الصين تعزز ثقافة القهوة بـ12 ألف مقهى جديد

الصين تعزز ثقافة القهوة بـ12 ألف مقهى جديد

تشهد الصين تحوّلًا لافتًا في ثقافتها الاستهلاكية تجاه القهوة، حيث سُجّل افتتاح ما يقارب 12 ألف مقهى جديد خلال عام واحد فقط، ما يعكس تنامي الإقبال الشعبي على هذا المشروب، وتوسّع العلامات التجارية المحلية، في مقابل تراجع ملحوظ في أداء “ستاربكس” داخل السوق الصينية.

وبحسب بيانات منصات مختصة في قطاع الأغذية والمشروبات، ارتفع إجمالي عدد المقاهي في البلاد إلى نحو 67 ألف مقهى بنهاية عام 2024، رغم إغلاق عدد من الفروع. هذا النمو الملحوظ لم يقتصر على المدن الكبرى فحسب، بل شمل أيضًا مدنًا صاعدة ذات طابع اقتصادي وسكاني متسارع.

في مارس الماضي، منح الرئيس الصيني شي جين بينغ دفعة رمزية لصناعة القهوة المحلية، حين وصف قهوة “يونان” بأنها تمثل الصين، ما اعتُبر دعمًا رسميًا لتوسيع زراعة البن المحلي وترويج استهلاكه. هذا التصريح ساهم في ترسيخ مكانة القهوة كمشروب وطني، وعزّز من نمو السوق الداخلي.

في المقابل، تراجع أداء “ستاربكس”، التي كانت تحتل صدارة السوق، حيث انخفضت حصتها من 34% في عام 2019 إلى 14% في عام 2024، وفقًا لبيانات “يورو مونيتور”. كما سجلت الشركة انخفاضًا بنسبة 8% في مبيعات الفروع داخل الصين خلال العام المالي الماضي، في ظل تزايد المنافسة وانخفاض الأسعار.

في طليعة الموجة الجديدة من العلامات المحلية تبرز سلسلة “ناووا كوفي”، التي تجاوز عدد فروعها 2000 مقهى في أنحاء الصين. ويؤكد مؤسس السلسلة ومديرها التنفيذي أن القهوة باتت جزءًا من الحياة اليومية لفئات متنوعة من الشباب والعاملين في القطاعات الخدمية، وليس حكرًا على الموظفين والمكاتب كما في السابق.

تعتمد “ناووا” على نموذج اقتصادي مرن، عبر افتتاح فروع صغيرة المساحة داخل متاجر، فنادق، ومراكز تجارية، ما يقلّل التكاليف ويُسهل التوسع. وخلال شهر مارس وحده، أطلقت السلسلة مئات الفروع الجديدة وحققت نموًا ملحوظًا في الإيرادات الشهرية.

ويُقدّر حجم سوق القهوة في الصين بنحو 624 مليار يوان (86 مليار دولار أمريكي) في عام 2024، مع توقعات بتجاوزه حاجز التريليون يوان في 2025، بحسب تقرير صادر عن “iiMedia”. ومع ذلك، فإن ارتفاع عدد الفاعلين في السوق أدى إلى تراجع متوسط سعر فنجان القهوة إلى 28 يوانًا، بانخفاض 14% عن العام السابق.

هذا الانخفاض في الأسعار دفع بالسوق نحو مزيد من التشبع، ما أجبر العديد من العلامات على التكيف من خلال توسيع قائمة المنتجات لتشمل مشروبات الشاي والمخبوزات والمشروبات المستوحاة من الثقافة المحلية. كما لجأت بعض السلاسل إلى افتتاح فروع في مواقع سياحية وأثرية بهدف جذب الزوار وتعزيز حضورها على منصات التواصل.

وفي ظل هذه التحولات، تجد العلامات التجارية العالمية نفسها أمام تحدٍّ حقيقي للبقاء في السوق، مما يتطلب توطينًا أعمق للمنتجات وتحالفات محلية ذكية تواكب الذوق الصيني المتغير. ففي سوقٍ بات فيه التنوّع والتكلفة والثقافة المحلية عناصر حاسمة، لم تعد الشهرة وحدها كافية لضمان النجاح.

Spread the love
نشر في :