شهد كينيا انتعاشًا ملحوظًا في قطاع القهوة خلال الموسم التسويقي 2025/2026، مع ارتفاع متوقع في الإنتاج بنسبة 13.3% ليصل إلى 850 ألف كيس، بدعم من الأسعار العالمية المرتفعة وبرامج الدعم الحكومي والإصلاحات المؤسسية. كما يُتوقع أن ترتفع الصادرات بنسبة 10%، مع نمو الاستهلاك المحلي بنسبة 6.9%. ومع هذه المؤشرات الإيجابية، تعود كينيا إلى واجهة الأسواق العالمية كواحدة من أبرز الدول المنتجة للبن العربي عالي الجودة.
أسعار مرتفعة وممارسات محسّنة تدفع قطاع القهوة في كينيا للنمو
وفقًا للتقرير السنوي الصادر عن وزارة الزراعة الأميركية في مايو 2025، من المتوقع أن ترتفع إنتاجية القهوة في كينيا بنسبة 13.3% في الموسم التسويقي 2025/2026، لتصل إلى 850 ألف كيس، مقارنة بـ750 ألف كيس في الموسم السابق. ويُعزى هذا النمو إلى تحسّن الممارسات الزراعية، وزيادة استخدام الأسمدة، وتحسين مكافحة الآفات، بدعم من ارتفاع الأسعار العالمية للقهوة.
سجّل متوسط سعر القهوة في بورصة نيروبي للقهوة (NCE) في فبراير 2025 مستوى قياسيًا بلغ 363 دولارًا للكيس (50 كغ)، مقارنة بـ254 دولارًا في أكتوبر 2024. ورغم توقع تصحيح طفيف في الأسعار في النصف الثاني من العام، إلا أن الأسعار ما تزال في مستويات تحفيزية للمزارعين.
توسع تدريجي في المساحات المزروعة
رغم ثبات المساحة المحصودة عند 105 آلاف هكتار، يُتوقع أن ترتفع المساحة المزروعة بشكل طفيف بفضل برنامج التوسع في زراعة القهوة الذي أطلقته الحكومة الكينية في مناطق تقليدية وجديدة مثل الأقاليم الوسطى والشرقية ووادي الصدع. يشمل البرنامج توزيع شتلات على المزارعين من خلال صندوق دوار تديره “اتحاد مزارعي كينيا الجديد”، إضافة إلى دعم مباشر من بعض الحكومات المحلية.
التوسع العمراني يتباطأ ومزارع القهوة تستقر
شهدت الأعوام الأخيرة تراجعًا في المساحات المزروعة بالقهوة لصالح مشاريع سكنية، لا سيما في نيروبي وكيامبو ونييري. لكن هذا التوجه بدأ يتباطأ نتيجة ركود القطاع العقاري، مما ساهم في استقرار المساحات المزروعة عند 105 آلاف هكتار بعد انخفاضها من 112 ألفًا في 2020.
تسويق منظم وإصلاحات تشريعية
تُباع نحو 80% من القهوة الكينية عبر تعاونيات المنتجين، فيما تتولى شركات ومزارع خاصة النسبة المتبقية. وتُعد بورصة نيروبي للقهوة المحور الأساسي لعمليات البيع، إذ تُنفّذ عبرها أكثر من 90% من الصفقات.
في عام 2023، بدأت كينيا سلسلة من الإصلاحات شملت إخضاع البورصة لإشراف هيئة أسواق المال، وتفويض وسطاء مرخّصين بتصنيف القهوة وتنظيم المزادات. كما انتقلت صلاحية ترخيص المحامص إلى الحكومات المحلية.
مشروع قانون القهوة الذي لا يزال قيد الدراسة في البرلمان يهدف إلى إنشاء مجلس القهوة الكيني ومعهد بحث وتدريب مستقل، على أن يُموّل كلا المؤسستين من خلال ضريبة على مبيعات القهوة.
ارتفاع متوقع في الصادرات رغم التحديات الأوروبية
تشير التوقعات إلى ارتفاع صادرات القهوة بنسبة 10% لتصل إلى 840 ألف كيس في 2025/2026، مقابل 763 ألفًا في الموسم السابق. ولا تزال القهوة الخضراء تمثل الجزء الأكبر من صادرات كينيا، مع استمرار أوروبا والولايات المتحدة وكوريا الجنوبية كمستوردين رئيسيين.
إلا أن دخول قانون إزالة الغابات في الاتحاد الأوروبي حيز التنفيذ في يناير 2026 يطرح تحديًا أمام الصادرات. وقد شكّلت الحكومة الكينية لجنة متعددة الجهات لتقييم الجاهزية ووضع إطار تنظيمي للامتثال.
أبرز أسواق التصدير في 2023/2024:
-
الاتحاد الأوروبي: أكثر من 57% من إجمالي الصادرات
-
الولايات المتحدة: 16.75%
-
كوريا الجنوبية: 5.16%
-
المملكة المتحدة: 3.43%
-
أسواق صاعدة: الصين، أستراليا، الهند
الاستهلاك المحلي يتسارع بدعم من المقاهي والسياحة
يتوقع أن يرتفع الاستهلاك المحلي بنسبة 6.9% ليصل إلى 62 ألف كيس في الموسم الجديد، مدفوعًا بزيادة عدد المقاهي ونمو السياحة بنسبة 15% خلال عام 2024. وتعكس هذه المؤشرات تطورًا ملحوظًا في ثقافة القهوة داخل كينيا، خاصة في نيروبي والمناطق الحضرية.
المخزون والواردات
يرتفع مخزون القهوة بنهاية الموسم إلى 86 ألف كيس، بزيادة 36.5% نتيجة تحسن الإنتاج. في المقابل، تم تخفيض تقديرات المخزون للعام السابق بسبب زيادة الصادرات. ولا تزال واردات القهوة تقتصر على الأنواع الفورية (القابلة للذوبان) بمعدل متوقع يبلغ 45 ألف كيس في 2025/2026، في ظل عدم وجود مصانع محلية لإنتاجها.
خاتمة: عودة كينيا بثقة إلى ساحة القهوة العالمية
مع هذا التحول الإيجابي في الإنتاج والصادرات والاستهلاك المحلي، يبدو أن كينيا تعود بقوة إلى خريطة القهوة العالمية. ورغم التحديات البيئية والتنظيمية المقبلة، فإن جاهزية القطاع ومدى قدرة المؤسسات على التكيف سيحددان ما إذا كان هذا الزخم سيترسخ على المدى الطويل.