هل تهدد اتفاقية إزالة الغابات في الاتحاد الأوروبي مستقبل مزارعي القهوة في بيرو؟
في خطوة تهدف إلى تعزيز الاستدامة ومكافحة إزالة الغابات عالميًا، أقرّ الاتحاد الأوروبي اتفاقية جديدة تُعرف بـ”اتفاقية إزالة الغابات” (EUDR)، تمنع استيراد السلع المرتبطة بإزالة الغابات مثل القهوة والكاكاو وفول الصويا. ورغم الترحيب الواسع بهذه الخطوة من قبل نشطاء البيئة، إلا أن تداعياتها على مزارعي القهوة الصغار في مناطق نائية مثل إقليم أمازوناس في بيرو تثير القلق.
تُعدّ منطقة أمازوناس من أبرز المناطق المنتجة للقهوة في بيرو، حيث يُصدر نحو 39% من إنتاجها إلى دول الاتحاد الأوروبي. لكن معظم المزارعين في هذه المنطقة يمتلكون أراضٍ صغيرة ويعملون بإمكانيات محدودة وبلا دعم يُذكر. ووفقًا لما كشفته الصحفية ماريا باز لوبو بعد لقائها بعدد من هؤلاء المزارعين، فإنّ الغالبية العظمى لم تسمع أصلاً عن اتفاقية EUDR، مما يجعلهم مهددين بالإقصاء من الأسواق الأوروبية بسبب متطلبات التتبع والشفافية المعقدة التي تفرضها الاتفاقية.
تنظيم أوروبي لا يراعي الواقع المحلي
تشترط الاتفاقية الجديدة تقديم بيانات جغرافية دقيقة لإثبات أن القهوة المنتجة لم تُزرع على أراضٍ أزيلت منها الغابات بعد تاريخ 31 ديسمبر 2020. إلا أن هذا الشرط يتطلب تقنيات ومهارات إدارية لا تتوفر لمزارعين يعيشون في مناطق نائية، بالكاد تصلهم خدمات الكهرباء والاتصالات.
وتنبع أسباب إزالة الغابات في أمازوناس من عوامل متشابكة، أبرزها الفقر، وغياب الحيازة القانونية للأراضي، والحاجة إلى زراعة غذاء يكفي الأسرة، لا من التوسع الزراعي الجائر كما يفترض القانون الأوروبي. كما يعتمد بعض المزارعين أنظمة الزراعة المختلطة (أجروفورستري)، التي تحافظ على الأشجار ضمن المزرعة، لكنها لا تحظى باعتراف رسمي في نظام التتبع الأوروبي.
“الاتفاقية تهدف للحد من إزالة الغابات، لكنها لا تفهم حقيقة ما يجري على الأرض،” يقول أحد الخبراء الزراعيين المحليين. “في أمازوناس، غالبًا ما تكون إزالة الأشجار اضطرارية وليست متعمدة.”
عواقب عكسية بدأت بالظهور
مع اقتراب الموعد النهائي لدخول الاتفاقية حيز التنفيذ في ديسمبر 2024، يواجه المزارعون الصغار خطر خسارة أسواقهم الأوروبية بسبب عدم قدرتهم على تلبية المتطلبات الجديدة. وقد يدفعهم ذلك للتحول إلى زراعة محاصيل لا تخضع لهذه القيود، والتي قد تكون أكثر ضررًا على البيئة.
بعض الخبراء يحذرون من أن الاتفاقية ستُعمّق الفجوة بين المزارع الصغيرة غير المنظمة، والمزارع الكبرى التي تملك الأدوات والتقنيات اللازمة للامتثال السريع.
نحو استدامة أكثر شمولًا
يطالب الكثيرون الآن بإعادة النظر في آلية تطبيق الاتفاقية. من بين المقترحات تقديم دعم تقني ومالي مباشر للمزارعين، وتبني أطر محلية مرنة تُراعي الخصوصية البيئية والاجتماعية لكل منطقة، إضافة إلى الاعتراف الرسمي بأنظمة الزراعة التقليدية مثل الزراعة المختلطة.
ويؤكد أحد ممثلي التعاونيات الزراعية في أمازوناس: “الاستدامة هدفٌ مهم، لكن لا يمكن تحقيقه عبر تحميل المزارعين الصغار كامل العبء. نحن بحاجة إلى خطط انتقالية عادلة وشاملة.”
هل تُحقق الاتفاقية هدفها؟
رغم أن اتفاقية إزالة الغابات تُجسد توجّهًا عالميًا نحو تجارة أكثر مسؤولية بيئيًا، إلا أن نجاحها يعتمد على قدرتها في إشراك المجتمعات الزراعية الهشة بدلًا من تهميشها.
فإذا أراد العالم حقًا الوصول إلى استدامة حقيقية في سلاسل توريد القهوة، فيجب أن تترافق السياسات البيئية مع سياسات إنصاف اجتماعي واقتصادي. لأن حماية الغابات لا يجب أن تأتي على حساب سبل عيش أولئك الذين يزرعون البن في قلبها.
- بواسطة : Qahwa World
- على :
آخر المشاركات
- هل تهدد اتفاقية إزالة الغابات في الاتحاد الأوروبي مستقبل مزارعي القهوة في بيرو؟
- ما هي اتفاقية القهوة الدولية 2022؟ وما الذي تغير فيها؟
- النرويج تُصادق رسميًا على اتفاقية القهوة الدولية 2022 وتُعزز التعاون العالمي في قطاع القهوة
- القضاء الأمريكي يُغرّم شركة 31 مليون دولار بسبب فشلها في توريد القهوة
- المقاهي الأوروبية تسجل أعلى معدل نمو منذ خمس سنوات رغم ارتفاع التكاليف