من جبل إلجون إلى مقاهي دبي.. ديريك ونيالا يجسّر الفجوة بين المزارعين وعشاق القهوة
نشأ وسط مزارع البن في أحضان جبل إلجون شرق أوغندا، حيث كانت حبات القهوة تُزرع بحب في حقول عائلته. واليوم، يقف ديريك ونيالا، المعروف باسم dero_de_barista@، خلف البار في دبي ليصنع أكثر من مجرد فنجان قهوة. هو يسرد حكايات المزارعين، ويمدّ الجسور بين من يزرع القهوة ومن يحتسيها. من خلال عمله في شركة “راو” الرائدة في القهوة المختصة، يبني ديريك مستقبله كخبير ومعلّم ومناصر لثقافة القهوة الشفافة والعادلة. في هذا اللقاء الحصري مع قهوة وورلد، يكشف ديريك عن رحلته من المزرعة إلى الكوب، ويشاركنا رؤيته الطموحة لمستقبل القهوة في بلده أوغندا.
نشأت في عائلة تزرع البن بالقرب من جبل إلجون. كيف أثّر ذلك على علاقتك بالقهوة اليوم، خصوصًا وأنت تعمل الآن على طرف مختلف من سلسلة القيمة؟
النشأة في عائلة تزرع القهوة شكّلت رؤيتي بشكل عميق كصانع قهوة. فهي تذكّرني دائمًا أن كل فنجان أُعدّه هو نتيجة لجهد أيادٍ كثيرة قبلي. وهذا يدفعني لأصنع القهوة بشغف ومسؤولية، تكريمًا للجهود والمحبة التي يضعها المزارعون، ومنهم عائلتي، في زراعة البن. هذه الصلة تلهمني أيضًا للاستمرار في التعلم، حتى أقدّم للناس ليس فقط قهوة ممتازة، بل معرفة حقيقية.
كثيرًا ما تقول إن دور الباريستا هو تمثيل المزارعين. كيف تنقل قصصهم وجهودهم في عملك اليومي؟
أشارك قصصهم من خلال التثقيف — لا أتحدث فقط عن الطعم، بل عن أصل القهوة والجهد المبذول في إنتاجها. تحضير فنجان رائع هو جزء، لكن خلق تقدير أعمق يتطلب شرح الرحلة التي تمر بها الحبة. كلما فهم الناس قيمة القهوة، زاد الطلب، وتحسنت الأسعار، واستفاد المزارعون أكثر. هذه هي الرسالة التي أحملها خلف البار يوميًا.
لديك شغف بالإسبريسو وV60، كيف تختار الطريقة المناسبة لتقديم القهوة لشخص جديد على عالم القهوة المختصة؟
الأمر يعتمد على المرحلة التي يمر بها الشخص في رحلته مع القهوة. إذا كان مبتدئًا تمامًا، أبدأ غالبًا بمشروبات قائمة على الإسبريسو، مثل اللاتيه المُحلّى، لتكون التجربة سلسة ومحببة. وعندما يصبح أكثر فضولًا، أقدّم له V60، فهي مثالية لإبراز النكهات وتعريفه بتعقيد ووضوح القهوة المختصة.
لديك حضور قوي على يوتيوب وإنستغرام. ما هي الرسالة الأهم التي تسعى لنقلها من خلال هذه المنصات؟
“القهوة ببساطة” — هذه هي جوهر رسالتي. أريد أن أجعل القهوة المختصة مفهومة وسهلة لأي شخص في أي مكان. كما أسعى لعرض الجانب الآخر من حياة الباريستا — الجهد، الإبداع، والحب — وبناء مجتمع عالمي يربط بين المزارعين وصانعي القهوة ومحبيها.
تعمل حاليًا في شركة قهوة راو، إحدى رواد القهوة المختصة في دبي. ماذا يعني لك العمل هناك؟ وكيف ساهم في تطوير مسيرتك؟
العمل في راو أكثر من مجرد وظيفة — إنه تجربة عملية حقيقية لما أحلم ببنائه مستقبلاً. السيدة كيم شاركتني ذات مرة أن أحد أصعب التحديات التي واجهتها في بدايتها كان نقص المعرفة بسوق القهوة. هذا الكلام بقي في ذهني. العمل في راو يمنحني المعرفة، والإرشاد، والمهارات التي ستُشكّل مستقبلي كرائد أعمال في عالم القهوة.
تحلم بأن تصبح مشتريًا للبن الأخضر وتؤسس شركتك الخاصة في أوغندا. ما هي الخطوات التي تتخذها لتحقيق هذا الحلم؟ وما الأثر الذي تطمح لإحداثه؟
بدأت بتأسيس مجتمع عالمي حول القهوة من خلال المحتوى الذي أقدّمه، لأتواصل مع الناس من مختلف الثقافات. أؤمن أن العلاقات والمعرفة هما مفتاح النجاح في هذا المجال. أركز الآن على التعلم، ليس فقط أن أطلب من المزارع زراعة “قيشا”، بل أن أتذوقها معه وأشرح له لماذا تهم. هذا الفهم المشترك يصنع فرقًا حقيقيًا.
ما الذي تفتقر إليه ساحة القهوة في أوغندا اليوم؟ وماذا سيقدّم مقهاك أو محمصتك المثالية للمجتمع المحلي؟
رغم أن أوغندا من كبار مصدّري البن عالميًا، إلا أن كثيرًا من الناس هناك لم يختبروا فنجان قهوة مختصة حقيقي. يجب أن يتغيّر ذلك. أحلم بفتح مقهى ومحمصة مختصة تعمل مباشرة مع المزارعين، وتركّز على الشفافية والتسعير العادل والتثقيف — نسخة أوغندية من شركة راو. أريد أن أقرّب بين ما نزرعه وما نشربه.
تطمح للفوز ببطولة العالم للباريستا. ماذا تعني لك هذه الجائزة شخصيًا؟ وما القصة التي تودّ روايتها على المسرح؟
لطالما كان حلمي أن أصبح بطل العالم للباريستا. ليس لأجل اللقب فقط، بل لأثبت أن بالإصرار والدعم المجتمعي يمكن تحقيق أي شيء. أريد أن ألهم الباريستا الشباب، خاصة من دول منتجة للبن، ليؤمنوا بقدراتهم. على ذلك المسرح، أود أن أروي قصة تربط بين المزرعة والفنجان — قصة تحتفي بالأيادي والقلوب والآمال خلف كل حبة بن.