ارتفاع أسعار القهوة مع تفاقم تأثيرات تغير المناخ على الإنتاج
شهدت أسعار القهوة ارتفاعًا حادًا خلال العام الماضي، حيث يعزو الخبراء هذه الزيادة إلى تأثيرات تغير المناخ. فقد أدى مزيج من الأمطار الغزيرة ودرجات الحرارة القياسية في المناطق الرئيسية المنتجة للقهوة إلى تراجع المحاصيل، مما دفع الأسعار إلى الارتفاع بنسبة 103٪ خلال الأشهر الـ 12 الماضية. وأكد العلماء أن عام 2024 كان الأشد حرارة على الإطلاق، ويبدو أن هذا الاتجاه مستمر في عام 2025. ومع استمرار ارتفاع درجات الحرارة العالمية، من المتوقع أن تزداد الظواهر الجوية المتطرفة وتصبح أكثر حدة، مما يشكل تهديدًا أكبر على إنتاج القهوة.
تشير تحليلات خبراء سلاسل التوريد إلى أن أسعار المواد الغذائية، بما في ذلك القهوة، ستظل متقلبة هذا العام بسبب استمرار الظروف المناخية القاسية التي تؤثر على المحاصيل. ولا تقتصر تداعيات تغير المناخ على ارتفاع التكاليف فحسب، بل تؤثر أيضًا على جودة القهوة وتوافرها عالميًا. وتكشف تقارير الصناعة أن الأراضي الصالحة لزراعة القهوة قد تتقلص بشكل كبير، حتى في ظل الالتزام بالأهداف الدولية للحد من الاحتباس الحراري، مما يعرض مستقبل الإمدادات للخطر.
ويعاني المزارعون في الدول الرئيسية المنتجة للقهوة، مثل البرازيل وإثيوبيا وفيتنام، من وطأة الظروف المناخية المتطرفة. فقد أصبحت درجات الحرارة المرتفعة، والتغيرات غير المتوقعة في أنماط هطول الأمطار، والجفاف الممتد، والأمراض الزراعية مثل صدأ أوراق القهوة، تشكل تحديات متزايدة. وأفاد بعض المزارعين بأن قلة الأمطار في بداية الموسم تؤدي إلى انخفاض شديد في الإزهار، وهو أمر بات يتكرر بشكل متزايد. وفي حال عدم اتخاذ إجراءات فعالة، قد يضطر العديد من المزارعين إلى التخلي عن زراعة القهوة، مما سيؤدي إلى مزيد من ارتفاع الأسعار ونقص الإمدادات.
لا تقتصر تداعيات تغير المناخ على الزراعة فقط، بل يمتد تأثيرها إلى صناعة القهوة بأكملها. فقد أظهرت الأبحاث أن إنتاج القهوة يساهم أيضًا في انبعاثات الغازات الدفيئة، مما يعزز الحاجة إلى تبني ممارسات زراعية أكثر استدامة. ويوصي الخبراء بتطوير أساليب زراعة صديقة للبيئة، وتعزيز مرونة سلاسل التوريد، وتقليل الاعتماد على مناطق إنتاج محددة، للحد من المخاطر المناخية التي تهدد الصناعة.
ومع ارتفاع تكاليف إنتاج القهوة بالفعل، يرى العديد من المعنيين في القطاع أن هذه التكاليف يجب أن تُنقل إلى المستهلكين للحفاظ على استمرارية الإنتاج. وإذا لم يتم أخذ تكاليف الإنتاج المتزايدة بعين الاعتبار، فقد يؤدي ذلك إلى خروج عدد كبير من المزارعين من السوق، مما سيزيد من تفاقم أزمة الإمدادات العالمية. وفي المملكة المتحدة، حيث يستهلك السكان ملايين أكواب القهوة يوميًا، يعد قطاع القهوة محركًا اقتصاديًا رئيسيًا يدعم مئات الآلاف من الوظائف، مما يجعل أي اضطراب في الإمدادات أمرًا بالغ الأهمية للاقتصاد المحلي.
تتصاعد الدعوات إلى الحكومات والمنظمات الدولية لاتخاذ إجراءات عاجلة لدعم منتجي القهوة، لا سيما في الدول النامية. وتشمل المقترحات زيادة التمويل المخصص لمساعدة المزارعين على التكيف مع التغيرات المناخية، وتوفير تسهيلات مالية منخفضة الفائدة لدعم استمرارية الإنتاج. وأظهرت استطلاعات الرأي أن غالبية المستهلكين يرون أن هناك حاجة لبذل جهود أكبر لحماية سلاسل توريد القهوة من المخاطر المناخية. في الوقت نفسه، يحذر خبراء الأمن الغذائي من أن استمرار هذه الاضطرابات في إنتاج القهوة قد يشكل تحديًا طويل الأمد للأسواق العالمية.
مع استمرار الظواهر الجوية القاسية في التأثير على قطاع الزراعة، يبقى مستقبل القهوة غير مؤكد. وإذا لم تُتخذ تدابير فعالة، فقد تصبح القهوة سلعة نادرة وباهظة الثمن في السنوات القادمة.
- بواسطة : Qahwa World
- على :
آخر المشاركات
- “أر أو أر كوفي سليوشنس” تتوسع إلى السعودية وتعلن عن شراكات استراتيجية في معرض “عالم القهوة دبي”
- «كوفي ديسك» تعزز حضورها في دول الخليج من خلال شراكات حصرية في معرض «عالم القهوة دبي»
- إيلي كافية تعرض مجموعة فنية جديدة في معرض الفن المعاصر في لوس أنجلوس
- إنتاج القهوة العالمي في عام 2024.. نمو وسط ارتفاع الأسعار
- ارتفاع أسعار القهوة مع تفاقم تأثيرات تغير المناخ على الإنتاج