A young woman with long brown hair drinks from a white coffee mug at night, her face lit by warm indoor light while blurred city lights glow behind her. She appears focused and slightly tense, reflecting a contemplative or alert mood.
Image Credit- qahwaworld.com

شرب القهوة ليلًا قد يجعلك أكثر تهورًا.. دراسة تكشف تأثيرًا غير متوقع

دبي، 6 أغسطس 2025 – (قهوة ورلد) – بالنسبة للكثيرين، تُعد القهوة رفيقة السهر والعمل الليلي، وسلاحًا يوميًا لمحاربة النعاس. لكن دراسة علمية حديثة أجرتها جامعة تكساس في إل باسو (UTEP) قد تدفعنا إلى إعادة النظر في هذا الطقس الليلي الشائع.

فقد أظهرت الدراسة، المنشورة في مجلة iScience العلمية، أن استهلاك الكافيين خلال ساعات الليل يؤدي إلى زيادة السلوك الاندفاعي لدى ذبابة الفاكهة (Drosophila melanogaster)، وهي كائن نموذجي يستخدم على نطاق واسع في الأبحاث العصبية والسلوكية. وتشير النتائج إلى أن تناول الكافيين ليلاً قد يُضعف القدرة الطبيعية على كبح السلوكيات المتهورة، وهي نتيجة قد تكون لها دلالات على البشر أيضًا، خاصة العاملين في مجالات تتطلب تركيزًا وتحكمًا نفسيًا عاليًا.

الذبابة كمرآة للدماغ البشري

قاد فريق الدراسة كل من الدكتور إيريك سالديس، والدكتور بول ساباندال، والبروفيسورة كيونغ-آن هان، حيث اختاروا ذبابة الفاكهة كنموذج تجريبي، نظرًا للتشابه الكبير بين بنيتها الجينية والعصبية وتلك الموجودة لدى البشر. وبهذا، أتاحت الدراسة للعلماء نافذة لفهم تأثير الكافيين على السلوك، ولكن من منظور بيولوجي دقيق ومضبوط.

أجريت التجارب عبر إدخال الكافيين في النظام الغذائي للذباب بجرعات مختلفة، ثم رُصدت استجاباتها السلوكية عند التعرّض لمحفز مزعج يتمثل في تيار هوائي قوي. وكانت النتيجة أن الذباب الذي تناول الكافيين ليلاً أظهر سلوكًا متهورًا، حيث لم يتمكن من كبح حركته على النحو الطبيعي، وواصل الطيران رغم التعرّض للهواء القوي، في حين أن الذباب الذي تناول الكافيين خلال النهار لم يُظهر هذا السلوك.

أهمية التوقيت في تناول الكافيين

يعلّق الدكتور بول ساباندال قائلاً: “نميل إلى اعتبار الكافيين مجرد منبّه بسيط، لكن الحقيقة أن توقيت تناوله يغيّر من تأثيره. فخلال الليل، يبدو أن الكافيين يُحدث تداخلاً في الآليات العصبية المرتبطة بضبط النفس والاستجابة للمحفزات غير المرغوبة.”

فروق واضحة بين الذكور والإناث

من اللافت في نتائج الدراسة، أن إناث الذباب أبدين سلوكًا اندفاعيًا أقوى بكثير من الذكور، على الرغم من تساوي مستويات الكافيين في أجسامهن. ويعزز هذا الاكتشاف احتمالية وجود عوامل فيزيولوجية أو وراثية خاصة بالإناث تزيد من تأثرهن بالكافيين، رغم أن ذباب الفاكهة لا يملك الهرمونات البشرية مثل الإستروجين، مما يرجّح وجود آليات بيولوجية أخرى مسؤولة عن هذه الفروق.

الدوبامين في صميم السلوك الاندفاعي

ربطت الدراسة التأثيرات السلوكية للكافيين بمسارات الدوبامين في الدماغ، وهو ناقل عصبي يُعرف بدوره في التحكم بالحوافز والمكافأة والسلوك. وقد لوحظ أن الذباب الذي فُقِدت لديه القدرة على تصنيع أو إفراز الدوبامين لم يُظهر أي سلوك اندفاعي بعد تناول الكافيين، مما يشير إلى أن الكافيين يعمل عبر تنشيط هذه المسارات العصبية تحديدًا.

علاوة على ذلك، تمكّن الباحثون من تحديد منطقة محددة في دماغ الذباب تُعرف باسم “عنقود PAM العصبي”، والتي تبيّن أنها المسؤولة عن التأثير المُنبّه للكافيين. وعند تنشيط هذه المنطقة اصطناعيًا باستخدام تقنيات حرارية، قلّ نوم الذباب حتى دون استهلاك الكافيين، مما يعزز فكرة أن هذا العنقود العصبي هو المحور الأساسي لتأثير الكافيين الليلي.

هل تنطبق هذه النتائج على البشر؟

رغم أن الدراسة نُفذت على الذباب، إلا أن الباحثين يعتقدون أن نتائجها قد تكون ذات صلة بالبشر، خاصة أولئك الذين يستهلكون الكافيين ليلاً ضمن بيئات عمل تتطلب التركيز والهدوء، مثل العاملين في القطاعات الطبية أو الأمنية أو في ورديات العمل الليلية.

تحذر البروفيسورة هان قائلة: “نتائجنا تُبرز جانبًا خفيًا في استهلاك الكافيين الليلي. صحيح أنه يُبقيك مستيقظًا، لكنه قد يُضعف قدرتك على التحكم في سلوكك واستجابتك للمواقف الحرجة. الأمر يستحق التوقف عنده، خاصة في سياقات العمل الحساسة.”

الخلاصة: لكل فنجانٍ وقته

في قهوة ورلد، نُقدّر القهوة بما تحمله من رمزية ثقافية وتجربة حسية ومعرفية. لكنّ هذه الدراسة تضيف بُعدًا جديدًا لم يسبق التطرّق إليه بوضوح: توقيت شرب القهوة لا يقل أهمية عن نوعها أو كميتها. فهناك لحظة مناسبة لكل فنجان، وقد يكون الليل أحيانًا وقتًا غير مناسب.

الرسالة العلمية واضحة: حتى الكافيين، رغم شعبيته، لا يعمل بمعزل عن الساعة البيولوجية. ومتى ما اختل توقيت استهلاكه، فإن تأثيره قد يتجاوز مجرّد السهر، ليبلغ مناطق أعمق في الدماغ والسلوك.

أبرز النقاط:

  • الكافيين الليلي يزيد من السلوك الاندفاعي لدى الذباب.

  • التأثير مرتبط بمسارات الدوبامين العصبي وبمناطق دماغية محددة.

  • الإناث أظهرن حساسية أعلى للكافيين من الذكور.

  • توقيت شرب القهوة قد يكون أكثر أهمية من كميتها.

  • النتائج قد تكون ذات دلالة للعاملين في الورديات الليلية أو المهن الحساسة.

Spread the love
نشر في :
WhatsApp Icon