
حصاد القهوة في البرازيل 2025/2026.. تقدّم واعد وسط ضغوط مناخية وتجارية وتقلبات حادة في الأسعار
دبي، 29 يوليو 2025 (قهوة ورلد) – شهدت أسعار القهوة العالمية هذا الأسبوع ارتفاعًا ملحوظًا وسط اضطرابات مناخية، وتوترات جيوسياسية، ومخاوف متزايدة بشأن وفرة الإمدادات. وبينما تمضي البرازيل، أكبر منتج للقهوة في العالم، قُدمًا في موسم الحصاد لعام 2025/2026، يشهد السوق العالمي حالة من التقلب الشديد قد تُؤثر على الأسعار خلال الأشهر المقبلة.
فقد ارتفعت أسعار العقود الآجلة لقهوة أرابيكا لشهر سبتمبر (KCU25) يوم الاثنين بنسبة %1.39 (+4.15)، كما ارتفعت عقود روبوستا (RMU25) بنسبة %4.03 (+130). ويعزى هذا الارتفاع إلى تقارير عن عاصفة بَرَدٍ شديدة ضربت منطقة ميناس جيرايس، وهي من أهم مناطق زراعة الأرابيكا في البرازيل، ما أثار مخاوف بشأن تضرر المحصول.
وتفاقمت تلك المخاوف مع احتمال فرض تعرفة جمركية بنسبة 50% على السلع البرازيلية إذا لم يتم التوصل إلى اتفاق تجاري مع الولايات المتحدة بحلول يوم الجمعة، مما يُهدد الإمدادات من البرازيل ويرفع من تكاليف القهوة عالميًا.
ضغوط مضاربية تعزز الارتفاع
أشارت بيانات “آيس فيوتشرز يوروب” إلى أن صناديق الاستثمار زادت من مراكزها البيعية الصافية في عقود روبوستا بمقدار 3,334 عقدًا لتصل إلى 4,628 عقدًا بحلول 22 يوليو، وهو أعلى مستوى خلال عامين. وقد تؤدي أي عمليات تغطية لهذه المراكز إلى المزيد من الارتفاع في الأسعار.
موسم حصاد متقدّم وجودة مرتفعة
رغم الضغوط الخارجية، يُسجّل موسم الحصاد في البرازيل تقدّمًا مستقرًا. ووفقًا لبيانات “سافراس آند ميركادو”، فإن %84 من إجمالي محصول 2025/2026 تم جمعه بحلول 23 يوليو، من ضمنها %96 من روبوستا و**%76 من أرابيكا**. كما أعلنت تعاونية “كوكشوبي” -أكبر تعاونية ومُصدر للقهوة في البرازيل– أن أعضائها أكملوا %59 من الحصاد حتى 18 يوليو.
ومن المتوقع أن يكتمل حصاد روبوستا بالكامل بنهاية يوليو، في حين يُنتظر أن ينتهي حصاد الأرابيكا بحلول نهاية أغسطس. وعلى الرغم من أن هذا الموسم يُعد من الأكثر رطوبةً خلال السنوات الأخيرة، إلا أن عمليات النقل والتجميع تسير بسلاسة، وجودة الحبوب جيدة جدًا.
الأمطار والصقيع والمقاومة
سجّلت بعض مناطق الأرابيكا أمطارًا وصلت إلى 50 ملم، ومناطق روبوستا سجلت 30 ملم، إلا أن الجودة لم تتأثر. بل وأفاد المنتجون بأن حجم الحبوب أعلى من العام الماضي، ومتوسط حجم الحبوب (screen size) يشير إلى أداء جيد.
في نهاية يونيو، وقعت صقيعات خفيفة في بعض مناطق الأرابيكا، إلا أن التقييمات الأولية أشارت إلى تأثير محدود جدًا على الأشجار، ولا يُتوقع أن تؤثر على محصول هذا الموسم.
الاستدامة في صدارة المشهد
يشهد هذا الموسم أيضًا دفعًا كبيرًا نحو الزراعة المستدامة. إذ تُجري شركة “سوكافينا” تدقيقات لبرنامجها الاستدامي IMPACT في مناطق: سيرادو، جنوب ميناس، ماتاس دي ميناس، باهيا، وروندونيا. ومن المتوقع أن تبدأ شحنات القهوة المعتمدة ضمن البرنامج في سبتمبر أو أكتوبر 2025.
كما شارك أكثر من 200 مزارع في ولاية ميناس جيرايس في ورشة “بناء صحة التربة” بالتعاون مع مؤسسة EMATER-MG، لتعلم ممارسات زراعية تجديدية. ويبدو أن هناك زخمًا قويًا نحو ممارسات أكثر استدامة في الأوساط الزراعية البرازيلية.
انخفاض في الصادرات وتباين في المخزونات
دعمت بيانات التصدير الأخيرة التوجه الصعودي للأسعار. إذ أظهرت أرقام “سيسافيه” أن صادرات البرازيل من القهوة الخضراء في يونيو تراجعت بنسبة %31 على أساس سنوي لتبلغ 2.3 مليون كيس، حيث انخفضت صادرات الأرابيكا بنسبة %27، والروبوستا بنسبة %42.
أما في ما يخص المخزونات، فقد تراجعت مخزونات الأرابيكا في بورصة “آيس” إلى أدنى مستوى لها في 3.25 أشهر لتبلغ 800,326 كيسًا، بينما ارتفعت مخزونات روبوستا إلى أعلى مستوى خلال عام عند 7,029 عقدًا.
توقعات الإنتاج العالمي
وفقًا لتقرير وزارة الزراعة الأمريكية (USDA) الصادر في 25 يونيو، من المتوقع أن يصل إنتاج القهوة العالمي لموسم 2025/2026 إلى 178.68 مليون كيس – وهو رقم قياسي. ويتضمن ذلك انخفاضًا بنسبة %1.7 في إنتاج الأرابيكا ليبلغ 97.02 مليون كيس، وزيادة بنسبة %7.9 في إنتاج روبوستا ليصل إلى 81.65 مليون كيس. كما يُتوقع أن ترتفع المخزونات الختامية بنسبة %4.9 لتبلغ 22.82 مليون كيس.
ورغم هذه التوقعات المرتفعة، تُحذر شركة “فولكافيه” من عجز كبير في أرابيكا يبلغ 8.5 ملايين كيس، وهو أعلى من عجز العام الماضي البالغ 5.5 ملايين كيس، ويُمثل خامس عجز سنوي على التوالي، مما يُبقي الأسعار عند مستويات مرتفعة نسبيًا.
مؤشرات إيجابية لموسم 2026
مع اقتراب نهاية موسم الحصاد الحالي، تُظهر الغطية النباتية بعد الحصاد مؤشرات قوية على موسم واعد في 2026. كما أفادت مشاتل القهوة بأن جميع الشتلات تم بيعها بالكامل، ما يُعزز من ثقة المزارعين واستعدادهم للتوسع في الإنتاج.
رغم اضطرابات السوق، يبدو أن البرازيل تُثبت من جديد قدرتها على تحقيق التوازن بين الجودة والإنتاجية، مع المضي قدمًا في اتجاهات أكثر استدامة واستعدادًا لمواكبة الطلب العالمي المتنامي.