Cleia Junqueira smiling confidently, Brazilian coffee expert and Q-Grader, known for her work in coffee education and consulting across Brazil and the Middle East.

كليا جونكيرا: من ساو باولو إلى دبي… تراث تصنعه حبة قهوة واحدة في كل مرة

في عالم أصبحت فيه القهوة شكلاً عميقاً من أشكال التعبير الثقافي والهوية المجتمعية، تبرز كليا جونكيرا كصوت يتمتع بعمق إنساني وخبرة واسعة. بدأت رحلتها في مدينة ساو باولو بإطلاق مقهى صغير، وسرعان ما تحولت هذه البداية إلى رسالة حياة حملتها عبر القارات — درَّبت فيها محترفي تحضير القهوة، وشاركت في تحكيم بطولات دولية، واختصت في مصادر البن الأخضر، ودافعت عن الجودة والشمول والاستدامة.

مع خبرة عملية تمتد لما يقارب عقدين في البرازيل والإمارات، تجمع كليا بين الاحتراف الفني والاتصال الإنساني. وقد ساعدها تخصّصها في الصحافة على إبراز صوت المنتجين، بينما جعلها حصولها على شهادتي تقييم جودة بن أرابيكا وبن روبوستا النادرة جسراً بين التقاليد والابتكار.

ما الذي تعلّمته من عملها بين ثقافتين قهويتين مختلفتين؟ وكيف ترى تطور روبوستا في عالم القهوة المتخصصة؟ ولماذا تؤمن بأن القهوة يجب أن تبقى دائماً مرتبطة بالإنسان؟

انضموا إلينا في هذا الحوار العميق والملهم مع كليا جونكيرا.

كليا، للقراء الذين يكتشفونك لأول مرة عبر منصة قهوة ورلد، كيف تقدمين نفسك؟ وما قصة دخولك عالم القهوة؟

أنا محترفة قهوة من البرازيل، أقع في حب هذا المشروب — والناس خلفه — منذ عام 2005. بدأت رحلتي بمقهى صغير في ساو باولو، لكنه سرعان ما أصبح أكثر من مجرد مشروع. لقد أصبح نداء حياة. على مدار السنوات، عملت كمدربة تحضير قهوة، ومحمصة، ومتخصصة في البن الأخضر، ومُقيمة جودة بن أرابيكا وبن روبوستا، وحكم في المسابقات. كما أقدم استشارات للمحامص وموردي البن الأخضر. قادني شغفي بالقهوة من قلب ساو باولو إلى الشرق الأوسط، وما زالت القهوة تلهمني حتى اليوم.

افتتحت أول مقهى لك في ساو باولو عام 2005. كيف كانت تلك المرحلة؟ وما الذي جذبك للقهوة بهذا الشكل العميق؟

كان اسم المقهى “كافيترية”، وهناك وقعت في حب القهوة فعلاً. كان المكان دافئاً، مليئاً بالمحترفين المتحمسين والزبائن الفضوليين، وكل فنجان كان يروي قصة. وهناك بدأت بتقديم دورات تدريبية في تحضير القهوة. ما جذبني هو الطريقة التي توحّد بها القهوة بين الناس — من المزارعين، إلى المحترفين، إلى من يشربها. إنها تبني مجتمعاً. وأتذكر قصة طريفة من تلك الفترة: فتاتان عملتا معي لتوفير المال لجهاز زفافهنّ قبل أن تصبحن راهبتين. إحداهن الآن راهبة كرمليَّة حافية القدمين تعيش في إيطاليا، وما زلنا على تواصل حتى اليوم.

في بداياتك، تعاونتِ مع منظمة غير ربحية لتدريب شباب لم تتح لهم فرصة التعليم. كيف أثرت تلك التجربة فيك مهنياً وشخصياً؟

تلك المرحلة شكّلت قيمي. تدريب الشباب المحرومين ليصبحوا محترفين في تحضير القهوة منحني هدفاً. كثير منهم بنى مسيرة ناجحة في القهوة. علمتني تلك التجربة أن القهوة ليست مجرد مشروب، بل أداة للتمكين والتغيير الاجتماعي. غرست فيّ التعاطف، وأعطتني شعوراً بالمسؤولية لدعم الآخرين من خلال هذه الصناعة.

تحملين أيضاً شهادة في الصحافة. هل أثّر هذا التخصّص على طريقتك في التعليم أو التواصل أو حتى الاستشارات في مجال القهوة؟ بالتأكيد. الصحافة علمتني كيف أروي القصص وأبسط المواضيع المعقدة. سواء كنت أدرب فريق عمل أو أقدم استشارة لعلامة تجارية، أسعى دوماً لأن يكون التواصل واضحاً وهادفاً. كما ساعدني تخصصي في إعطاء صوت للمنتجين، خاصة أولئك الذين لا تُسمع أصواتهم كثيراً. وقد أصدرت بنفسي قرصاً بصرياً عام 2007 باللغة البرتغالية بعنوان: كيف تستمتع بفنجان قهوة جيد مع كليا جونكيرا.

أنتِ مقيمة جودة بن أرابيكا وروبوستا — مزيج نادر. ما الذي جذبكِ للعمل مع النوعين؟ وكيف ترين تطور روبوستا في عالم القهوة المتخصصة؟ بدأت العمل مع أرابيكا وكانيفورا (روبوستا) في البداية لأسباب تتعلق بالتكلفة، لابتكار خلطات بأسعار مناسبة. لكن مع مرور الوقت أدركت أن لكل نوع إمكانات رائعة. لا ينبغي للتحيّز أن يحدّ من رؤيتنا. روبوستا — كثيراً ما يُساء فهمه — يشهد اليوم تحسناً كبيراً في الجودة. ومع المعالجة الأفضل والمزيد من الشفافية، بدأ يجد مكانه في عالم القهوة المتخصصة، خصوصاً في التحضير المركز والثقافات التي تعتمد على التحضير التقليدي. وأنا فخورة بأني جزء من هذا التحول.

لقد ابتكرتِ خلطات لقهوة التحضير المركز، والترشيح، والقهوة العربية والتركية. كيف تبدئين عملية الابتكار عند تصميم خلطة لسوق معين؟ أبدأ دائماً بفهم السياق الثقافي: ما النكهات التي يرتبط بها الناس؟ ما الطقوس التي يمارسونها؟ وما الذي يتوقعونه من تجربة القهوة؟ بعد ذلك أستكشف مصادر البن وطرق معالجته وأنماط التحميص التي قد تتوافق أو تُفاجئهم بطريقة إيجابية. أقيّم القهوة بقصد، أختبر خيارات مختلفة، وأسعى دوماً للتوازن. هدفي أن أحترم القهوة وتوقعات العميل في آن واحد.

Cleia Junqueira evaluating a specialty coffee brew, showcasing her expertise as a certified Q-Grader and coffee consultant with nearly two decades of experience.

من خلال خبرتك في مراقبة الجودة، ما الشيء الذي ترين أنه مهم ويغفله كثير من المحامص أو أصحاب المقاهي؟ جودة المياه ومعايرة الطاحنة. هذان العاملان قد يصنعان الفرق في جودة الفنجان، ومع ذلك كثيراً ما يُهملان. ولا ننسى تدريب الفريق — فالاتساق لا يأتي من الآلات فقط، بل من الأشخاص أيضاً.

لقد قمتِ بتحكيم بطولات قهوة عالمية، وقضيت سنوات على طاولة التذوق. برأيك، هل التقييم الممتاز يعتمد أكثر على التدريب أم الحدس؟ كلاهما. التدريب يوفّر الهيكل والانضباط والمفردات والأسلوب. لكن الحدس يأتي من الخبرة والارتباط العاطفي. أفضل من عملت معهم في التذوق كانوا دقيقين تقنياً ومرهفين حسياً في آنٍ معاً. فهم لا يقيّمون القهوة فحسب، بل يشعرون بها.

لقد عملتِ في ثقافتين قهويتين مختلفتين: البرازيل والإمارات. ماذا علمتكِ هاتان التجربتان عن طرق استهلاك القهوة وتقديرها والاحتفاء بها؟ البرازيل علمتني الجذور: الإنتاج والجودة والاعتزاز بالمنشأ. أما الإمارات، فعلمتني الضيافة والتقاليد، وكيف توحّد القهوة الناس من ثقافات مختلفة. كلاهما يقدّر التواصل، لكن كلٌ بطريقته. والتباين بينهما جعلني محترفة أفضل.

عملتِ في مجلس إدارة جمعية القهوة المختصة في الإمارات، وقُدتِ فريق الجودة في مؤسسة قهوة بلانيت. من وجهة نظرك، ما الذي يجعل مشهد القهوة في الإمارات بهذه الحيوية؟

الإمارات تمثل مزيجاً مذهلاً من الابتكار والتقاليد. تجمع بين التأثيرات العالمية والطقوس المحلية العريقة في مكان واحد، وهذا يفتح المجال للإبداع. كما أن الناس هنا فضوليون — يريدون التعلم وتحسين تجربتهم، سواء كانوا يعدّون القهوة في منازلهم أو يديرون المقاهي.

بالنسبة لمن يرغب بإطلاق مشروع قهوة في الشرق الأوسط، ما هي أهم ثلاثة أمور يجب إتقانها من اليوم الأول؟

تدريب الفريق — لأن فريقك هو صوت علامتك التجارية.

فهم الثقافة — احترم وتفاعل مع تفضيلات السوق المحلية.

ثبات الجودة — لأنه يبني الثقة على المدى الطويل.

بعد أكثر من عقد من العمل في المنطقة، ما هو التحول القادم الذي تتوقعينه في مشهد القهوة بالخليج؟

أعتقد أننا سنشهد اهتماماً متزايداً من المستهلكين بقصص المنشأ، وكيفية زراعة ومعالجة القهوة. الشفافية والاستدامة سيصبحان أولوية، خصوصاً لدى الجيل الجديد.

بعد قرابة عشرين عاماً في هذا المجال، ما الذي ترين أنه مفقود في حوارنا العالمي حول القهوة؟

نتحدث كثيراً عن الجودة والاستدامة، لكن لا نتحدث بما فيه الكفاية عن الشمول — وخاصة المساواة بين الجنسين. لا تزال النساء يتقاضين أجوراً أقل من الرجال في نفس الأدوار عبر سلسلة التوريد. هذا يجب أن يتغير. الشمول يجب أن يكون في صلب مستقبل صناعتنا.

نشهد تزايداً في استخدام التكنولوجيا في القهوة — من التحميص بمساعدة الذكاء الاصطناعي إلى الكبسولات المبتكرة. ما التطورات التي تثير حماسك؟ وهل هناك اتجاهات تقلقك؟

أنا متحمسة للأدوات التي تحسّن الثبات، مثل برامج رسم منحنيات التحميص، أو أدوات تحليل الجودة المبنية على الذكاء الاصطناعي. لكنني حذرة من الإفراط في الأتمتة. حين تحل الآلات مكان اللمسة البشرية، نفقد الاتصال بالمنتج — وبالمزارع. القهوة تتعلق بالبشر، ويجب ألا ننسى ذلك.

لقد عملتِ تقريباً في كل حلقة من حلقات سلسلة القهوة — من التحميص إلى التوريد إلى التدريب إلى التحكيم. إذا كان عليكِ التركيز على مجال واحد فقط في السنوات العشر المقبلة، فماذا تختارين ولماذا؟

الاستشارات للمحامص الصغيرة التي تمر بمرحلة التوسع. هؤلاء عادة يحتاجون دعماً لبناء نظام جودة متين، وابتكار خلطات فعالة من حيث التكلفة، ووضع استراتيجيات توريد ذكية. أريد أن أواصل مساعدتهم في اختيار البن الأخضر المناسب، وتبنّي أدوات ذكية، والتواصل مع علماء القهوة لإدخال تعليم أعمق في مشاريعهم.

Spread the love
نشر في :