Site icon عالم القهوة

تقرير “أسس للعمل” لعام 2024: تحليل التقدم في استدامة قطاع القهوة

يقدم تقرير “أسس للعمل” الصادر عن تحدي القهوة المستدامة لعام 2024 لمحة عن الإنجازات والتحديات التي يواجهها القطاع العالمي للقهوة في مسيرته نحو تحقيق الاستدامة. يكشف التقرير هذا العام عن تقدم مشجع في عدة جوانب، إلى جانب تسليط الضوء على مجالات تحتاج إلى المزيد من التركيز، حيث يسعى القطاع إلى تحقيق الأهداف المشتركة المحددة لعام 2025.

يعتبر تحدي القهوة المستدامة تحالفًا نابضًا بالحياة يضم 122 شريكًا من مختلف قطاعات صناعة القهوة، بهدف تحويل القهوة إلى أول منتج زراعي مستدام تمامًا في العالم. من خلال مواءمة استراتيجيات الصناعة مع الأهداف البيئية والاجتماعية، يتابع التحدي التزامات الأطراف الفاعلة الرئيسية لقياس التقدم وتحفيز العمل الجماعي.

النتائج الرئيسية لتقرير 2024

65% من الأطراف المعنية أبلغت عن تقدم سنوي

من أبرز نتائج التقرير أن 65% من الأطراف المعنية أبلغت عن تقدم في التزاماتها لهذا العام، مما يمثل زيادة كبيرة بنسبة تتجاوز الربع مقارنةً بالتقرير السابق. يعكس هذا التقدم الزخم المتزايد مع تسريع الأطراف لجهودها في مجال الاستدامة، مدفوعةً بضغط الصناعة والمتطلبات التنظيمية الجديدة.

يعكس هذا الاتجاه التصاعدي أن المزيد من الشركات والمنظمات بدأت في دمج الاستدامة في عملياتها الأساسية. ومع ذلك، يظل هذا التقدم تذكيرًا بأن القطاع يحتاج إلى تكثيف جهوده إذا كان يرغب في تحقيق أهداف عام 2025.

التركيز على الطبيعة: 50% من الالتزامات العامة

نصف الالتزامات العامة التي قدمتها الأطراف تركز على الطبيعة، مما يعكس زيادة الوعي المتزايد بدور الاستدامة البيئية في قطاع القهوة. يمثل هذا زيادة سنوية بنسبة 40% في الالتزامات التي تجعل من البيئة محورًا رئيسيًا لاهتمامها، وهو ما يعكس توافقًا متزايدًا بين ممارسات الصناعة والجهود العالمية لمواجهة التغير المناخي.

تشمل هذه الالتزامات عادةً ممارسات مثل الحفاظ على الغابات، وحماية التنوع البيولوجي، وتعزيز مبادرات مقاومة تغير المناخ. في الواقع، تعتبر التدخلات المتعلقة بالحفاظ على الغابات وإعادة زراعتها الأكثر شعبية بين الأطراف، حيث تمثل 41% من إجمالي الالتزامات، تليها مبادرات التغير المناخي بنسبة 37%. هذا التركيز على الطبيعة يعكس استجابة الصناعة للتحديات المتعلقة بتغير المناخ والتشريعات الجديدة مثل تشريعات الاتحاد الأوروبي الخاصة بعدم إزالة الغابات.

التزامات جديدة تركز على التنوع البيولوجي والمياه العذبة

منذ عام 2023، تم إطلاق خمسة التزامات جديدة تركز على التنوع البيولوجي أو الحفاظ على موارد المياه العذبة. تعكس هذه الالتزامات فهمًا أوسع للقضايا البيئية المتعددة التي تؤثر على قطاع القهوة. وقد اكتسبت مسألة الحفاظ على موارد المياه العذبة أهمية خاصة، حيث تقع دول “حزام القهوة” في مناطق تعاني من ندرة المياه أو تلوثها.

تأثير يمتد إلى 51 دولة

تشمل الالتزامات المدرجة في التقرير 51 دولة عبر “حزام القهوة”، من أمريكا اللاتينية إلى إفريقيا وجنوب شرق آسيا. يعكس هذا الانتشار العالمي تأثير تحدي القهوة المستدامة، حيث يتم اتخاذ إجراءات لمعالجة المخاوف البيئية والاستدامة في سياقات جغرافية متنوعة.

الحاجة إلى توجيه وزيادة الشفافية

ومع ذلك، يشير التقرير إلى حاجة ملحة لتحسين هذه الجهود. يعتمد ما يقارب 48% من الالتزامات على تقارير ذاتية تستند إلى مصادر داخلية (من الأطراف الأولى)، مما يثير التساؤلات حول موثوقية البيانات ويدعو إلى تعزيز إجراءات التحقق من طرف ثالث. ومع تزايد تعقيد الصناعة، تزداد الحاجة إلى أنظمة تقارير شفافة وموحدة لضمان مصداقية وموثوقية ادعاءات الاستدامة.

المساهمة في أهداف 2025 وحالة التقدم

يعد 81% من الالتزامات المقدمة تساهم مباشرةً في تحقيق الأهداف المشتركة لعام 2025. على الرغم من أن هذه نسبة إيجابية، إلا أن هناك حاجة لمزيد من العمل. يبلغ متوسط تحقيق الأهداف لعام 2025 حوالي 38.5%، مما يعكس الحاجة إلى تكثيف الجهود في السنوات القادمة لتحقيق هذه الأهداف الطموحة التي وضعت في عام 2020.

تشمل هذه الأهداف جوانب رئيسية في الاستدامة، وهي: “الناس”، و”الكوكب”، و”القهوة”، و”الأسواق”. وتهدف إلى تحويل قطاع القهوة ليصبح قطاعًا يحافظ على الاستدامة البيئية والاجتماعية على المدى الطويل.

تحديات الحفاظ على الغابات

يعد الحفاظ على الغابات وإعادة زراعتها من أهم الأهداف البيئية التي يسعى تحدي القهوة المستدامة لتحقيقها. وضع التحدي هدفًا لاستعادة 1.5 مليون هكتار من الغطاء الشجري، وحماية 500,000 هكتار من الغابات بحلول عام 2025. حتى الآن، تم تحقيق 24% فقط من هدف استعادة الغابات، و24% من هدف حماية الغابات. على الرغم من الجهود الكبيرة، لا يزال العديد من الأطراف يواجه صعوبات في قياس التأثير البيئي طويل الأمد لهذه الإجراءات.

دور تغير المناخ

يبقى تغير المناخ أحد أكبر التحديات التي تواجه صناعة القهوة. مع تركيز 37% من الالتزامات على المبادرات المتعلقة بالمناخ، يدرك الأطراف بشكل متزايد أهمية الحد من المخاطر المناخية. تتعرض دول “حزام القهوة” بالفعل لتأثيرات تغير المناخ، حيث تؤثر أنماط الطقس غير المستقرة والأحداث المناخية القاسية مثل الجفاف والفيضانات على الإنتاج وتهدد سبل معيشة مزارعي القهوة.

تروج حلول مبتكرة مثل زراعة أصناف قهوة مقاومة للمناخ، والزراعة المستدامة، والزراعة التجديدية كوسائل للتصدي لهذه التحديات. ومع ذلك، يشدد التقرير على ضرورة تكثيف هذه الجهود، لا سيما في المناطق المعرضة للخطر.

استجابة تنظيمية لصناعة القهوة

تواجه صناعة القهوة ضغوطًا تنظيمية متزايدة لمعالجة تأثيراتها البيئية والاجتماعية. تدفع التشريعات الأساسية، مثل تشريعات الاتحاد الأوروبي الخاصة بعدم إزالة الغابات، الشركات إلى تبني معايير صارمة في مصادرها والإبلاغ عن تأثيراتها البيئية. تعكس العديد من الالتزامات المذكورة في التقرير هذه التشريعات الجديدة، مما يعكس تأثير العوامل الخارجية المتزايدة على استراتيجيات الاستدامة الخاصة بالشركات.

فرص المستقبل

ينظر التقرير إلى المستقبل بتفاؤل، مؤكدًا على الحاجة إلى العمل الجماعي وزيادة الاستثمارات لتحقيق الأهداف لعام 2025. بينما تم إحراز تقدم، يدعو التقرير إلى التحول من “تقليل الأضرار” إلى “إحداث تأثير إيجابي” من خلال تبني آليات تمويل مبتكرة تستهدف المناخ والحلول القائمة على الطبيعة.

يشجع التحدي الأطراف المعنية على تكثيف جهودها لتحقيق التزاماتها، وتوسيع تركيزها، وقيادة الصناعة نحو نتائج استدامة أكثر طموحًا. من خلال الاستفادة من الشراكات، وزيادة الشفافية، والاستثمار في المبادرات الميدانية، يمكن لقطاع القهوة تحقيق فرص كبيرة لتعزيز المرونة البيئية والاجتماعية على المدى الطويل.

الخلاصة: لحظة حاسمة لقطاع القهوة

يظهر تقرير “أسس للعمل” أن الصناعة في مفترق طرق. بينما هناك أدلة واضحة على التقدم، إلا أن الوتيرة يجب أن تتسارع إذا كان قطاع القهوة يرغب في تحقيق أهداف الاستدامة لعام 2025. مع تزايد المطالب التنظيمية، وارتفاع وعي المستهلك، والتأثيرات الملموسة لتغير المناخ، يمتلك قطاع القهوة فرصة فريدة لتحويل نفسه إلى قوة رائدة في الحفاظ على البيئة وخدمة المجتمعات.

Exit mobile version