كاترينا بوروديتش.. كيف تعيد رائدة أعمال شابة تعريف تجربة القهوة في دبي بين التقنية والمشاعر؟
تصف كاترينا بوروديتش نفسها بأنها “مهندسة بالتعليم، مسوّقة بالفطرة، ورائدة أعمال بحكم الحياة”. وقد نجحت في تحويل هذا المزيج غير التقليدي إلى فلسفة عمل متكاملة تقف خلف واحدة من أسرع سلاسل القهوة نموًا في دبي: درينكيت.
في سوق مزدحم بالعلامات العالمية والمقاهي الفاخرة، اختارت كاترينا أن تبني شيئًا مختلفًا — علامة يومية، موثوقة، سريعة، وعاطفية في آنٍ واحد. وفي هذه المقابلة الخاصة مع قهوة ورلد، تشاركنا قصتها، من البدايات المتواضعة وحتى إدارة سلسلة رقمية تضم 8 فروع مع ثلاثة أخرى قيد التنفيذ.
التوازن بين المنطق والمشاعر
تقول كاترينا: “من خلال الهندسة تعلمت كيف أبني بعقلانية ومنهجية، ومن خلال التسويق تعلمت كيف أرى العالم بعين العاطفة والسرد القصصي. أما ريادة الأعمال، فقد علمتني التواضع.”
هذا المبدأ هو ما يشكل جوهر فلسفة درينكيت: وضوح في الأنظمة، ودفء في العلاقات. حتى أدق التفاصيل — من تصميم التطبيق إلى الترحيب بالزوار — تعكس هذا التوازن المدروس.
من التسويق إلى الواقع
خلال مسيرتها المهنية التي امتدت عبر الإمارات والمملكة المتحدة وروسيا، تعلمت كاترينا أن كل سوق يحمل درسًا. “روسيا علمتني الصمود، المملكة المتحدة علمتني التنظيم، أما الإمارات فعلمتني الرؤية.”
وعن انتقالها من خلفية تسويقية إلى تأسيس سلسلة مقاهٍ فعلية، تقول: “في التسويق، تبتكر قصة. أما في الأغذية والمشروبات، فأنت تعيش هذه القصة كل يوم. لا يمكنك أن تختبئ خلف العروض التقديمية. إذا كان القهوة باردة أو العميل غير راضٍ — فالمسؤولية عليك.”
ورغم صعوبة هذا التحول، إلا أنه منحها طاقة من نوع مختلف. “المساءلة اليومية قد تكون شاقة، لكنها أيضًا تمنحك وضوحًا مباشرًا. وهذا ما جعلني أقع في حب هذه الرحلة.”
التميّز في سوق مزدحم
ما يميّز درينكيت ليس الفخامة ولا الصخب. بل البساطة المدروسة. عندما وصلت كاترينا إلى دبي، لاحظت فجوة واضحة في السوق: علامة تقدم قهوة عالية الجودة، دون تعقيد، بأسعار مناسبة، وبأسلوب رقمي بالكامل يناسب نمط الحياة السريع.
تقول: “لم نسعَ لنكون الأفضل في الرفاهية أو الأجمل تصميمًا. أردنا أن نكون الأفضل لمن يبحث عن قهوة يومية ممتازة، بسرعة وسلاسة، وبتكلفة معقولة.”
أولويات رقمية.. بروح إنسانية
منذ اليوم الأول، بُنيت درينكيت كعلامة “رقمية أولًا”. أكثر من 99٪ من الطلبات تتم عبر التطبيق. لكن هذا لا يعني أن التجربة فقدت طابعها الإنساني.
توضح كاترينا: “نبدأ كل عملية بسؤال واحد: كيف تعمل هذه التجربة رقميًا؟ من تحديثات القائمة إلى برامج الولاء، كل شيء مصمم ليكون سريعًا وسلسًا. لكن خلف كل نقرة يوجد إنسان. لذا، فإن هدفنا هو بناء اتصال عاطفي — حتى في تجربة رقمية.”
وقد انعكس هذا المفهوم في التكنولوجيا المستخدمة. التطبيق والكشك الرقمي مصممان داخليًا، ونظام ERP متكامل يربط كل العمليات — حتى تطبيقات التوصيل مرتبطة داخليًا لتقليل الأخطاء وتوفير وقت الباريستا.
النمو السريع دون التفريط بالجودة
في أقل من عامين، توسعت درينكيت من فرع واحد إلى ثمانية. ستة من هذه الفروع حققت أرباحًا تشغيلية في الشهر الثاني فقط. وتحقق الفروع في المتوسط أكثر من 143,000 درهم إماراتي شهريًا لكل موقع.
ما سر هذا الأداء؟ تقول كاترينا: “نحن نعامل كل فرع جديد كأنه مشروع ناشئ. نعمل بمرونة، نراقب البيانات بدقة، ونستثمر في الفريق أكثر من أي شيء.”
البيانات في خدمة الفهم
البيانات تلعب دورًا كبيرًا في تحسين التجربة — لكنها ليست كل شيء. تقول كاترينا: “نستخدم البيانات لفهم عادات الضيوف. لماذا هذا المنتج ينجح في فرع معين؟ لماذا يزداد الطلب على الإفطار أيام الخميس؟ لكننا لا نكتفي بالأرقام.”
فريق درينكيت يملك عادة غير تقليدية: كل عضو في الإدارة العليا يعمل نوبة واحدة كل ربع سنة في أحد الفروع.
“نريد أن نبقى قريبين من الواقع. الأرقام مفيدة — لكن المحادثات مع الضيوف أكثر صدقًا.”
الاختيار الذكي للمواقع والتفاصيل الصغيرة
لا تختار درينكيت مواقعها بناءً على الحركة فقط، بل على الروتين اليومي للأشخاص. “أين يقضي الناس صباحهم؟ أين يحتاجون دفعة طاقة في خمس دقائق؟”
كما أن كل فرع جديد يحمل تحسينات عملية — من تصميم الرفوف إلى تدفق الحركة خلف البار. “تحسين بسيط يمكن أن يوفر وقتًا، يقلل التوتر، ويجعل يوم العمل أفضل لفريقنا.”
المستقبل: نمو ذكي لا عشوائي
المرحلة القادمة تشمل التوسع إلى أبوظبي والشارقة، إطلاق منتجات صحية جديدة، وتوسيع شبكة الامتيازات — مع ستة شركاء امتياز تم توقيع العقود معهم بالفعل.
لكن كاترينا تؤكد: “نحن لا نركض خلف الاتجاهات. نحن نستمع ونُجرب ونبقى قريبين من الضيف.”
عن كونها امرأة تقود التغيير
بصفتها مؤسسة ومديرة تنفيذية في قطاع سريع التوسع في منطقة الشرق الأوسط، ترى كاترينا أن البيئة في الإمارات تحتضن الطموح.
“بالطبع، واجهت لحظات شك أو تقليل من شأني. لكنني لم أركز على ذلك. ركزت على العمل. دبي تحترم الإنجاز.”
وتضيف: “نصيحتي؟ لا تحاول أن تكون أعلى صوتًا — كن أفضل. وكن محاطًا بمن يؤمن بك.”
نصيحة أخيرة لمن يبدأون
عندما سُئلت عما تتمنى لو عرفته في بداية الرحلة، أجابت ببساطة:
“أنجز، ولا تنتظر الكمال. اختبر، تعلم، وعدّل. ثق بحدسك، لكن لا تنس الآلة الحاسبة. واهتم بنفسك — أنت المحرك. إذا احترقت، فلن يعمل أي شيء.”
ثم تضيف بابتسامة: “واستمتع بالرحلة. أنت لا تبني شركة فقط — بل قصة ستفتخر بروايتها.”