اكتشاف صادم.. فنجان قهوة واحد قد يقلل من جودة دم المتبرعين
دبي، 8 سبتمبر 2025 (قهوة ورلد) – كشفت دراسة علمية حديثة نُشرت في مجلة هيماتولوجيكا أن الكافيين، أكثر مادة منبّهة يستهلكها البشر يوميًا، يمكن أن يقلل من جودة دم المتبرعين عند تخزينه، مما قد يؤثر سلبًا على نتائج عمليات نقل الدم ويحد من الفائدة المرجوة للمرضى.
اعتمدت الدراسة على بيانات أكثر من ثلاثة عشر ألف متبرع بالدم، حيث قام العلماء بتحليل مستويات الكافيين في الدم وربطها بجودة كريات الدم الحمراء خلال فترة التخزين. وأظهرت النتائج أن الدم المأخوذ من متبرعين لديهم مستويات مرتفعة من الكافيين كان أكثر هشاشة وأقل قدرة على أداء وظائفه الحيوية بعد نقله للمرضى. وقد تبيّن أن هذه الخلايا تعاني من انخفاض الطاقة وتراجع جزيئات حيوية مهمة مثل أدينوزين ثلاثي الفوسفات، بالإضافة إلى زيادة مؤشرات الإجهاد التأكسدي التي تجعلها أكثر عرضة للتحلل.
الأمر اللافت أن التأثيرات السلبية للكافيين لم تكن متساوية عند جميع المتبرعين، بل برزت بشكل أوضح لدى من يحملون طفرات في جين يعرف باسم أدورا2بي، وهو مستقبل موجود على سطح كريات الدم الحمراء يساعدها في التكيف مع نقص الأكسجين. ومع استهلاك الكافيين، يتعطل عمل هذا المستقبل، فتضعف قدرة الدم على مواجهة ظروف التخزين، مما يؤدي إلى نتائج أقل فاعلية عند نقله.
كما أظهرت التجارب المخبرية أن الكافيين لا يقتصر على تعطيل هذا المستقبل فقط، بل يعمل أيضًا على تثبيط إنزيم حيوي مهم يعرف باسم جلوكوز-6-فوسفات ديهيدروجيناز، وهو المسؤول عن تعزيز دفاعات الخلية ضد الأكسدة. هذا التأثير المزدوج يجعل كريات الدم الحمراء أكثر عرضة للضرر، ويقلل من قدرتها على البقاء بعد عملية النقل.
ويؤكد الباحثون أن التداعيات الصحية لهذه النتائج كبيرة، إذ يتم نقل أكثر من اثني عشر مليون وحدة دم سنويًا في الولايات المتحدة وحدها. ومن ثم فإن أي عامل يقلل من جودة الدم المخزن يمكن أن يترك آثارًا واسعة على الصحة العامة. لكن الجانب الإيجابي أن الكافيين يُعد عاملًا يمكن التحكم فيه، وبما أن فترة نصف عمره في الجسم قصيرة، فإن الامتناع عن تناوله قبل التبرع بالدم بيوم واحد فقط قد يحسن من جودة الدم المنقول.
بعض الدول الأوروبية بدأت بالفعل في نصح المتبرعين بالامتناع عن شرب القهوة أو المشروبات الغنية بالكافيين قبل التبرع، في حين أن دولًا أخرى مثل الولايات المتحدة وإيطاليا لا تضع مثل هذه القيود، بل أحيانًا يُشجَّع المتبرعون على تناولها لتسهيل عملية السحب بفضل تأثيرها المؤقت على ضغط الدم.
ويرى العلماء أن هذه النتائج تدعو إلى اعتماد نهج أكثر دقة في طب نقل الدم، بحيث لا يقتصر تقييم الدم على فصيلة المتبرع فحسب، بل يشمل أيضًا العادات الغذائية والعوامل الجينية. وبهذا يمكن توجيه الوحدات ذات الجودة الأعلى إلى المرضى الأكثر حاجة مثل الأطفال أو المصابين بفقر دم شديد.
المفارقة المثيرة أن الآليات نفسها التي تجعل الكافيين ضارًا بجودة الدم المخزن، قد تكون مفيدة للرياضيين، إذ إن الارتفاع الطفيف في الإجهاد التأكسدي يساعد الجسم على التكيف ويزيد من القدرة على التحمل. غير أن هذا الأثر الإيجابي في الرياضة يتحول إلى عبء في بنوك الدم، حيث يجعل وحدات الدم أقل فاعلية لإنقاذ الأرواح.