دبي – قهوة ورلد
تشتهر القهوة بقدرتها على إبقاء الناس في حالة من اليقظة والتركيز، لكن بحثًا جديدًا يكشف أنها قد تفعل ما هو أكثر من ذلك. فقد أظهرت دراسة نُشرت في مجلة Human Psychopharmacology: Clinical and Experimental أن الكافيين يمكن أن يعزز الصمود عند مواجهة مهام معقدة أو حتى غير قابلة للحل، ويظهر هذا التأثير بشكل أوضح عندما يكون الشخص تحت ضغط نفسي.
أجرى باحثون من كلية أمهرست في الولايات المتحدة سلسلة من التجارب شملت 329 طالبًا. طُلب من المشاركين أداء مهام أُدرجت فيها عناصر غير قابلة للحل عمدًا. في التجربة الأولى لم تؤدِّ جرعة منخفضة من الكافيين (40 ملغ، أي ما يعادل نصف فنجان قهوة تقريبًا) إلى أي تأثير ملموس. أما في التجربة الثانية، فقد ساعدت جرعة أعلى تبلغ 100 ملغ (تعادل فنجانًا واحدًا من القهوة) المشاركين على الاستمرار وقتًا أطول في مهمة بصرية، بينما لم يظهر الأثر ذاته في مهمة لفظية.
وجاءت النتيجة الأبرز في التجربة الثالثة التي تضمنت اختبارًا للضغط عبر غمر اليد في ماء بارد. فقد أظهر المشاركون الذين تعرضوا للضغط وتناولوا 100 ملغ من الكافيين صمودًا أكبر بكثير مقارنة بالمجموعة الضابطة، في حين سجل المشاركون الذين لم يتعرضوا لأي ضغط انخفاضًا طفيفًا في الصمود بعد تناول الكافيين.
ويرى الباحثون أن التأثير يرتبط بقدرة الكافيين على تحفيز أنظمة الناقلات العصبية مثل الدوبامين والنورأدرينالين والأدينوزين، وهي مرتبطة بالدافعية والانتباه. وتلعب هرمونات الضغط النفسي، وعلى رأسها الكورتيزول، دورًا رئيسيًا في تضخيم هذه الاستجابة، إذ يزداد مستواها بعد التعرّض للضغط مما يجعل الدماغ أكثر حساسية للمنبهات. ووفقًا لموقع PsyPost فقد ارتفعت نسبة الوقت الذي استمر فيه المشاركون في البحث البصري من 38% إلى 52% بعد تناول الكافيين مع التعرّض للضغط، وهو ما يؤكد تفاعلًا معقدًا بين الكافيين والضغط النفسي.
ويؤكد مؤلفو الدراسة أن النتائج ما زالت أولية، مشيرين إلى بعض القيود مثل وصول بعض المشاركين إلى الحد الأقصى للوقت المحدد، وعدم احتساب الفروقات في استهلاك الكافيين اليومي بشكل كامل. ويدعون إلى إجراء مزيد من الأبحاث باستخدام مؤشرات فسيولوجية وتقنيات تصوير عصبي لفهم آليات هذا التأثير بصورة أوضح.
الكافيين هو أكثر مادة منبهة يتناولها البشر على مستوى العالم، ويعتمد عليها مليارات الأشخاص يوميًا لتعزيز التركيز والإنتاجية. وتشير هذه الدراسة إلى أن فوائد القهوة قد تتجاوز حدود اليقظة المعتادة، لتشمل أيضًا تعزيز القدرة على الصمود في مواجهة التحديات. وبينما يحتاج الأمر إلى مزيد من الأدلة، فإن هذه النتائج تضيف بعدًا جديدًا إلى فهمنا لدور القهوة في حياتنا اليومية.