لقد كنت تُحضّر قهوتك بطريقة خاطئة طوال هذا الوقت

لقد كنت تُحضّر قهوتك بطريقة خاطئة طوال هذا الوقت

بحث جديد يكشف كيف يمكن لارتفاع السكب، والطحن، والتحميص أن يغيّر فنجان قهوتك اليومي.

قد يرغب عشاق القهوة في إعادة النظر في روتينهم الصباحي، إذ تشير نتائج علمية نُشرت هذا الأسبوع إلى أن ارتفاع وسرعة سكب الماء الساخن فوق القهوة المطحونة يمكن أن تؤثرا بشكل كبير على نكهة القهوة وجودتها، مما يضيف بُعدًا جديدًا إلى عالم تحضير القهوة المعقّد أصلًا.

ورغم أن فنجان القهوة المثالي في نهاية المطاف مسألة ذوق شخصي، لا يمكن إنكار وجود قهوة سيئة — قهوة مغلية حتى المرارة على صفيحة ساخنة في مطعم على الطريق، أو فنجان باهت يُسكب في حليب فاتر من قبل باريستا غير مبالٍ. ولحسن الحظ، تستمر الأبحاث في مساعدة محبي القهوة على تحسين تقنياتهم للحصول على أفضل ما في كل حبة.

ويتفق الخبراء على أن عوامل متعددة — من منشأ الحبوب إلى درجة حرارة الماء — تلعب دورًا مهمًا في النتيجة النهائية. لكن التركيز مؤخرًا انصبّ على ارتفاع السكب، وهو عامل غالبًا ما يتم تجاهله. فقد وجد الباحثون أن المسافة التي يُسكب منها الماء تؤثر على تشبّع الحبوب بشكل متساوٍ، مما يؤثر بدوره على الاستخلاص، والقوام، والرائحة.

حبوب القهوة

في قلب كل فنجان توجد الحبة. يعلم عشاق القهوة أن التنوع، والارتفاع عن سطح البحر، وبلد المنشأ، جميعها تؤثر في النكهة. كثيرًا ما تُفضّل حبوب الأرابيكا لتعقيدها، بينما توفّر الروبوستا — ذات الكافيين الأعلى — قوامًا أغنى وطعمًا أقوى، ما يجعلها مثالية لتحضير الإسبريسو.

ويزداد الاهتمام بتطوير سلالات جديدة من القهوة لا تتميز فقط بطعمها، بل تتحمل أيضًا آثار تغيّر المناخ وتلبّي الطلب العالمي المتزايد. هذا التوجّه العلمي في تهجين القهوة يرسم ملامح مستقبل الصناعة.

التحميص

التحميص مرحلة حاسمة أخرى. عادة ما تُستخدم التحميصات الداكنة في تحضير الإسبريسو، بينما تبرز التحميصات الفاتحة نكهات الحموضة والزهور، خصوصًا في طرق التحضير اليدوي كالتقطير.

لكن المسألة لا تتعلق بالمذاق فقط — فالتحميص يؤثر أيضًا على درجة الاتساق في الإنتاج الواسع النطاق.

ويرى الخبراء أن مطحنة القهوة تُحدث فرقًا أكبر من آلة الإسبريسو نفسها. يقول محمّص القهوة والمدون كيف لويس:

“إذا أنفقت 400 جنيه على مطحنة قهوة و100 فقط على آلة تحضير، ستحصل على إسبريسو أفضل بكثير من أن تفعل العكس.”

فالحبوب التي تُطحن إلى جزيئات متساوية الحجم تُخمّر بمعدل ثابت، مما يعطي كوبًا أكثر توازنًا. في المقابل، فإن استخدام شفرات الطحن يؤدي إلى نتائج غير متناسقة. وتوفّر المطاحن ذات الأقراص طحنًا دقيقًا ومتوازنًا. وتشير الدراسات إلى أن الطحن المتناسق، خصوصًا إذا كان خشنًا بعض الشيء، يؤدي إلى استخلاص أكثر اتساقًا، وبالتالي طعم أفضل.

التحضير

طريقة التحضير — سواء باستخدام الكبس الفرنسي، أو الآيروبريس، أو الإسبريسو، أو الموكا — تشكّل جزءًا أساسيًا من التجربة. لكن المسألة لا تتعلق بالأداة وحدها؛ فدرجة حرارة الماء، وتركيبته المعدنية، وحتى توقيت تناول القهوة، جميعها تؤثر على إدراك الطعم.

يقول توم ساكسون، مؤسس شركة اشتراك القهوة البريطانية “باتش”:

“سواء كنت تطحن القهوة بشكل ناعم جدًا فتبالغ في استخلاصها، أو تطحنها بخشونة فتقلّل من الاستخلاص، أو تستخدم ماءً بدرجة حرارة غير مناسبة، أو كمية زائدة من القهوة — فكل ذلك يمكن أن يفسد قهوة ممتازة.”

ويضاف الآن ارتفاع السكب إلى قائمة التفاصيل الدقيقة المؤثرة. فسكب الماء من مسافة أعلى يمكن أن يؤثر على حركة الماء وتشبع البن، مما يؤدي إلى اختلاف في الاستخلاص، ووضوح النكهة، أو قوام المشروب، بحسب طريقة التحضير.

الذوق مسألة شخصية

رغم كل هذه العوامل العلمية، يبقى الذوق مسألة شخصية. فبعض الناس يرضون بفنجان لاتيه الكراميل اليومي من إحدى سلاسل المقاهي، بينما يسعى آخرون لضبط كل عنصر في عملية التحضير للحصول على الكوب المثالي.

وبالنسبة للكثيرين، تحضير القهوة طقس يومي يرتبط بالعاطفة والعادة. يشارك أحد محبي القهوة تجربته:

“أبدأ باستخدام قهوة برازيلي سانتوس مطحونة من محمصة محلية، أو مزيج تجاري من السوبرماركت. أستخدم الكبس الفرنسي: أغلي الماء، وأتركه دقيقة ليبرد قليلًا، ثم أُسكبه على القهوة وأحرّكه جيدًا، أتركه لأربع دقائق، أحرّك مرة أخرى، ثم أضغط. أحيانًا أستخدم إبريق الموكا إذا رغبت في قهوة أقوى. وفي كل الأحوال، أتناولها سوداء — دون إضافات أو تعقيد.”

سواء كنت تضبط درجة الطحن أو تجرّب طرق تحضير جديدة، فإن رحلتك نحو فنجانك المثالي مليئة بالاكتشاف. ومع استمرار الأبحاث، أصبح طريق الكمال أكثر دقة من أي وقت مضى.

Spread the love
نشر في :