القهوة والإسبرسو.. مقارنة شاملة بين أسلوبين لتحضير المشروب الأشهر في العالم
رغم أن القهوة والإسبرسو يُحضّران من نفس حبوب البن، فإن بينهما فروقًا جوهرية تتعلق بدرجة الطحن، ونسبة الماء إلى البن، وطريقة التحضير، وحجم التقديم، والتركيز، وحتى الاستخدامات. هذه المقارنة تهدف إلى توضيح الفروقات الدقيقة بين الأسلوبين، لا إلى المفاضلة بينهما.
الأصل والتاريخ
الإسبرسو طريقة حديثة نسبيًا في عالم القهوة، نشأت في إيطاليا مطلع القرن العشرين، عندما ابتكر لويجي بيتزيرا أول آلة تضخ الماء الساخن بضغط عالٍ لاستخلاص القهوة بسرعة. في المقابل، القهوة المفلترة أو المقطرة تُعد أقدم، وتعتمد على تقطير الماء الساخن عبر البن المطحون بالجاذبية دون ضغط.
طريقة التحضير
-
القهوة التقليدية تُحضّر بنسبة 1:18 (جزء من البن مقابل 18 جزءًا من الماء)، وباستخدام طحن متوسط إلى خشن. يستغرق الاستخلاص عدة دقائق، ما يمنح كوبًا ذا تركيز خفيف ونكهة متوازنة.
-
الإسبرسو يُحضَّر بنسبة 1:2، باستخدام طحن ناعم جدًا، ويُستخلص خلال أقل من 30 ثانية تحت ضغط يصل إلى 9 أضعاف الضغط الجوي، ما ينتج مشروبًا مركزًا وقوي النكهة، تعلوه طبقة كريمية تُعرف بـ”الكريما”.
التحميص والطحن
-
القهوة تُحضَّر من حبوب مُحمصة بدرجات مختلفة (فاتحة، متوسطة، داكنة) حسب نوع التخمير.
-
الإسبرسو يعتمد غالبًا على التحميص الداكن والطحن الناعم جدًا ليناسب الضغط العالي المستخدم في الآلات.
الكافيين والحجم
-
القهوة تُقدَّم عادة في أكواب بحجم 6 إلى 10 أونصات.
-
الإسبرسو يُقدَّم في جرعة مركزة بحجم 1 إلى 2 أونصة.
-
يحتوي كل أونص من القهوة العادية على نحو 12 ملغرامًا من الكافيين، بينما يحتوي كل أونص من الإسبرسو على حوالي 63 ملغرامًا.
-
توصي إدارة الغذاء والدواء الأمريكية بعدم تجاوز 400 ملغرام من الكافيين يوميًا، أي ما يعادل نحو 6 لقطات إسبرسو أو 3 أكواب كبيرة من القهوة.
النكهة
-
القهوة العادية تمتاز بنكهة متوازنة تميل إلى النعومة، وتُظهر ملاحظات زهرية، حمضية أو فاكهية، حسب نوع الحبوب والمعالجة.
-
الإسبرسو يمتاز بنكهات مركزة وغنية، غالبًا ما تحتوي على ملاحظات الشوكولاتة الداكنة، الكراميل، التوابل، والمكسرات.
الاستخدامات
-
القهوة العادية تُشرب غالبًا كما هي، أو مع إضافات مثل الحليب أو السكر أو النكهات، وتُقدَّم أيضًا باردة أو بطريقة “كولد برو”.
-
الإسبرسو يُستخدم كأساس لمجموعة واسعة من المشروبات:
-
أمريكانو: إسبرسو + ماء ساخن
-
لاته: إسبرسو + حليب مبخر + طبقة خفيفة من الرغوة
-
كابتشينو: إسبرسو + كميات متساوية من الحليب والرغوة الكثيفة
-
فلات وايت: إسبرسو + حليب ناعم مخملي
-
ماكياتو: إسبرسو + نقطة من رغوة الحليب
-
أفوجاتو: إسبرسو يُسكب فوق آيس كريم الفانيلا
-
رِد آي: فنجان قهوة عادية + لقطة إسبرسو
-
القهوة المختصة والموجة الثالثة
في ظل تطور “الموجة الثالثة للقهوة”، بات كل من القهوة والإسبرسو يُحضّران بدقة علمية، مع اهتمام كبير بتفاصيل مثل: نوع الحبوب، الارتفاع عن سطح البحر، طرق المعالجة، درجة الطحن، حرارة الماء، وزن الجرعة، ووقت الاستخلاص. الهدف هو إبراز ما يُعرف بـ”الترُوار” أو “مذاق المكان” الذي زُرعت فيه الحبوب.
الفوائد الصحية والخيارات الخالية من الكافيين
القهوة، بجميع أشكالها، غنية بمضادات الأكسدة، وقد أظهرت دراسات متعددة ارتباط استهلاكها المعتدل بتحسين الأداء العقلي، وتنشيط الأيض، وتقليل خطر الإصابة ببعض الأمراض المزمنة. كما تتوفر اليوم أنواع منزوعة الكافيين باستخدام طرق طبيعية مثل “المعالجة بالمياه السويسرية”، دون التأثير على جودة النكهة.
الخلاصة
الإسبرسو والقهوة كلاهما طريقتان مميزتان لتحضير نفس الحبوب، لكن بأسلوب مختلف في الاستخلاص والنكهة والتركيز. فهم الفروقات بينهما لا يهدف إلى تحديد الأفضل، بل إلى تعميق التقدير لهذا المشروب العالمي الغني بالثقافة والتنوع والذوق الرفيع.