أزمة أسعار القهوة تتفاقم بسبب “نداءات الهامش”.. ضغوط خفية تهدد المصدرين والتعاونيات

أزمة أسعار القهوة تتفاقم بسبب “نداءات الهامش”.. ضغوط خفية تهدد المصدرين والتعاونيات

في الوقت الذي تشهد فيه أسعار القهوة ارتفاعًا تاريخيًا غير مسبوق، مدفوعة بموجات الجفاف، واضطرابات سلاسل التوريد، وارتفاع تكاليف الشحن، تبرز قوة مالية خفية تهدد استقرار تجارة القهوة العالمية: نداءات الهامش.

هذه الآلية المالية المعقدة، التي تبقى مجهولة إلى حد كبير للمستهلكين، تضغط بقوة على المصدرين والتعاونيات وصغار التجار في البلدان المنتجة، ما ينذر بانهيار في سلاسل التوريد العادلة والمستدامة التي استغرق بناؤها سنوات.

ما هي نداءات الهامش؟

عند قيام المصدرين بالتحوط من تقلبات أسعار القهوة عبر العقود الآجلة، يتعين عليهم إيداع مبلغ مالي يُعرف بـ”الهامش المبدئي” كضمان للصفقة.

ولكن في حال تحرك السوق بعكس مراكزهم، كما هو الحال عندما ترتفع الأسعار وهم باعوا عقودًا بأسعار أقل، يتلقون نداء هامش، يطلب منهم فيه إيداع أموال إضافية خلال 24 ساعة لتغطية الخسارة المحتملة.

مثال واقعي من 2024–2025

في بداية عام 2024، قفزت أسعار “أرابيكا” من 1.90 دولار للرطل إلى أكثر من 3.80 دولار خلال 12 شهرًا فقط.

إحدى التعاونيات في هندوراس كانت قد تعاقدت على تصدير القهوة بسعر 2.00 دولار للرطل من خلال عقود آجلة، لحماية دخل المزارعين.

لكن ومع تضاعف السعر في السوق:

  • أصبحت مراكزها التحوطية خاسرة بشدة

  • طالبتها البورصة بدفع نداء هامش قدره 1.80 دولار للرطل

  • وبالنظر إلى كمية تعادل 10,000 كيس (حوالي 600 طن متري)، تطلب الأمر سيولة فورية تتجاوز 2 مليون دولار أمريكي

وبسبب عدم توفر السيولة أو خطوط ائتمان طارئة، اضطرت التعاونية إلى إغلاق مراكزها بخسارة والتخلف عن تسليم القهوة فعليًا للمشتري.

من هم الخاسرون؟

الوضع يزداد سوءًا في صفوف:

  • المصدرين الصغار والمتوسطين الذين بات التحوط يشكل فخًا نقديًا

  • التعاونيات المنتجة التي لا تملك شبكات أمان مالية

  • سلاسل التوريد الأخلاقية التي قد تنهار بسبب عدم القدرة على الالتزام بالعقود

  • البنوك المحلية التي باتت تحجم عن تمويل العقود الآجلة بسبب التقلبات

المفارقة أن أسعار القهوة في أعلى مستوياتها، لكن كثيرًا من المنتجين لا يستفيدون منها، إما لأنهم باعوا في وقت مبكر، أو لأن الوسطاء خرجوا من السوق بسبب الخسائر.

من هم الرابحون؟

على الطرف الآخر، يستفيد بعض الفاعلين الكبار:

  • شركات التجارة الكبرى التي تمتلك القدرة على تحمل نداءات الهامش والاستفادة من انسحاب المنافسين

  • المضاربون الذين يحققون أرباحًا من ارتفاع الأسعار

  • المحامص التي أبرمت عقودًا بأسعار ما قبل الأزمة

  • المزارعون غير المتحوطين قد يحققون أرباحًا أعلى، بشرط أن يشتري المشترون القهوة بسعر السوق الفوري — وهو أمر غير مضمون دائمًا

هل ما زال التحوط أداة لحماية المنتجين؟

كان التحوط دائمًا وسيلة لإدارة المخاطر. لكن في ظل التقلبات الحالية، تحوّل إلى أداة تضاعف من الخسائر.

السؤال الحقيقي اليوم لم يعد: كيف نتحوط؟ بل: من يستطيع أن يتحوط؟

في ظل غياب أدوات تمويل بديلة أو حلول طارئة، يبدو أن المنتجين الصغار والمتعاونين في الجنوب العالمي يخرجون من اللعبة – لتبقى السوق في قبضة اللاعبين الكبار.

بقلم: إنيو كانترجياني، مالك ومدير أكاديمية القهوة – سويسرا

Spread the love
نشر في :