تدرك المملكة العربية السعودية، أهمية التحول الحتمي بعيداً عن عصر الوقود الأحفوري، لذلك تعمل بنشاط على تنويع اقتصادها لتأمين الرخاء المحلي والشهرة الدولية. وفي هذا المسعى، أطلق صندوق الاستثمارات العامة، صندوق الثروة السيادية للمملكة العربية السعودية، شركة القهوة السعودية في مايو 2022، وضخ مبلغًا كبيرًا قدره 319 مليون دولار في صناعة القهوة الوطنية على مدى العقد التالي.
ومع التركيز الشديد على تعزيز إنتاج القهوة العربية في منطقة جازان الجنوبية، تهدف الحكومة إلى زيادة الإنتاج السنوي من 800 إلى 2500 طن. وهذا يعكس خصائص القهوة اليمنية المرموقة، مما يعزز التحالف الاستراتيجي مع المنطقة المجاورة المنتجة للبن. ويتوقع إبراهيم سعد، المالك المشارك لشركة Torch Coffee Labs، أن تسهل الاستثمارات زراعة 1.3 مليون شجرة بحلول عام 2025، مما يؤدي إلى زيادة الإنتاج الوطني بمقدار أربعة أضعاف ليصل إلى ما يقدر بـ 40 ألف كيس بحلول عام 2028.
ولتحصين هذه المبادرة، تقدم الحكومة المساعدات الفنية والمالية للمزارعين وتقيم علاقات تعاون مع الكيانات الدولية. والجدير بالذكر أن المملكة العربية السعودية انضمت إلى الاتفاقية الدولية للبن وهي ملتزمة بتقديم الدعم الفني للمزارعين بالتعاون مع الصندوق الدولي للتنمية الزراعية.
شهدت المملكة العربية السعودية، المشهورة بتقاليدها الغنية في شرب القهوة، زيادة في شعبية القهوة المتخصصة على مدى السنوات الثماني الماضية. وفي عام 2022، نما سوق المقاهي ذات العلامات التجارية بنسبة 18.5%، ليضم 3550 منفذًا ويستحوذ على حصة 40% من المقاهي ذات العلامات التجارية التي يزيد عددها عن 8800 مقهى في الشرق الأوسط. تضم الدولة خمسًا من أفضل 20 سلسلة مقاهي في الشرق الأوسط، وتدير شركة Barns المحلية أكثر من 500 متجرًا، مما يجعلها ثاني أكبر سلسلة بعد Dunkin’ Donuts.
وفي محاولة للاستفادة من هذا الاتجاه، تخطط شركة القهوة السعودية لتخصيص الأموال ليس فقط لإنتاج القهوة ولكن أيضًا لاستيراد الشركات وعمليات التحميص والمقاهي وأكاديميات تدريب باريستا، وإنشاء استثمار شامل في سلسلة التوريد.
ومع الاعتراف بالتحدي المتمثل في الاحتفاظ بالمزارعين في القطاع الزراعي بسبب جاذبية الصناعات الأكثر ربحية مثل النفط والغاز، تظل الحكومة ملتزمة بتنشيط مزارع البن في المنطقة الجنوبية. وعلى الرغم من أحجام الإنتاج المتواضعة الحالية، يعتقد أنصار المبادرة أنه مع مرور الوقت، سيشهد القطاع انتعاشًا.
إن الاستراتيجية الأوسع للمملكة العربية السعودية، والمضمنة في رؤية 2030، تضعها كلاعب رئيسي في السوق العالمية. تهدف البلاد إلى أن تصبح مركزًا تجاريًا للشرق الأوسط، مع تنفيذ العديد من الإصلاحات الاجتماعية والاقتصادية، بما في ذلك “المشاريع الضخمة” التي تركز على السياحة والضيافة. وعلى الرغم من أن المتشككين يشككون في قدرة المملكة العربية السعودية على المنافسة عالمياً بأحجام إنتاجها الحالية، إلا أن المؤيدون يعبرون عن ثقتهم في أن الاستثمارات المستدامة ستؤدي إلى نتائج في السنوات المقبلة.
وبينما تشرع المملكة العربية السعودية في هذه الرحلة التحويلية، فإن نجاحها لن يتوقف فقط على تلبية الطلب المحلي على القهوة، ولكن أيضًا على حشد الدعم والتعاون الدوليين. ومع ارتفاع الاستثمار الأجنبي ووجود الشركات العالمية في البلاد، تظل المملكة العربية السعودية متفائلة بشأن آفاقها في المشهد المتطور لصناعة القهوة. من المنتظر أن تكون السنوات الخمس المقبلة فصلاً آسرًا في سعي المملكة العربية السعودية إلى احتلال مكانة بارزة في سوق القهوة العالمية.