كوكاكولا تدرس بيع “كوستا كوفي” في مراجعة استراتيجية قد تغيّر ملامح سوق القهوة
دبي، 24 أغسطس 2025 (قهوة ورلد) – تفكر شركة كوكاكولا الأميركية في بيع سلسلة المقاهي البريطانية “كوستا كوفي”، في خطوة قد تشكّل منعطفاً جديداً في صناعة القهوة العالمية. وأكدت مصادر مطلعة أن الشركة استعانت ببنك الاستثمار لازار لمراجعة الخيارات الاستراتيجية المتاحة، بما في ذلك احتمال التخارج من “كوستا” أو إعادة هيكلة عملياتها، فيما أشارت تقارير صحفية إلى أن محادثات أولية أجريت بالفعل مع عدد محدود من المستثمرين المحتملين، من بينهم شركات استثمار مباشر، على أن تُقدَّم العروض الأولية في وقت لاحق من الخريف.
هذه التطورات تأتي بعد سبع سنوات فقط من استحواذ كوكاكولا على “كوستا كوفي” في عام 2018 بصفقة بلغت قيمتها أكثر من خمسة مليارات دولار. حينها، رأت الشركة أن الاستثمار يمثل بوابة واسعة لدخول سوق المقاهي العالمية وتعزيز موقعها في قطاع القهوة الذي تسيطر عليه أسماء كبرى مثل “ستاربكس” و”نستله”. وتملك “كوستا” اليوم ما يقارب أربعة آلاف فرع حول العالم، منها أكثر من 2700 في المملكة المتحدة وأيرلندا، بالإضافة إلى ما يزيد على 1300 فرع في عشرات الدول الأخرى.
غير أن النتائج لم تلبِّ طموحات كوكاكولا. فرغم تحقيق إيرادات بلغت نحو 1.22 مليار جنيه إسترليني عام 2023 بزيادة 9% عن العام السابق، سجّلت “كوستا” خسائر قبل الضريبة وصلت إلى 9.6 ملايين جنيه، مقارنة بأرباح تجاوزت 245 مليون جنيه في 2022. وأعاد محللون هذه التراجع إلى الضغوط التضخمية التي رفعت تكاليف البن والمواد الخام، إلى جانب المنافسة الشرسة في سوق المقاهي البريطانية وازدياد إقبال المستهلكين على خيارات صحية ومستدامة، فضلاً عن إغلاق بعض الفروع في مدن صغيرة مثل أندوفر ولايم ريجيس.
وتشير تقديرات إلى أن القيمة السوقية الحالية لـ”كوستا” قد لا تتجاوز ملياري جنيه إسترليني، أي أقل من نصف ما دفعته كوكاكولا قبل سبع سنوات، ما يعكس حجم التحديات التي تواجهها العلامة التجارية في الوقت الراهن. ورغم هذه التوقعات المتشائمة، لم تستبعد تقارير أن تختار كوكاكولا الاحتفاظ بالسلسلة مع إعادة هيكلة شاملة، أو المضي في بيع جزئي يشمل بعض الأسواق أو الأنشطة.
الرئيس التنفيذي للشركة، جيمس كوينسي، كان قد لمح في مكالمة للمستثمرين الشهر الماضي إلى أن استثمار كوكاكولا في “كوستا” لم يحقق الأهداف المرجوة. وقال: “الاستثمار في كوستا لم يصل إلى المستوى الذي توقعناه وفق الفرضيات الاستثمارية”، مشيراً إلى أن الشركة بصدد مراجعة شاملة للنتائج والتجارب، والتفكير في طرق جديدة للنمو في قطاع القهوة، مع الاستمرار في تشغيل “كوستا” بنجاح.
التحرك الأخير يعكس اتجاهاً أوسع في صناعة الأغذية والمشروبات عالمياً، حيث تسعى الشركات الكبرى إلى إعادة هيكلة محافظها الاستثمارية لمواجهة الضغوط التضخمية وتغيّر أذواق المستهلكين نحو منتجات أكثر صحية واستدامة. وفي هذا السياق، أعلنت كوكاكولا في الولايات المتحدة الشهر الماضي عن التحول إلى استخدام السكر الطبيعي المستخرج من قصب السكر، استجابةً لمطالب المستهلكين ومبادرات الصحة العامة.
وفي حال إتمام الصفقة، سيكون لها تأثير واسع على سوق القهوة العالمية، إذ تُعد “كوستا” من أبرز العلامات التي تنافس “ستاربكس” على مستوى متعدد القارات. كما أن دخول مستثمر جديد قد يفتح الباب أمام ضخ استثمارات إضافية وخطط توسع مختلفة تعيد الحيوية إلى العلامة التجارية. أما بالنسبة لكوكاكولا، فإن بيع “كوستا” سيمنحها فرصة لإعادة تركيز مواردها على قطاعات أخرى أكثر انسجاماً مع استراتيجيتها الحالية.
حتى الآن، لا يزال القرار النهائي قيد الدراسة، لكن المؤكد أن تجربة كوكاكولا مع “كوستا” التي اعتُبرت ذات يوم إحدى أبرز صفقاتها التوسعية، تمر بمرحلة حاسمة. والنتائج المنتظرة في الخريف، سواء ببيع كامل أو جزئي أو استمرار تحت إدارة جديدة، ستحدد مستقبل واحد من أشهر أسماء القهوة في العالم، وتعيد رسم ملامح المنافسة في سوق المقاهي العالمية.