يواجه عشاق القهوة حول العالم احتمال ارتفاع الأسعار، حيث تهدد الظروف الجوية السيئة في البرازيل وفيتنام، وهما من أكبر الدول المنتجة للقهوة، المحاصيل المرتقبة للعام القادم. هذا الوضع يثير المخاوف بشأن سلاسل الإمداد العالمية ويزيد من ارتفاع أسعار القهوة.
بلغت العقود الآجلة لقهوة أرابيكا للتسليم في شهر مارس أعلى مستوى لها منذ 13 عامًا، حيث سجلت 3.03 دولار أمريكي للرطل يوم الجمعة الماضي، وهو أول مرة تتجاوز فيها الأسعار حاجز 3 دولارات منذ عام 2011. وقد شهدت أسعار أرابيكا، وهي النوع الرئيسي من القهوة المستهلكة في بلدان مثل أستراليا، ارتفاعًا يقارب 60% هذا العام، لتصبح من بين أفضل السلع أداءً في الأسواق.
تواجه البرازيل، أكبر منتج للقهوة في العالم، تحديات كبيرة بسبب الظروف الجوية غير المواتية. فقد أدت الجفاف الذي ضرب البلاد في وقت سابق من هذا العام إلى تقليل عدد ثمار القهوة التي تحتوي على الحبوب، بينما أثار الجفاف الممتد وارتفاع درجات الحرارة مخاوف بشأن حصاد 2025/2026. ورغم أن البلاد شهدت هطول أمطار أعلى من المتوسط في أكتوبر، خاصة في منطقة ميناس جيرايس التي تشكل 30% من إنتاج أرابيكا في البرازيل، إلا أن الخبراء يخشون أن تكون الأحوال الجوية السابقة قد أضرت بالمحصول بشكل كبير.
تقدر “سيتي” أن الظروف الجوية السيئة في البرازيل خلال السنوات الثلاث الماضية قد أدت إلى فقدان ما يصل إلى 20 مليون كيس من حبوب القهوة. وأشارت الشركة إلى أن انخفاض رطوبة التربة الحالية قد يضر بتطور الزهور والثمار اللازمة للمحاصيل القادمة.
في ظل تراجع العرض، يستمر الطلب العالمي على القهوة في النمو. حيث يتحول المستهلكون نحو خيارات تتطلب كميات أكبر من القهوة مثل القهوة الباردة والمشروبات الجاهزة للشرب. على سبيل المثال، تتطلب القهوة الباردة ضعف كمية القهوة المستخدمة في الطرق التقليدية.
كما تزداد شعبية مشروبات “النيترو”، وهي مشروبات ممزوجة بغاز النيتروجين، إلى جانب المنتجات المعبأة مسبقًا، مما يدفع الطلب في الأسواق، لا سيما في متاجر السوبرماركت. وقد أدى هذا التوازن بين الطلب المتزايد والعرض المتراجع إلى إبقاء سوق القهوة الفعلي في عجز مستمر على مدار السنوات الثلاث الماضية.
دفعت الزيادة الكبيرة في أسعار حبوب القهوة شركات مثل “نستله”، المُنتجة لعلامتي “نسكافيه” و”نسبريسو”، إلى رفع الأسعار. وأكد ديفيد ريني، رئيس العلامات التجارية للقهوة في الشركة، أن زيادات الأسعار ستستمر للتخفيف من تأثير ارتفاع التكاليف على أرباح الشركة.
وقال ريني خلال يوم الأسواق المالية للشركة: “نحن لسنا بمنأى عن تأثير أسعار القهوة، ولكننا قمنا بتسعير منتجاتنا وسنواصل ذلك”.
ويتوقع المحللون أن تستمر أسعار أرابيكا في الارتفاع. فقد رفع استراتيجي السلع في “سيتي”، أركادي جيفوركيان، توقعاته لأسعار أرابيكا خلال الأشهر الثلاثة المقبلة إلى 3.10 دولار أمريكي للرطل، مشيرًا إلى المخاطر المستمرة للإمدادات من البرازيل وفيتنام.
بينما يتوقع الخبراء أن يتحول سوق القهوة إلى فائض في عام 2025، إلا أن الشكوك المحيطة بجودة المحاصيل في البرازيل والمشكلات الإنتاجية المستمرة قد تؤدي إلى عجز هيكلي. وقد رفعت “سيتي” توقعاتها لسعر أرابيكا في عام 2024 إلى 2.80 دولار للرطل، مع توقع عودة الأسعار إلى 2.65 دولار للرطل بحلول عام 2026.
يتزامن ارتفاع أسعار القهوة هذا العام مع زيادة في أسعار السلع الزراعية الأخرى مثل الكاكاو والسكر، مما يضيف تحديات جديدة للبنوك المركزية في مواجهة التضخم. ففي أستراليا، بلغت نسبة التضخم الأساسي 3.5% خلال الربع الثالث من العام، متجاوزة نطاق البنك المركزي المستهدف بين 2% و3%.
في ظل هذه التحديات، سيحتاج عشاق القهوة والشركات على حد سواء إلى الاستعداد لتحمل تكاليف أعلى في ظل استمرار تأثير الظروف الجوية واضطراب الإمدادات العالمية.