شهدت أسعار القهوة ارتفاعًا كبيرًا خلال عام 2024، حيث قفزت الأسعار يوم الثلاثاء بنسبة 5% لتصل إلى 347 دولارًا للعقد الواحد (100 رطل)، مسجلةً أعلى مستوى لها على الإطلاق. ومنذ بداية العام، ارتفعت أسعار القهوة بنحو 83%، متجاوزةً الأرقام القياسية التي شهدتها في عام 1975 أثناء كارثة “الصقيع الأسود” التي دمرت مزارع البن في البرازيل.
هذا الارتفاع الكبير يأتي وسط قلق متزايد بشأن أزمة الإمدادات العالمية التي تهدد بتحويل القهوة من مشروب يومي إلى سلعة فاخرة. كما أن أسعار المواد الغذائية العالمية ارتفعت بأكثر من 25% منذ عام 2020 بسبب التضخم والاضطرابات المستمرة في سلاسل التوريد، مما جعل القهوة واحدة من أكثر السلع تأثرًا.
تعاني البرازيل، أكبر منتج للبن في العالم، من جفاف شديد خلال عام 2024، مما أثار مخاوف بشأن إنتاجها. كما شهدت فيتنام، ثاني أكبر منتج للبن، موجة جفاف قاسية في مناطق زراعة القهوة الرئيسية، مما زاد من المخاوف بشأن نقص الإمدادات. معًا، تمثل البرازيل وفيتنام أكثر من نصف إنتاج القهوة العالمي، ما يجعل هذه التحديات ذات تأثير كبير على السوق.
ذكرت المنظمة الدولية للقهوة في يوليو 2024 أن مؤشر أسعارها المركب – وهو سعر مرجعي رئيسي لصناعة القهوة العالمية – وصل إلى أعلى مستوى له في 13 عامًا، حيث بلغ حوالي 2.27 دولار للرطل. وأدى نقص حبوب الروبوستا الأرخص إلى زيادة الطلب على حبوب الأرابيكا، التي تعد خيارًا مفضلاً لدى سلاسل القهوة المختصة.
وأشار رايان ديلاني، مؤسس أكاديمية تداول القهوة، إلى وجود نقص حاد في الإمدادات، قائلاً: “لا يوجد ما يكفي من القهوة في العالم.” كما أعلنت شركة نستله، أكبر منتج للقهوة عالميًا، في نوفمبر 2024 عن زيادات في الأسعار وتقليل حجم العبوات للحد من تأثير ارتفاع أسعار الحبوب على أرباحها.
أصبحت القهوة واحدة من أبرز السلع أداءً خلال عام 2024، حيث قفزت أسعار عقود الأرابيكا الآجلة في نيويورك إلى أعلى مستوى لها خلال 47 عامًا بزيادة قدرها 83% منذ بداية العام. ووفقًا لتقرير صادر عن شركة فولكافيه، وهي إحدى أكبر شركات تجارة القهوة في العالم، تم تخفيض توقعات إنتاج القهوة لموسم 2025/2026 بنسبة تقارب 25%، ما يعني نقصًا عالميًا قدره 8.5 مليون كيس في ذلك الموسم.
تُعتبر القهوة واحدة من أكثر السلع تداولاً في العالم، حيث يعتمد عليها مليارات الأشخاص يوميًا للحصول على الطاقة والتركيز. ولكن في ظل التغيرات المناخية والتحديات الاقتصادية، قد تتحول القهوة تدريجيًا إلى رفاهية لا يستطيع الجميع تحمل تكاليفها. ومع تزايد الطلب عليها في الأسواق الناشئة، خصوصًا في الصين، يتزايد الضغط على سلاسل التوريد العالمية.
في ظل هذه الأزمة، يبقى السؤال: هل ستظل القهوة مشروبًا يوميًا متاحًا للجميع، أم أنها ستتحول إلى رفاهية للأثرياء فقط؟