في محاولة لكسر صمت صناعة القهوة تجاه الأزمة الإنسانية المتفاقمة في غزة، أُطلقت مبادرة جديدة بعنوان أبناء القهوة من أجل فلسطين، داعيةً الشركات والعاملين في قطاع القهوة إلى اتخاذ موقف حقيقي وتقديم الدعم الإنساني الملموس.
ديفيد لالوند، الشريك المؤسس لشركة “رابيت هول روسترز” الكندية، أطلق الحملة في 14 أبريل، مستهدفًا جمع التبرعات لصالح مشروع “سمير”، وهو منظمة فلسطينية للمساعدة المتبادلة تقدم مساعدات حيوية مباشرة للأهالي في غزة. حتى الآن، تمكنت المبادرة من جمع أكثر من 2500 دولار، مع استمرار استقبال التبرعات حتى 15 مايو.
وقال لالوند: “صناعة القهوة كثيرًا ما تتفاخر بأخلاقيتها، من خلال الحديث عن الاستدامة، والتجارة العادلة، والممارسات المسؤولة، لكنها تصمت عندما يتعلق الأمر بإحدى أكبر الكوارث الإنسانية في العصر الحديث. هذه الحملة بمثابة دعوة للاستيقاظ”.
مشروع “سمير”، الذي يتخذ من لندن مقرًا له، ويقوده أربعة فلسطينيين من الشتات، يعمل بالتعاون المباشر مع فرق ميدانية في غزة لتوفير الطعام والمياه والمستلزمات الطبية والدعم المالي للعائلات النازحة. تأتي جهودهم وسط ظروف إنسانية كارثية، مع تحذيرات دولية متزايدة من مجاعة وشيكة ونقص حاد في الإمدادات.
تعاون لالوند مع شركات وجهات أخرى مثل “هارت روسترز” و”تابيب روسترز” ومنصات مجتمعية مثل “غيتشوسومغير” و”ستاي بلومين”، لإظهار أن القضية تلقى دعمًا واسعًا داخل مجتمع القهوة. وأضاف: “أردت أن أثبت أنني لست وحدي، وأن هناك الكثيرين ممن يهتمون ويريدون التحرك”.
تتضمن الحملة أيضًا سحبًا خاصًا للمتبرعين يشمل جوائز ثقافية فلسطينية مثل زيت زيتون فلسطيني، وكوفية، وأعمال تطريز تقليدية (تطريز)، بالإضافة إلى نسخ من كتاب تاريخ موجز للصراع الفلسطيني الإسرائيلي للمؤرخ إيلان بابيه. ويأمل لالوند أن يساهم هذا الجانب الثقافي في تعميق فهم المشاركين للقضية الفلسطينية.
المقارنة مع استجابة قطاع القهوة للأزمة الأوكرانية في عام 2022 كانت حاضرة بقوة، إذ سارعت كبرى المؤسسات مثل رابطة القهوة المختصة (SCA) إلى إعلان دعمها لأوكرانيا واتخذت إجراءات ملموسة، في حين بقيت معظم الجهات صامتة تجاه الوضع في غزة.
وعلق لالوند قائلاً: “الفارق في الاستجابة مذهل. لقد رأينا من قبل كيف اجتمعت صناعة القهوة لدعم قضية عادلة. فما هو العذر الآن؟”
من جانبها، أعربت تهاني حسن، الشريكة في تأسيس “تابيب روسترز”، عن تفاؤل حذر قائلة: “رغم الاستجابة الإيجابية للحملة، إلا أن هناك ترددًا واسع النطاق داخل مجتمع القهوة لاتخاذ خطوات حاسمة. نأمل أن تشجع هذه المبادرة المزيد من الناس على استخدام أصواتهم”.
اختار لالوند أن تمتد الحملة حتى 15 مايو، الذي يوافق ذكرى النكبة، تخليدًا لذكرى تهجير الفلسطينيين في عام 1948، مؤكدًا أن معاناة الفلسطينيين لم تتوقف منذ ذلك الحين.
تعيش غزة اليوم تحت وطأة أوضاع إنسانية مأساوية مع استمرار الحصار ومنع دخول المساعدات، حيث حذر برنامج الغذاء العالمي من مجاعة وشيكة، وأكدت تقارير أممية أن تسعة من كل عشرة أشخاص في شمال غزة يقتاتون على أقل من وجبة واحدة يوميًا.
وسط هذه الكارثة، يواصل مشروع “سمير” جهوده لتوفير الوجبات، المياه النقية، والأدوية رغم القيود الخانقة والهجمات على المرافق الصحية، حيث تم تدمير أو تعطيل معظم المستشفيات في القطاع.
وأكد لالوند أن التضامن الحقيقي يتطلب أكثر من مجرد بيانات دعم عابرة، قائلاً: “كما قالت الكاتبة كول آرثر رايلي: التضامن الحقيقي يكلف شيئًا. نحتاج إلى حركة مستدامة، تمتد لما هو أبعد من فلسطين، لتكون بداية لحراك أكبر وأقوى داخل وخارج صناعة القهوة”.
من خلال مبادرات مثل أبناء القهوة من أجل فلسطين، يأمل المنظمون أن يروا صناعة القهوة تتحرك مجددًا بروح التضامن الحقيقي مع القضايا الإنسانية الملحة، وأن تكون هذه الخطوة بداية لوعي أوسع يمتد إلى مجالات أخرى أيضًا.