سوق القهوة في الصين يبلغ 25 مليار دولار وصعود قوة عالمية جديدة
- في وقت تتحول فيه الصين إلى لاعب رئيسي في عالم القهوة، يكشف هذا التقرير كيف تمكنت من بناء سوق قهوة تبلغ قيمته 25 مليار دولار، مع مزيج فريد من الابتكار التكنولوجي والتحول الثقافي. من مزارع يونان إلى مقاهي الميتافيرس، تعالوا نكتشف معًا كيف تعيد الصين رسم مستقبل القهوة العالمي.
في مرتفعات مقاطعة يونان المكسوة بالضباب، تتكشف ملامح ثورة زراعية هادئة. فبعد أن كانت الصين معروفة بزراعة الشاي، أصبحت اليوم تاسع أكبر منتج للقهوة عالميًا، وأسرع أسواقها نموًا على الإطلاق.
تُقدّر قيمة سوق القهوة الصيني في عام 2025 بحوالي 25 مليار دولار، مع نمو سنوي مركب بلغ 12%، ما يجعل الصين لاعبًا رئيسيًا يعيد تشكيل تجارة القهوة العالمية ويغير من ملامح ثقافتها الاستهلاكية.
في الحقول المدرجة بمقاطعة يونان، يقطف لي وي، البالغ من العمر 58 عامًا، حبات قهوة ناضجة وهو يقول:
“كان جدي يزرع الشاي هنا، أما أنا، فحبوب قهوتي تدفع مصاريف دراسة ابني.”
اليوم، تنتج يونان ما يقارب 2.5 مليون كيس قهوة سنويًا، وهو ما يغطي نحو نصف احتياجات شبكة متاجر لاكين كوفي البالغ عددها 15,000 متجر.
رغم هذا النجاح، يبقى العائد للمزارعين محدودًا؛ إذ لا تتجاوز أرباح الكيلوغرام الواحد من البن 8 يوانات (حوالي 1.1 دولار أمريكي)، مقارنة بأسعار اللاتيه في المدن الكبرى.
بيانات رئيسية:
95% من إنتاج القهوة في الصين يتركز في مقاطعة يونان.
نسبة الاعتماد على البن المحلي ارتفعت من 20% عام 2020 إلى 40% عام 2025.
حرب التطبيقات
في قلب شنغهاي النابض، تجاوزت المعركة بين سلاسل القهوة حدود المتاجر، لتنتقل إلى الهواتف الذكية.
تطبيق لاكين كوفي، المستخدم من قبل 80 مليون شخص شهريًا، يعتمد على الذكاء الاصطناعي لتوقع الطلبات مسبقًا.
أما ستاربكس، فابتكرت عضويات قائمة على الرموز غير القابلة للاستبدال (NFTs) تقدم امتيازات افتراضية لزبائنها.
في المقابل، دخلت بايت دانس، الشركة الأم لتطبيق “دويوين”، حلبة المنافسة من خلال علامتها التجارية “جينري كوفي”، التي تبيع أكثر من 5 ملايين كوب قهوة يوميًا عبر حملات البث المباشر.
اقتباس:
“لم تعد القهوة تتعلق بالنكهة فقط، بل بمن يسيطر على الخوارزميات”، يقول محلل التكنولوجيا تشانغ لي.
الريف الصيني
خارج المراكز الحضرية الكبرى، تشهد المناطق الريفية طفرة قهوة من نوع مختلف.
في إحدى بلدات مقاطعة أنهوي، تسجل وانغ هوا، صاحبة متجر بقالة، ارتفاعًا في مبيعات القهوة سريعة التحضير بين عمال المصانع.
آلات البيع الذكية تقدم لاتيه حليب الشوفان مقابل 5 يوانات (0.70 دولار)، ما ساهم في زيادة مبيعات القهوة الجاهزة للشرب بنسبة 200% في مدن الدرجة الرابعة منذ عام 2023.
أرقام لافتة:
انتشار القهوة في الريف الصيني ارتفع إلى 10% عام 2025 مقارنة بـ 2% عام 2020.
45% من الطلبات اليوم تعتمد على حليب النباتات بدلاً من الحليب التقليدي.
الجانب المظلم
وراء هذا النمو السريع، تختبئ تحديات بيئية خطيرة.
فمعالجة كيلوغرام واحد من القهوة في يونان تستهلك نحو 120 لترًا من المياه — أي أكثر بنسبة 50% من المعدل العالمي.
تعرضت المحاصيل لضربات قاسية مع الجفاف المتكرر، حيث انخفض الإنتاج بنسبة 15% عام 2024، مما دفع شركات مثل ستاربكس إلى تمويل أنظمة ري ذكية تعتمد على الذكاء الاصطناعي.
ورغم كل هذا، لا يتمتع سوى 5% من المزارعين بامتيازات التجارة العادلة أو العلاوات البيئية.
تصريح:
“يحدثوننا عن أهمية الاستدامة، لكن من يدفع ثمنها؟” يتساءل لي وي بحسرة.
قهوة مخصصة بالجينات
تشير التوقعات إلى أن سوق القهوة في الصين سيصل إلى 45 مليار دولار بحلول عام 2030.
ويبدو أن الابتكار سيكون العنوان الأبرز للمرحلة القادمة:
-
روبوتات الباريستا ستخدم الزبائن في 20% من مقاهي المدن الكبرى.
-
إطلاق مشروع “DNA كوفي” من لاكين، حيث يتم تحضير قهوة مصممة بناءً على التركيبة الجينية للزبون.
-
مقاهي الميتافيرس من تينسنت تتيح تجربة احتساء قهوة جيشا الافتراضية واقتناء أعمال NFT الفنية.
رحلة القهوة في الصين ليست مجرد قصة نمو اقتصادي، بل قصة تحول ثقافي شامل.
من الحقول المدرجة في يونان إلى ناطحات السحاب في شنتشن، تمثل القهوة اليوم مزيجًا مذهلًا بين التقاليد والابتكار.
وفيما كانت الصين يومًا مستوردة للقهوة وثقافتها، أصبحت اليوم قوة عظمى تفرض رؤيتها الخاصة على مستقبل القهوة عالميًا.