماية الذاتية بدلاً من التكاثر.
وقد وجد الباحثون أن هذا التفاعل المزدوج يعزز قدرة الخلايا على البقاء والتعافي حتى عند تعرضها لمواد سامة للحمض النووي مثل الهيدروكسي يوريا، بل وحتى في خلايا تعاني من عيوب جينية في آليات الإصلاح المعتادة.
التكيف رغم تعطّل نقاط التفتيش
من أبرز ما كشفت عنه الدراسة هو قدرة الكافيين على تعزيز بقاء الخلايا حتى عند غياب “نقاط التفتيش” الجينية التي تراقب عادة تلف الحمض النووي. ففي الخلايا المعدلة جينياً والتي تفتقر إلى بروتينات مثل Rad3 وCds1، استمر الكافيين في تحفيز مسارات إنقاذ بديلة سمحت للخلايا بالتكيف والبقاء.
ويُطلق العلماء على هذه الظاهرة اسم النجاة الخلوية المستقلة عن نقاط التفتيش، وهي تشير إلى قدرة استثنائية على التكيف في الظروف القاسية، وهي خاصية مهمة في سياق الشيخوخة والأمراض التنكسية.
هل تنطبق النتائج على البشر؟
صحيح أن الدراسة أُجريت على الخميرة، إلا أن المسارين AMPK وTORC1 يُعدان من المسارات المحفوظة تطورياً وتوجد لدى الثدييات، بما في ذلك البشر. وتُستخدم هذه المسارات بالفعل في أبحاث الشيخوخة، وأمراض القلب، والسكري، وحتى السرطان.
وتعني هذه النتائج أن تناول القهوة قد يكون له أثر فعلي على صحة الإنسان، ليس فقط على المدى القصير في تحسين التركيز، بل أيضًا في المدى الطويل في دعم قدرة الخلايا على البقاء ومقاومة التلف.
“يُعزز الكافيين استقرار الجينوم من خلال آليات مستقلة عن نقاط التفتيش، عبر تنشيط AMPK وتثبيط TORC1″، بحسب ما ورد في نص الدراسة.
استمرارية العادات الصحية أهم من الحيل السريعة
في عصر تكثر فيه النصائح السريعة والحلول المؤقتة، تؤكد هذه الدراسة أن الاستمرارية في العادات الصحية مثل تناول كوب يومي من القهوة قد تكون ذات أثر فعّال في دعم الصحة الجزيئية. فعندما يُضاف الكافيين إلى نمط حياة يشمل نشاطًا بدنيًا ونظامًا غذائيًا متوازنًا، يصبح جزءاً من بروتوكول شامل لتعزيز مقاومة الخلايا والتقدم في العمر بصحة أفضل.
القهوة لم تعد مجرد مشروب لليقظة — بل أصبحت، وفقاً لهذه الأدلة، جزءًا من نظام يومي يحمي الحمض النووي ويُعزز قدرة الجسم على التكيف مع تحديات الحياة.
المصدر:
Yamamoto, R., Miyabe, I., & Matsumoto, S. (2024).
Caffeine Promotes Genome Stability via a Dual Inhibition of TOR and Activation of AMPK Pathways in Fission Yeast.
Nutrients, 16(11), 3232. https://doi.org/10.3390/nu16113232