رغم الارتفاعات القياسية التي تشهدها أسعار القهوة عالميًا، تُظهر بيانات الهيئة العامة للإحصاء في المملكة العربية السعودية استقرارًا نسبيًا في السوق المحلية، مدعومًا بتوافر المعروض واستمرار تدفق الواردات من الدول المنتجة.
وفقًا للبيانات الرسمية التي رصدتها مجلة “مال” الاقتصادية السعودية، بلغ متوسط سعر البن الحب/الهري في السوق السعودية خلال يناير 2025 نحو 45.6 ريالًا للكيلو، مقارنةً بـ 44.9 ريالًا في نهاية 2023، مما يعكس زيادة طفيفة بنسبة 1.6% فقط خلال عام. أما البن الحب/القمتي فقد سجل 31.9 ريالًا للكيلو في يناير 2025، مقابل 32.3 ريالًا في نهاية 2023، أي بانخفاض 1.2%. ويأتي هذا الاستقرار في الأسعار المحلية رغم موجة الارتفاعات الحادة التي تشهدها الأسواق العالمية منذ أكثر من عام ونصف.
واستوردت المملكة 188 ألف طن من حبوب البن خلال عام 2024، حيث تعد إثيوبيا المصدر الأول للقهوة في السوق السعودية، بحصة 58% من إجمالي الواردات، تليها البرازيل بنسبة 15%، ثم الهند بنسبة 3%. ويسهم تنوع مصادر الاستيراد في ضمان استقرار المعروض في السوق المحلية.
وبحسب مجلة “مال”، فبفضل السياسات التجارية المتوازنة وتنوع مصادر الاستيراد، حافظت السوق السعودية على استقرارها النسبي رغم الاضطرابات العالمية. ومع استمرار المبادرات الحكومية لدعم زراعة البن في المملكة، من المتوقع أن تسهم زيادة الإنتاج المحلي في تعزيز الأمن الغذائي وتخفيف تأثير التقلبات السعرية المستقبلية.
على صعيد الإنتاج المحلي، أظهر برنامج ريف السعودي – التابع لوزارة البيئة والمياه والزراعة – أن إنتاج المملكة من البن بلغ 1,485 طنًا في 2023، مسجلًا نموًا بنسبة 37% مقارنةً بالعام السابق. وتستهدف المملكة رفع الإنتاج إلى 7,000 طن بحلول 2026، من خلال خطط الدعم والتطوير، حيث بلغ إجمالي الدعم المالي المقدم للقطاع 61 مليون ريال، استفاد منه 3,718 مزارعًا حتى الآن.
في المقابل، تواصل أسعار القهوة عالميًا تسجيل قفزات غير مسبوقة، حيث ارتفعت بنسبة 21% خلال يناير وفبراير 2025، ليصل إجمالي الزيادة منذ أكتوبر 2023 إلى 168%، وفقًا لرصد أجرته مجلة “مال” الاقتصادية.
وشهدت أسعار قهوة الأرابيكا – التي تمثل نحو 75% من الإنتاج العالمي – ارتفاعًا كبيرًا، حيث صعد الطن من 3,287 دولارًا في أكتوبر 2023 إلى 8,818 دولارًا في فبراير 2025، أي بزيادة 5,531 دولارًا، ما يعادل 168%. أما أسعار بن الروبوستا، فقد ارتفعت من 2,481 دولارًا للطن إلى 5,817 دولارًا خلال الفترة ذاتها، بزيادة 3,336 دولارًا، ما يعادل 134%، وهو أعلى مستوى تاريخي تسجله هذه الحبوب.
يرجع هذا الارتفاع القوي في الأسعار العالمية إلى الأزمات المناخية التي ضربت البرازيل، حيث تعاني ولاية ميناس جيرايس – المسؤولة عن 30% من إنتاج الأرابيكا البرازيلي – من أسوأ موجة جفاف منذ عام 1981، بعد انخفاض معدلات هطول الأمطار طوال عام 2024. ويثير هذا الوضع مخاوف بشأن إنتاج القهوة البرازيلية، حيث تعد البرازيل المصدر الرئيسي لحبوب أرابيكا الحلوة، وتمثل أكثر من ثلث إمدادات القهوة عالميًا.
في الوقت ذاته، يواصل الطلب الصيني على القهوة ارتفاعه بوتيرة متسارعة، حيث قفز الاستهلاك بنسبة 150% خلال العقد الأخير، ليصل في عام 2024 إلى 6.3 مليون طن، بينما لم يتجاوز الإنتاج المحلي 2 مليون طن. وقد أدى هذا العجز إلى زيادة الواردات الصينية بشكل كبير، مما فرض ضغوطًا إضافية على الأسعار العالمية خلال الأشهر الأخيرة.