انخفاض المخزونات العالمية للقهوة إلى أدنى مستوى منذ أبريل 2024
دبي، 4 سبتمبر 2025 (قهوة ورلد) – كشف تقرير منظمة القهوة الدولية (ICO) لشهر أغسطس 2025 عن انخفاض المخزونات العالمية المعتمدة من القهوة إلى أدنى مستوياتها منذ أبريل 2024، في تطور يسلط الضوء على عمق التحديات التي يواجهها السوق العالمي للقهوة. هذا التراجع يأتي مباشرة بعد تسجيل الأسعار قفزة تاريخية خلال الشهر نفسه، ما يعكس صورة معقدة تجمع بين ضعف الإمدادات وارتفاع الطلب والمخاطر المناخية والتنظيمية التي تفرض نفسها بقوة على القطاع.
أوضح التقرير أن مخزونات البن العربي (أرابيكا) المعتمدة في بورصة نيويورك انخفضت بنسبة 7.9% لتسجل 0.77 مليون كيس فقط، وهو أدنى مستوى لها منذ ستة عشر شهرًا. وفي بورصة لندن، لم يكن الوضع أفضل، حيث تراجعت مخزونات البن الروبوستا بنسبة 4.6% لتصل إلى 1.13 مليون كيس. ويمثل هذا الانخفاض المتزامن في كلا السوقين العالميين مؤشرًا على أن الأزمة لا تقتصر على نوع واحد من القهوة، بل تشمل الأرابيكا والروبوستا معًا.
أسباب متعددة وراء التراجع
يرجع الخبراء هذا التراجع في المخزونات إلى مجموعة من العوامل المتداخلة:
-
تباطؤ الصادرات: التقرير أشار إلى أن صادرات البن الأخضر تراجعت للشهر السادس على التوالي، ما يعني أن تدفق الإمدادات إلى الأسواق الرئيسية كان محدودًا.
-
ضعف المحاصيل: في البرازيل، أكبر منتج عالمي للقهوة، أشارت تقارير إلى أن بعض الحبوب تعاني من ضعف الكثافة رغم كبر حجمها، وهو ما انعكس على تقديرات الإنتاج.
-
المخاطر المناخية: موجة الصقيع الأخيرة في مناطق من البرازيل، والتي يُقدر أنها أتلفت نحو نصف مليون كيس، ساهمت أيضًا في الضغط على الإمدادات.
-
عوامل تجارية وتنظيمية: اندفاع المحمّصين الأوروبيين نحو تخزين القهوة قبل دخول لائحة الاتحاد الأوروبي لمكافحة إزالة الغابات (EUDR) حيّز التنفيذ بنهاية العام جعل المخزونات تتحرك من البورصات إلى المستودعات الخاصة بوتيرة أسرع من المعتاد.
علاقة مباشرة بالأسعار
ما يزيد من خطورة هذا التراجع أنه جاء في وقت شهدت فيه أسعار القهوة قفزة تاريخية. فقد ارتفع المؤشر المركب لأسعار القهوة (I-CIP) بنسبة 14.6% في أغسطس ليصل إلى 297.05 سنتًا أمريكيًا للرطل، وهو أعلى مستوى له منذ عام 2024. وبذلك أصبح السوق يواجه معادلة مزدوجة: أسعار قياسية من جهة، وتناقص في المخزونات من جهة أخرى، وهو ما يخلق بيئة خصبة للتقلبات الحادة.
انعكاسات إقليمية
-
أمريكا الجنوبية: كانت الأكثر تأثرًا، حيث تراجعت صادراتها بنسبة 18.5%، بقيادة البرازيل التي سجلت انخفاضًا بلغ 28.6%.
-
آسيا وأوقيانوسيا: على العكس، سجلت نموًا قويًا بنسبة 22.7% بفضل فيتنام وإندونيسيا، وهو ما خفف جزئيًا من وطأة التراجع العالمي.
-
إفريقيا: ارتفعت صادراتها بنسبة 4.4%، مدفوعة بأداء أوغندا (+51.4%) وإثيوبيا (+12.5%).
-
المكسيك وأمريكا الوسطى: حققت نموًا قدره 7.2%، مما ساعد على تنويع مصادر الإمداد، لكنه لم يكن كافيًا لتعويض النقص الكبير من البرازيل.
مستقبل غامض
يرى محللون أن الانخفاض الحالي في المخزونات يترك الأسواق أكثر عرضة لأي صدمات مستقبلية، سواء مناخية أو سياسية أو تنظيمية. ففي حال استمرار موجات الطقس القاسية في البرازيل أو تراجع المحصول في فيتنام، قد تجد السوق نفسها أمام أزمة إمدادات أعمق. كما أن دخول لائحة الاتحاد الأوروبي لمكافحة إزالة الغابات حيز التنفيذ بنهاية 2025 سيضيف عبئًا جديدًا على المصدرين الذين قد يواجهون صعوبات في تلبية معايير الاستدامة.
إلى جانب ذلك، فإن ارتفاع تكاليف الشحن والعمالة عالميًا يزيد من تعقيد المشهد، حيث يرفع تكلفة وصول القهوة إلى الأسواق النهائية، ويؤثر في هوامش ربح المحامص والتجار على حد سواء.
خاتمة
تقرير منظمة القهوة الدولية لشهر أغسطس 2025 لم يكن مجرد رصد للأرقام، بل جرس إنذار واضح للسوق العالمية بأن مرحلة جديدة من عدم الاستقرار قد بدأت. ومع تراجع المخزونات إلى أدنى مستوياتها منذ أبريل 2024، وارتفاع الأسعار إلى مستويات تاريخية، يبدو أن القهوة باتت تواجه تحديات غير مسبوقة في موازنة العرض والطلب. وتبقى متابعة تطورات المخزونات خلال الأشهر المقبلة مؤشرًا حاسمًا لفهم اتجاهات السوق والتنبؤ بمستقبل هذه السلعة الحيوية.