وصلت أسعار أرابيكا، أكثر أنواع القهوة شهرة في العالم، إلى مستويات غير مسبوقة. يعود ذلك إلى الظروف المناخية القاسية التي شهدتها البرازيل، أكبر منتج لأرابيكا. ومن المتوقع أن يشعر المستهلكون بآثار ارتفاع الأسعار مع بداية عام 2025.
أعلى سعر في تاريخ القهوة
في 10 ديسمبر، بلغ سعر العقود الآجلة لشهر مارس لأرابيكا مستوى قياسيًا جديدًا، حيث وصل إلى 3.34 دولارًا لكل رطل (حوالي 0.45 كجم). هذا الارتفاع يُعد الأعلى في تاريخ التداول، بنسبة زيادة بلغت 80% مقارنة بالعام الماضي. كما حققت روبوستا، النوع الآخر الشهير من القهوة، رقمًا قياسيًا خاصًا بها في سبتمبر.
حتى الآن، حافظت الشركات المحمصة على استقرار الأسعار لتجنب خسارة حصتها في السوق، وفقًا لرئيس إحدى شركات تصدير القهوة. لكنه أوضح في تصريح لبي بي سي أن هذا الوضع سيتغير في الربع الأول من عام 2025، حيث لن تتمكن الشركات من تجنب رفع الأسعار على المستهلكين.
وقد أعلنت شركات كبيرة عن خطط لتعديل الأسعار، مشيرة إلى ضرورة رفعها للحفاظ على جودة المنتج وثقة المستهلكين. كما ذكرت تقارير أن هناك شركات تخطط لزيادة أسعار منتجاتها بنسبة تصل إلى 30% بسبب ارتفاع تكلفة المواد الخام.
أسعار القهوة في روسيا
في روسيا، تشير التقارير إلى أن ارتفاع أسعار القهوة في المقاهي لن يحدث قبل مارس أو صيف 2025. ومع ذلك، ارتفعت الأسعار في المقاهي بالفعل بنسبة تتراوح بين 15% و30% مقارنة بالعام الماضي، متجاوزة معدلات التضخم الرسمية.
وفي السوبرماركت، صرح رئيس جمعية شركات تجارة التجزئة أن أسعار القهوة ارتفعت بنسبة لا تتجاوز 10%، رغم زيادة أسعار التوريد بنسبة 20%. وأكد أن الشركات تعمل على تقليل تأثير ارتفاع الأسعار على المستهلكين.
ما الذي يحدث في سوق القهوة؟
يرجع السبب الرئيسي للارتفاع التاريخي في أسعار أرابيكا إلى الظروف المناخية القاسية في البرازيل. فقد شهدت البلاد جفافًا هو الأسوأ منذ 70 عامًا في أغسطس وسبتمبر 2024، أعقبه أمطار غزيرة في أكتوبر. وقد أثرت هذه الظواهر بشدة على موسم الحصاد واستعدادات زراعة الشتلات للموسم المقبل.
كما شهدت فيتنام، أكبر مصدر لروبوستا، طقسًا غير مستقر مع موجات من الجفاف والأمطار الغزيرة، مما أثر على إنتاجها.
إلى جانب ذلك، يزداد الطلب العالمي على القهوة بشكل مستمر، حيث أصبحت شائعة حتى في بلدان تقليدية مثل الصين، التي تضاعف فيها استهلاك القهوة خلال العقد الماضي.
المضاربات الاقتصادية وتأثيرها
بالإضافة إلى التحديات المناخية، تلعب المضاربات الاقتصادية دورًا في ارتفاع الأسعار. وأوضح أحد الخبراء أن السوق يشهد حاليًا توقعات متشائمة بسبب عدم بدء موسم الحصاد بعد، مما يعزز المضاربات.
فرصة لصغار المزارعين
ورغم القلق من ارتفاع الأسعار، هناك جانب إيجابي يتمثل في استفادة صغار المزارعين. وفقًا لتقارير متخصصة، فإن 80% من إنتاج القهوة العالمي يأتي من مزارع صغيرة. ويمثل ارتفاع الأسعار فرصة لزيادة دخلهم.
وقال أحد الخبراء في صناعة القهوة: “الأسعار المرتفعة تعني أن المزارعين سيحصلون أخيرًا على أجر عادل لقاء عملهم”.
التغير المناخي ومستقبل القهوة
تُعد أشجار أرابيكا حساسة للغاية للتغيرات المناخية. فهي تحتاج إلى درجات حرارة تتراوح بين 15 و24 درجة مئوية، مع حماية من أشعة الشمس المباشرة وتوافر أمطار مناسبة. ومع استمرار التغير المناخي، تتقلص المناطق المناسبة لزراعة أرابيكا حول العالم.
وفقًا لدراسة أجريت عام 2022، ستتراجع المناطق المناسبة لزراعة أرابيكا في أمريكا اللاتينية وإفريقيا وآسيا بحلول عام 2050. وفي المقابل، تتميز روبوستا بقدرتها على التأقلم مع المناخ الحار، ما يجعلها خيارًا مستقبليًا أكثر استدامة.
الخلاصة
في ظل هذه التحديات، يواجه سوق القهوة اختبارًا حقيقيًا. وبينما قد ترتفع الأسعار بالنسبة للمستهلكين، يفتح ذلك الباب لتحسين حياة المزارعين. ويبقى السؤال الأهم: كيف ستتأقلم الصناعة مع التغيرات المناخية والطلب المتزايد؟