قطاع القهوة في كوستاريكا يواجه أزمة جديدة.. انخفاض الإنتاج وارتفاع التكاليف
قطاع القهوة في كوستاريكا يواجه أزمة جديدة.. انخفاض الإنتاج وارتفاع التكاليف
سان خوسيه | 15 مايو 2025 — يواجه قطاع القهوة في كوستاريكا أزمة متفاقمة مع بداية موسم 2025/2026، حيث يتوقع أن ينخفض الإنتاج بنسبة 10% ليصل إلى 1.17 مليون كيس بوزن 60 كغ، وفقًا لتقرير سنوي صادر عن وزارة الزراعة الأميركية (USDA). يأتي هذا التراجع بعد موسم وفير في 2024/2025، غير أن التحديات الاقتصادية والمناخية المستمرة تلقي بظلالها على مستقبل هذا القطاع الحيوي.
ارتفاع قيمة العملة يضر بعائدات المزارعين
رغم جودة القهوة الكوستاريكية واحتفاظها بعلاوة سعرية في الأسواق العالمية، إلا أن ارتفاع سعر صرف الكولون الكوستاريكي مقابل الدولار الأميركي خفّض من عائدات المزارعين بنسبة تقارب 20% منذ 2022/2023، نظرًا لأن غالبية عقود التصدير تُبرم بالدولار. ويعاني المنتجون من تأثير هذا التفاوت رغم ارتفاع الأسعار العالمية.
وذكر التقرير أن “الارتفاع في الأسعار لا يعوّض سنوات من انخفاض الأرباح وتراكم الديون وارتفاع تكاليف الإنتاج، خاصة بالنسبة لصغار المزارعين.”
نقص العمالة وتزامن الحصاد يعمقان الأزمة
شهد موسم 2024/2025 خسائر تقدر بنحو 150 ألف كيس بسبب الأمطار المتواصلة أثناء فترة الحصاد ونقص اليد العاملة. وفي حين كانت العمالة النيكاراغوية تهيمن سابقًا على حصاد القهوة، باتت كوستاريكا تعتمد بشكل أكبر على عمال من قبائل “نغابي-بوغليه” البنمية. لكن تغيرات الطقس أدت إلى نضج المحصول في عدة مناطق في وقت واحد، ما تسبب في أزمة مضاعفة.
تراجع عدد المزارعين والمساحات المزروعة
تشير بيانات معهد القهوة الكوستاريكي (ICAFE) إلى انخفاض عدد المزارعين إلى 25,549 في موسم 2023/2024، أي نحو نصف ما كان عليه العدد قبل عشر سنوات. وتُعزى هذه الظاهرة إلى عوامل متعددة مثل انخفاض الأسعار على المدى الطويل، وشيخوخة المزارعين، وارتفاع أسعار الأراضي في المناطق الحضرية.
كما أظهرت نتائج مسح أُجري عام 2022 انخفاضًا بنسبة 11.9% في المساحات المزروعة بالقهوة، مع تسجيل تراجعات حادة في مناطق مثل توريالبا (–31%) وغواناكاستي (–44%).
إنتاج غير متوازن في موسم 2024/2025
رغم التحديات، سجّل موسم 2024/2025 إنتاجًا قويًا بلغ 1.298 مليون كيس، بزيادة 12% عن الموسم السابق. وساهمت ظاهرة “لا نينيا” وهطول الأمطار المبكر في تعزيز نمو الأزهار، ما أدى إلى تسريع تطور الثمار بنحو 30 يومًا. ومع ذلك، تسبب هطول الأمطار المستمر لاحقًا في انتشار أمراض فطرية مثل “أنثراكنوز” و”عين الديك”.
استهلاك محلي راكد بسبب الأسعار المرتفعة
ظل الاستهلاك المحلي ثابتًا عند 305 آلاف كيس في موسمي 2024/2025 و2025/2026. وتشير بيانات ICAFE إلى تراجع مبيعات القهوة الكوستاريكية المحلية بنسبة 25% خلال موسم 2023/2024، لتصل إلى 156,807 أكياس فقط، نتيجة استمرار الأسعار المرتفعة منذ عام 2022. ويعتمد السوق المحلي بشكل متزايد على القهوة الأرخص ثمنًا، سواء من الإنتاج المحلي منخفض الجودة أو الواردات.
تغيّر في خريطة التصدير.. أوروبا تتقدم
من المتوقع أن تنخفض صادرات كوستاريكا من القهوة إلى 1.06 مليون كيس في موسم 2025/2026، مقابل 1.15 مليون في الموسم الحالي. وارتفع متوسط السعر التصديري بنسبة 52% ليصل إلى 465.65 دولارًا للكيس، غير أن هذا الارتفاع قلل من العلاوة السعرية المعتادة.
وانخفضت حصة السوق الأميركية إلى 38%، في حين تصدّر الاتحاد الأوروبي قائمة المستوردين بنسبة 41.5%. وتعد بلجيكا وألمانيا وإيطاليا من أبرز وجهات القهوة الكوستاريكية، بفضل الطلب المتزايد على القهوة المستدامة والعالية الجودة والقابلة للتتبع.
جهود بيئية للاستجابة لمتطلبات الاتحاد الأوروبي
تسعى كوستاريكا للامتثال لمتطلبات الاتفاق الأخضر الأوروبي الذي يحظر المنتجات المرتبطة بإزالة الغابات. ففي مارس 2024، صدّرت البلاد أول شحنة موثقة على أنها “خالية من إزالة الغابات” إلى إيطاليا ضمن برنامج تجريبي شمل 69 مزارعًا فقط. ويواجه تعميم هذا النموذج تحديات كبيرة نظرًا لصغر حجم المزارع وتعدد أصحابها.
رغم السمعة العالمية الممتازة التي تتمتع بها قهوة كوستاريكا، إلا أن مزيجًا من التحديات الاقتصادية والمناخية والهيكلية يهدد مستقبل هذا القطاع. ومع تغير الأسواق الدولية وظهور متطلبات بيئية وتنظيمية جديدة، أصبح من الضروري تبنّي حلول مبتكرة ودعم حكومي فعّال للحفاظ على تنافسية القهوة الكوستاريكية في الأسواق العالمية.