القهوة بالموز.. من حليب كوريا في السبعينيات إلى صيحة عالمية في 2025
دبي، 8 سبتمبر 2025 (قهوة ورلد) – قد يبدو المزج بين الموز والقهوة غريبًا في الوهلة الأولى، لكن هذا المشروب البسيط تحوّل إلى واحدة من أبرز الصيحات العالمية في 2025. فالقهوة بالموز ليست ابتكارًا جديدًا وطارئًا كما يظن البعض، بل تحمل تاريخًا عريقًا يعود إلى كوريا الجنوبية في سبعينيات القرن الماضي، حيث شكّل حليب الموز رمزًا ثقافيًا وأساسًا غذائيًا مهّمًا في تلك الحقبة. واليوم، يعود هذا الإرث ليتحوّل إلى مشروب عالمي يتصدر قوائم المقاهي ومقاطع الفيديو على منصات التواصل الاجتماعي.
البدايات: حليب الموز في كوريا
في عام 1974، طرحت شركة «بينغراي» الكورية مشروب حليب الموز لأول مرة، بدعم حكومي يهدف إلى تعزيز استهلاك الألبان في فترة ما بعد الحرب. آنذاك كان الموز من الفواكه النادرة مرتفعة الثمن، لذا شكّل دمجه مع الحليب نقلة نوعية في الذوق والعادات الغذائية.
لم يمض وقت طويل حتى أصبح حليب الموز جزءًا أساسيًا من الحياة اليومية للكوريين، خاصة لدى الأطفال. وبحلول عام 2010 كانت الشركة تبيع نحو 800 ألف عبوة يوميًا، لتتجاوز المبيعات الإجمالية 5.3 مليار عبوة. ومع انتشار الثقافة الكورية عالميًا، ارتفعت صادرات حليب الموز بشكل ملحوظ، حيث بلغت قيمتها 700 مليون وون في 2010 وقفزت إلى 15 مليار وون في 2013. وقد ساهم ظهور أعضاء فرقة BTS في مقاطع مصورة وهم يحتسون حليب الموز في تعزيز مكانته عالميًا، حتى أصبح يُصنّف ضمن أكثر المشروبات مبيعًا على منصات مثل «أمازون».
من حليب الموز إلى قهوة الموز
على هذه الخلفية الثقافية، لم يكن مستغربًا أن يولد مشروب جديد يجمع بين نكهة الموز وحيوية القهوة. فالموز الناضج يتميز بحلاوة طبيعية وقوام كريمي يخفف من مرارة القهوة ويضفي عليها نعومة وتوازنًا. إلى جانب المذاق، يقدّم الموز قيمة غذائية عالية بفضل غناه بالبوتاسيوم والألياف، إضافة إلى مساهمته في تنظيم مستوى السكر في الدم. وهذا ما جعل قهوة الموز خيارًا يجمع بين المتعة والفائدة.
الصعود الرقمي والتحوّل العالمي
خلال السنوات الأخيرة، لعبت منصات تيك توك وإنستغرام دورًا بارزًا في إعادة إحياء قهوة الموز، حيث انتشرت مقاطع مصورة لوصفات لاتيه الموز والقهوة المثلجة بالموز، محققة ملايين المشاهدات.
وكشفت بيانات منصة «ييلب» الأميركية عن ارتفاع هائل في عمليات البحث:
-
ارتفعت نسبة البحث عن “لاتيه خبز الموز” بنسبة 6267% خلال عام واحد.
-
قفزت عمليات البحث عن “لاتيه الموز” بنسبة 1573%.
-
أما “قهوة الموز” فارتفعت بنسبة 348%.
هذا الزخم الرقمي سرعان ما انعكس على أرض الواقع، إذ بدأت المقاهي المستقلة في آسيا وأوروبا وأمريكا الشمالية بإضافة قهوة الموز إلى قوائمها، ثم لحقت بها العلامات الكبرى.
من المقاهي الصغيرة إلى الشركات العملاقة
لم تقتصر التجربة على المقاهي المستقلة؛ فقد دخلت شركات عالمية مثل «ستاربكس» على الخط، حيث تختبر حاليًا رغوة بروتين باردة بنكهة الموز في بعض الأسواق. ويؤكد خبراء النكهات أن السبب وراء هذا النجاح هو قدرة الموز على إضفاء حلاوة طبيعية وكثافة على المشروب دون أن يطغى على المذاق الأصلي للبن.
وبينما تعكس القهوة بالموز حنين الكوريين إلى طفولتهم مع حليب الموز، فإنها تقدم للجمهور العالمي تجربة جديدة ومنعشة في آن واحد.
وصفات سهلة في متناول الجميع
جزء من نجاح هذه الصيحة يعود إلى سهولة تحضيرها في المنزل.
-
الوصفة السريعة: إذابة ملعقتين من القهوة سريعة التحضير في قليل من الماء الساخن، ثم إضافة مكعبات الثلج وصب نحو 300 مل من حليب الموز. يُرج المزيج جيدًا للحصول على قوام كريمي ومنعش.
-
الوصفة الكلاسيكية: تحضير جرعتين من الإسبريسو باستخدام البن المفضل، مع إمكانية إضافة ملعقة صغيرة من السكر. يُمزج الإسبريسو الساخن مع الثلج، ثم يُضاف حليب الموز للحصول على لاتيه غني ومتوازن.
هذه البساطة جعلت قهوة الموز في متناول الجميع، سواء في المنازل أو في المقاهي.
بين الحنين والابتكار
ما يميز قهوة الموز عن غيرها من الصيحات أنها ليست مجرد «ترند» عابر. فهي تجسّد لقاء الماضي بالحاضر: من حنين الكوريين إلى مشروب حليب الموز في السبعينيات، إلى روح الابتكار التي يتبناها جيل اليوم عبر منصات التواصل الاجتماعي. ولعل مزيج الطابع الغذائي والقيمة الثقافية والانتشار الرقمي يجعل هذا المشروب مرشحًا لأن يبقى حاضرًا على قوائم المقاهي لسنوات قادمة، بدلًا من أن ينطفئ كغيره من موجات الإنترنت العابرة.