Burlap sacks of coffee beans stacked in a warehouse with low lighting, symbolizing the global decline in certified coffee stocks in 2025

انخفاض تاريخي في مخزون القهوة المعتمد يهدد استقرار السوق العالمي

دبي قهوة ورلد

يشهد سوق القهوة العالمي ضغوطًا متزايدة نتيجة تقلص الإمدادات، حيث سجلت المخزونات المعتمدة من قهوة الأرابيكا والروبوستا انخفاضًا حادًا خلال شهر سبتمبر 2025، وفقًا لأحدث تقرير صادر عن المنظمة الدولية للقهوة (ICO). وأظهر التقرير أن مستويات المخزون في مستودعات البورصات العالمية الكبرى تراجعت إلى أدنى مستوياتها منذ سنوات، ما يعكس تصاعد القلق بشأن وفرة القهوة في الأسواق وصعوبات الشحن والتصدير من الدول المنتجة الرئيسة.

وكشف التقرير أن المخزون المعتمد من الأرابيكا في الولايات المتحدة انخفض بنسبة 19.3% ليصل إلى 0.66 مليون كيس (60 كلغ)، بينما تراجع مخزون الروبوستا في لندن بنسبة 4.3% ليصل إلى 1.08 مليون كيس. ووصفت المنظمة هذا التراجع المزدوج بأنه «مؤشر واضح على تشدد الإمدادات العالمية»، محذرة من أن استمرار انخفاض المخزون قد يؤدي إلى زيادة التقلبات السعرية خلال الأشهر المقبلة إذا لم تُعوض هذه النقصات عبر تدفقات جديدة من الصادرات.

ويأتي هذا الانخفاض في وقت ارتفعت فيه الأسعار العالمية إلى أعلى مستوى منذ عامين، إذ بلغ المؤشر المركب لأسعار القهوة (I-CIP) في سبتمبر 324.62 سنتًا أمريكيًا للرطل، مسجلًا ارتفاعًا بنسبة 9.3% مقارنة بشهر أغسطس و25.4% على أساس سنوي. ورغم أن زيادة الطلب والمضاربات ساهمت في هذا الارتفاع، فإن المحللين يؤكدون أن السبب الرئيس وراء صعود الأسعار هو انخفاض المعروض الفعلي وتباطؤ حركة الصادرات من الدول المنتجة الكبرى، وعلى رأسها البرازيل وكولومبيا وفيتنام.

وفي البرازيل، أكبر منتج ومصدر للقهوة في العالم، استمرت الصادرات في التراجع على الرغم من تحسن المحصول، إذ أظهرت بيانات مجلس مصدّري القهوة البرازيلي (Cecafé) أن صادرات القهوة انخفضت للشهر العاشر على التوالي بسبب الاختناقات اللوجستية في ميناء سانتوس وتأخر عمليات التفريغ والتخليص الجمركي. وحتى مع توفر كميات كبيرة محليًا، فإن جزءًا كبيرًا من المحصول ما زال مخزَّنًا في المستودعات بانتظار الشحن، ما أدى إلى تراجع الإمدادات المعتمدة عالميًا.

أما في كولومبيا، فقد تأثرت الصادرات سلبًا بالظروف المناخية غير المستقرة في مناطق الزراعة الرئيسية وبالاضطرابات التي شهدتها البنية التحتية خلال الأشهر الماضية. وفي المقابل، تمكنت فيتنام، أكبر منتج للروبوستا، من الحفاظ على مستويات إنتاج مستقرة، لكنها واجهت ازدحامًا في سلاسل الإمداد أدى إلى تأخير التسليمات الموجهة إلى الأسواق الأوروبية والأمريكية.

وذكرت المنظمة الدولية للقهوة أن هذه التطورات خلقت حالة «غير اعتيادية» في السوق، حيث تتناقص المخزونات بسرعة في ظل بطء إعادة تعبئتها. وأكدت أن استمرار هذا الاتجاه قد يؤدي إلى ضغوط إضافية على الأسعار العالمية إذا لم تتحسن معدلات التصدير بحلول نهاية عام 2025، مشيرة إلى أن «وتيرة انخفاض المخزون المعتمد تقترب الآن من مستويات عام 2021».

وأشارت المنظمة إلى أن العوامل التجارية والسياسات النقدية ساهمت في تعقيد المشهد. فالولايات المتحدة ما زالت تُبقي على رسوم جمركية بنسبة 50% على واردات القهوة، مما دفع المستوردين إلى التردد في شراء شحنات جديدة، والاعتماد بدلًا من ذلك على المخزون القائم. في الوقت نفسه، أدى خفض الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي لسعر الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس إلى زيادة نشاط المضاربات في الأسواق، ما شجع المستثمرين على شراء العقود الآجلة وساهم في استنزاف المزيد من المخزون المعتمد.

كما أشار التقرير إلى أن حالة الغموض التنظيمي في أوروبا ساهمت أيضًا في تراجع تدفقات القهوة إلى السوق. إذ يراجع العديد من المصدرين خططهم بعد إعلان المفوضية الأوروبية عن احتمال تأجيل تنفيذ لائحة إزالة الغابات (EUDR) لمدة عام إضافي، وهي اللائحة التي تفرض على الشركات المستوردة تقديم بيانات دقيقة عن منشأ القهوة وضمان تتبعها جغرافيًا بدءًا من عام 2026. وقد دفع هذا الوضع العديد من الشركات إلى تأجيل بعض الشحنات بانتظار اتضاح تفاصيل التطبيق، مما قلل من الكميات المتاحة للتداول في المدى القريب.

وحذر محللون من أن استمرار هذا التراجع في المخزون المعتمد قد يؤدي إلى نقص أكثر حدة في الربع الأول من عام 2026 إذا لم تُحل مشكلات التصدير الحالية. وجاء في التقرير أن السوق تعمل حاليًا عند «أدنى مستويات المخزون منذ سنوات»، ما يعني أن أي اضطراب بسيط في النقل أو الإنتاج قد يترك أثرًا مضاعفًا على الأسعار.

كما أظهرت بيانات البورصات العالمية أن أسعار العقود الآجلة للأرابيكا في نيويورك ارتفعت بنسبة 11.5% لتصل إلى 366.31 سنتًا للرطل، في حين ارتفعت أسعار الروبوستا في لندن بنسبة 8.9% إلى 197.56 سنتًا للرطل. ونتيجة لذلك، اتسع الفارق السعري بين السوقين بنسبة 14.7% ليصل إلى 168.75 سنتًا للرطل وهو الأعلى خلال عام 2025. وفسّرت المنظمة هذا الفارق بأنه انعكاس لاختلال التوازن بين العرض والطلب وتفاوت حجم المخزون بين المراكز التجارية الكبرى.

كما سجلت التقلبات اليومية في الأسعار ارتفاعًا إلى 13.8% خلال سبتمبر، وهو أعلى من مستوى أغسطس بنحو ثلاث نقاط مئوية. وأوضحت المنظمة أن انخفاض المخزون عادة ما يزيد من حساسية السوق تجاه الأخبار والتقارير، مما يضخم تأثير المضاربات على الأسعار.

وتوقعت المنظمة أن تحتاج الأسواق إلى فترة زمنية أطول لاستعادة التوازن، رغم أن مواسم الحصاد القادمة في أمريكا الوسطى وشرق إفريقيا قد توفر بعض الدعم للإمدادات. ومع ذلك، تظل تكاليف الأسمدة والعمالة مرتفعة في كثير من الدول المنتجة، مما يحد من قدرة المزارعين على التوسع في الإنتاج أو الاستثمار في تحسين جودة المحاصيل.

واختتم التقرير بالتأكيد على أن الانخفاض التاريخي في المخزون المعتمد يعكس خللًا هيكليًا أعمق بين الإنتاج والاستهلاك تراكم على مدار العامين الماضيين. فاستمرار العوائق التجارية والقيود اللوجستية والتأجيلات التنظيمية جعلت الأسواق أكثر هشاشة في مواجهة ارتفاع الطلب العالمي. وحذرت المنظمة من أن استمرار هذا الاتجاه قد يؤدي إلى فترة مطولة من الأسعار المرتفعة والتقلبات الحادة إذا لم تتحسن تدفقات الصادرات خلال الأشهر المقبلة.

وفي ظل هذا الوضع، ترى المنظمة أن المرحلة المقبلة تتطلب من الدول المنتجة والمصدرين التركيز على إدارة المخزون وسلاسل التوريد بشكل أكثر كفاءة، مع الالتزام بمعايير الاستدامة لضمان استقرار السوق العالمي للقهوة.

Spread the love
نشر في :
WhatsApp Icon