الضغوط تتزايد على أسعار القهوة بفعل تراجع الطلب وتحسن الإمدادات
سجّلت أسعار القهوة العالمية تراجعًا حادًا يوم الثلاثاء، وسط مخاوف متزايدة من انخفاض الطلب إلى جانب مؤشرات إيجابية على تحسن الإمدادات.
فقد هبطت عقود أرابيكا الآجلة لشهر يوليو بنسبة 2.50%، بانخفاض قدره 10.25 سنتًا، في حين تراجعت عقود روبوستا الآجلة بنسبة 2.12%، أي ما يعادل 115 دولارًا. وجاء هذا التراجع على الرغم من مكاسب مبكرة، وذلك عقب صدور بيانات تفيد بانخفاض ثقة المستهلكين في الولايات المتحدة إلى أدنى مستوياتها منذ قرابة خمس سنوات، ما أثار مخاوف من تقليص الإنفاق على المنتجات الترفيهية، وعلى رأسها القهوة.
وفي البرازيل، كبرى الدول المنتجة للقهوة، ساهمت كميات الأمطار الغزيرة في تعزيز رطوبة التربة، وهو ما زاد من الضغوط النزولية على الأسعار. وذكرت شركة “سومار ميتورولوجيا” أن منطقة ميناس جيرايس – أكبر منطقة منتجة لأرابيكا في البلاد – سجلت 38.7 ملم من الأمطار خلال الأسبوع المنتهي في 19 أبريل، أي ما يعادل 490% من المعدل التاريخي.
كما زادت الضغوط من جهة المخزون؛ إذ ارتفعت مخزونات أرابيكا الخاضعة للرقابة في بورصة ICE إلى 826,304 أكياس، وهو أعلى مستوى لها في شهرين ونصف.
في الوقت نفسه، ساهمت التوترات التجارية العالمية في إضعاف أسعار السلع الأساسية، بما في ذلك القهوة، وسط مخاوف من أن تؤدي الرسوم الجمركية المرتفعة إلى زيادة أسعار القهوة على المستهلكين في الولايات المتحدة، مما قد يقلص الطلب.
ورغم ذلك، شهدت الأسعار في وقت سابق من اليوم ارتفاعًا، حيث لامست عقود أرابيكا أعلى مستوى لها في شهرين ونصف، وسجلت روبوستا أعلى مستوى في شهر. ويعزى هذا الصعود إلى تقرير صادر عن بنك رابوبنك توقّع فيه انخفاض محصول أرابيكا في البرازيل لموسم 2025/2026 بنسبة 13.6% على أساس سنوي ليبلغ 38.1 مليون كيس، بسبب الجفاف الذي أثر على مرحلة تزهير الأشجار. في المقابل، توقّع البنك ارتفاع إنتاج روبوستا بنسبة 7.3% إلى مستوى قياسي يبلغ 24.7 مليون كيس.
أما على صعيد العملات، فقد ساهم ارتفاع الريال البرازيلي إلى أعلى مستوى له في ثلاثة أسابيع ونصف أمام الدولار، في دعم أسعار القهوة، من خلال تثبيط رغبة المزارعين في التصدير.
وفي ما يتعلق بالتجارة، أظهرت بيانات “سيسافيه” أن صادرات القهوة الخضراء من البرازيل تراجعت في مارس بنسبة 26% على أساس سنوي لتصل إلى 2.95 مليون كيس. كما توقعت وكالة “كوناب” الحكومية في يناير انخفاض محصول القهوة لموسم 2025/2026 بنسبة 4.4% إلى أدنى مستوى له في ثلاث سنوات عند 51.81 مليون كيس.
ولا تزال آثار ظاهرة “النينيو” المناخية تلقي بظلالها على مزارع القهوة في أمريكا الجنوبية والوسطى. فالبرازيل تعاني من أدنى معدلات الأمطار منذ عام 1981، بينما بدأت كولومبيا – ثاني أكبر منتج لأرابيكا – تتعافى ببطء من الجفاف.
من جانبها، تدعم أزمة المعروض أسعار روبوستا. ففي فيتنام – أكبر مصدر لروبوستا في العالم – تسببت موجة الجفاف في انخفاض الإنتاج خلال موسم 2023/2024 بنسبة 20% إلى 1.472 مليون طن متري، وهو أدنى مستوى في أربع سنوات. كما تراجعت صادرات البلاد من القهوة بنسبة 17.1% على أساس سنوي لتصل إلى 1.35 مليون طن متري. وخفضت جمعية القهوة والكاكاو الفيتنامية تقديراتها لإنتاج موسم 2024/2025 إلى 26.5 مليون كيس، مقارنة بتوقعات سابقة بلغت 28 مليون كيس.
أما على صعيد الإمدادات العالمية، فقد أعلنت البرازيل عن زيادة صادراتها بنسبة 28.8% في عام 2024 لتصل إلى مستوى قياسي بلغ 50.5 مليون كيس. ومع ذلك، أفادت المنظمة الدولية للقهوة بأن صادرات ديسمبر تراجعت بنسبة 12.4%، في حين سجل الربع الأخير انخفاضًا طفيفًا بنسبة 0.8%.
وفي تقرير نصف سنوي صدر في ديسمبر، توقعت وزارة الزراعة الأميركية (USDA) أن الإنتاج العالمي من القهوة لموسم 2024/2025 سيرتفع بنسبة 4.0% ليصل إلى 174.9 مليون كيس، مع زيادة في إنتاج أرابيكا بنسبة 1.5% إلى 97.8 مليون كيس، وإنتاج روبوستا بنسبة 7.5% إلى 77.01 مليون كيس. إلا أن التوقعات تشير إلى انخفاض المخزون الختامي العالمي بنسبة 6.6% إلى أدنى مستوى له في 25 عامًا عند 20.87 مليون كيس.
كما خفضت شركة “فولكافي” توقعاتها لإنتاج البرازيل من أرابيكا لموسم 2025/2026 إلى 34.4 مليون كيس، ما يمثل انخفاضًا بحوالي 11 مليون كيس مقارنة بتقديرات سابقة، بسبب شدة الجفاف. وتتوقع الشركة عجزًا عالميًا في أرابيكا يبلغ 8.5 ملايين كيس، مقارنة بـ 5.5 ملايين كيس في التقديرات السابقة.
وعلى الرغم من التقلبات قصيرة الأجل، ستظل العوامل المناخية، وتقلبات العملات، والسياسات التجارية، هي العوامل الحاسمة في تحديد مسار سوق القهوة خلال الأشهر المقبلة.