حصاد القهوة في البرازيل 2025/2026: إنتاج جيد وسط تقلبات السوق
لساو باولو – 16 سبتمبر 2025 – قهوة ورلد (تقرير مشهد حبوب القهوة – إفكو) – هناك مثل شهير في عالم القهوة: «عندما تعطس البرازيل، يُصاب باقي العالم بالزكام». هذه المقولة ما زالت تعكس الواقع حتى اليوم، إذ تستحوذ البرازيل على ما يقارب أربعين بالمئة من الإنتاج العالمي، ما يجعلها المحرك الأساسي للإمدادات والأسعار وحتى ملامح النكهات التي تصل إلى المستهلكين حول العالم. أحيانًا تكون مصدر استقرار، وأحيانًا أخرى تثير موجات من التقلبات في الأسواق.
لقد أثبت التاريخ هذه الحقيقة مرارًا. فموجة الصقيع في عام 1975 رفعت الأسعار إلى مستويات قياسية، بينما خلّفت موجات الجفاف في 2014 و2021 حالة من الارتباك بين المصدّرين. كما ساهمت تقلبات العملة في تغيير ديناميكيات التجارة العالمية بشكل مستمر. ببساطة، تظل البرازيل القلب النابض لصناعة القهوة.
تقدم الحصاد والتوقعات
مع نهاية أغسطس، كان حصاد 2025 شبه مكتمل بنسبة مئة بالمئة لروبستا وثمانية وتسعين بالمئة لأرابيكا. هطول الأمطار – الذي وصل إلى خمسين ملم في بعض مناطق الأرابيكا وثلاثين ملم في مناطق الروبستا – لم يؤثر سلبًا على نمو الحبوب. وجاء متوسط حجم الحبوب أكبر من العام الماضي، فيما سمح المناخ الشتوي المعتدل بتمديد موسم المعالجة، ما زاد من إنتاج القهوة المغسولة وشبه المغسولة. أما موجات الصقيع الخفيفة في يونيو فقد تسببت بتأثيرات محلية محدودة فقط.
تقدَّر المحاصيل لهذا الموسم بنحو اثنين وستين مليونًا وثلاثمئة ألف كيس، بانخفاض ثلاثة فاصل أربعة بالمئة عن التقديرات السابقة وخمسة فاصل أربعة بالمئة عن العام الماضي. من المتوقع أن يبلغ إنتاج الأرابيكا ستة وثلاثين مليونًا وخمسمئة ألف كيس (بانخفاض ثمانية عشر فاصل أربعة بالمئة مقارنة بالعام الماضي)، بينما سيرتفع إنتاج الروبستا إلى خمسة وعشرين مليونًا وثمانمئة ألف كيس (بارتفاع واحد وعشرين فاصل تسعة بالمئة). وتشير مؤشرات النمو القوي بعد الحصاد إلى إمكانات واعدة لموسم 2026/2027، حيث نفدت الشتلات من المشاتل بالفعل ويواصل المزارعون الاستثمار في التجديد والتوسع.
ملاحظات من المناطق
في جنوب ميناس جيرايس، أكبر منطقة منتجة للقهوة في العالم بمساحة خمسمئة ألف هكتار، برزت تحديات وفرص معًا. مدن مثل فارجينها وتريس بونتاس وبوسوس دي كالداش وغواكسيبي تمثل مراكز رئيسية للإنتاج. وعلى الرغم من أن متوسط الإنتاجية يصل إلى خمسة وعشرين كيسًا للهكتار، فقد رصدت زيارات إفكو تباينات كبيرة بين المزارع، لكن العامل المشترك كان الاستثمار المستمر في الابتكار، من تحديث المخازن إلى اعتماد تقنيات الري التي تسمح بتطبيق أدق للأسمدة وتحسين الغلة.
أما منطقة السيرادو، التي يصفها مدير إفكو في البرازيل جواو ماركوس كريسبو بأنها «المصنع»، فهي مثال على النهج الصناعي الدقيق. تمتد على مساحة مئتين وخمسين ألف هكتار، أكثر من نصفها مروي، وتحقق إنتاجية تصل إلى خمسة وثلاثين كيسًا للهكتار، بما يعادل نحو ستة ملايين كيس في كل موسم. الزراعة التجديدية أصبحت ممارسة شائعة هنا، إذ توفر التكاليف وتغني التربة بالعناصر الطبيعية. كما أدخل المزارعون مجففات ميكانيكية جديدة بقدرات مضاعفة مقارنة بالمجففات التقليدية.
ديناميكيات السوق
رغم مستويات الإنتاج الجيدة، يشهد السوق أبطأ وتيرة للتسويق منذ خمس سنوات. فالمزارعون يتمتعون بملاءة مالية تتيح لهم طرح القهوة في دفعات صغيرة، في انتظار ظروف أفضل للأسعار. في المقابل، زادت الرسوم الجمركية الأميركية بنسبة خمسين بالمئة على واردات البن البرازيلي اعتبارًا من أغسطس، ما أضاف عاملًا جديدًا من عدم اليقين في السوق. ويتعامل المصدّرون اليوم مع مزيج من الحذر في المبيعات والشراء مع متابعة لصيقة للتدفقات نحو الأسواق العالمية.
بصورة عامة، يتراوح إنتاج البرازيل لعام 2025 بين ستين واثنين وستين مليون كيس. ورغم تراجع إنتاج الأرابيكا، فإن الروبستا يعوض جزءًا من الفجوة، فيما تدفع الاستثمارات في الجودة إلى تحسين حجم الحبوب مقارنة بالعام الماضي. ومن المتوقع استمرار تقلبات السوق حتى أكتوبر على الأقل، حيث ستحدد أنماط الإزهار والأمطار ملامح حصاد 2026 المقبل.
خاتمة
من السيرادو المبتكر إلى الجنوب التقليدي في ميناس جيرايس، يثبت قطاع القهوة في البرازيل أنه مرن وقادر على التكيّف، مع تأثير عميق على الأسواق العالمية. ومع بدء وصول المحصول الجديد إلى الأسواق في أكتوبر، يبقى المؤكد أن أي «عطسة» في البرازيل ستظل مسموعة في كل أرجاء عالم القهوة.