ارتفاع أسعار القهوة عالمياً مع تفاقم أزمة الطقس في البرازيل والرسوم الجمركية الأميركية
ساو باولو، 25 أغسطس 2025 (قهوة ورلد) – لا تزال أسواق القهوة تحت ضغط شديد نتيجة الصدمات المناخية في البرازيل والتوترات التجارية مع الولايات المتحدة، ما دفع الأسعار إلى ارتفاعات حادة خلال الأسابيع الأخيرة، حتى مع تسجيل تراجع طفيف يوم الاثنين بفعل قوة الدولار الأميركي.
فقد قفزت عقود الأرابيكا في بورصة نيويورك إلى أعلى مستوى لها في ثلاثة أشهر ونصف في بداية التداولات، قبل أن تغلق منخفضة بنسبة 0.15% مع إقبال المستثمرين على جني الأرباح. أما عقود الروبوستا لشهر سبتمبر فلم يتم تداولها بسبب عطلة مصرفية في المملكة المتحدة. وقال محللون إن قوة الدولار حفزت عمليات بيع لجني الأرباح، غير أن المخاوف بشأن المعروض لا تزال تهيمن على السوق.
في البرازيل، من المتوقع أن تعكس أسعار التجزئة اتجاهها بعد أن تراجعت بمتوسط 12% في وقت سابق من أغسطس. وأظهرت بيانات جمعية صناعة القهوة البرازيلية (ABIC) أن أسعار البن الأخضر ارتفعت بنحو 25% بين يوليو وأغسطس لتصل إلى 2191 ريالًا (395 دولارًا) للكيس البالغ وزنه 60 كيلوغرامًا. ورغم ذلك، بلغ متوسط سعر القهوة المحمصة والمطحونة في المتاجر 58.99 ريالًا (نحو 10 دولارات) للكيلوغرام في أغسطس، أي أقل من ذروته في مايو حين تجاوز 70 ريالًا. وحذر المدير التنفيذي للجمعية، سيليريو إيناسيو، من أن أسعار المستهلك ستتحرك صعودًا لا محالة إذا استمر هذا الارتفاع أو حتى استقر عند مستوياته الحالية.
العامل الأكبر وراء هذا الصعود يتمثل في الرسوم الجمركية الأميركية بنسبة 50% على السلع البرازيلية، بما في ذلك القهوة. وتغطي البرازيل عادة نحو ثلث واردات البن الأخضر في الولايات المتحدة، وقد بدأ بعض المشترين الأميركيين بالفعل بإلغاء عقود جديدة. وقال مارسيو فيريرا، رئيس مجلس مصدري القهوة البرازيلي (Cecafé)، إن هذه الرسوم هي “المحرك الأساسي” لارتفاع الأسعار في بورصة نيويورك.
وتزيد العوامل المناخية من حدة الأزمة. فقد أفادت شركة الأرصاد الجوية سومار أن ولاية ميناس جيرايس، أكبر منطقة لإنتاج الأرابيكا في البلاد، لم تتلق أي أمطار خلال الأسبوع المنتهي في 23 أغسطس. كما تسببت موجات الصقيع السابقة في تفاقم المخاوف بشأن تراجع المحصول. ومع ذلك، أوضحت شركة “سافراس آند ميركادو” أن حصاد موسم 2025/2026 أوشك على الاكتمال بنسبة 99% حتى 20 أغسطس، حيث انتهى حصاد الروبوستا كليًا فيما بلغت نسبة حصاد الأرابيكا 98%. وذكر اتحاد “كوكسوبي”، أكبر تعاونية قهوة في البرازيل، أن نسبة الحصاد بين أعضائه بلغت 86.1% حتى منتصف أغسطس.
أما على صعيد التجارة، فقد تراجعت صادرات القهوة بشكل ملحوظ. وأفادت وزارة التجارة أن صادرات القهوة غير المحمصة في يوليو انخفضت بنسبة 20.4% على أساس سنوي إلى 161 ألف طن متري. وأظهرت بيانات Cecafé أن صادرات البن الأخضر هبطت بنسبة 28% إلى 2.4 مليون كيس، مع تراجع شحنات الأرابيكا بنسبة 21% والروبوستا بنسبة 49%. وبلغ إجمالي الصادرات بين يناير ويوليو 22.2 مليون كيس، بانخفاض 21% عن العام الماضي. في الوقت نفسه، سجلت المخزونات المراقبة في بورصة “ICE” أدنى مستوى لها منذ 15 شهرًا عند 726,661 كيس منتصف أغسطس قبل أن تتعافى قليلًا، فيما هبطت مخزونات الروبوستا إلى أدنى مستوى في أربعة أسابيع.
وعلى المستوى العالمي، توقعت خدمة الزراعة الأجنبية التابعة لوزارة الزراعة الأميركية (FAS) أن يرتفع إنتاج القهوة في موسم 2025/2026 بنسبة 2.5% إلى مستوى قياسي يبلغ 178.7 مليون كيس، مع تراجع طفيف في إنتاج الأرابيكا وزيادة تقارب 8% في الروبوستا. ومن المتوقع أن يبلغ إنتاج البرازيل 65 مليون كيس بزيادة 0.5%، فيما قد تسجل فيتنام 31 مليون كيس بزيادة 6.9%، وهو أعلى مستوى لها منذ أربع سنوات. ومع ذلك، تتوقع شركة فولكافيه عجزًا في الأرابيكا يبلغ 8.5 مليون كيس خلال الموسم، وهو أكبر من عجز العام السابق البالغ 5.5 مليون كيس، وللعام الخامس على التوالي.
وباعتبارها أكبر منتج ومصدر للقهوة في العالم وثاني أكبر مستهلك بعد الولايات المتحدة، تقف البرازيل في قلب هذه الأزمة. ومع الرسوم الأميركية وتباطؤ الصادرات وتراجع المخزونات ومخاطر الطقس، يحذر الخبراء من أن أسعار التجزئة في البرازيل وحول العالم مرشحة للارتفاع مجددًا، حتى وإن شهدت الأسواق بعض التراجعات اللحظية بفعل قوة الدولار أو جني الأرباح.