92% من الألمان يشربون القهوة — لكن العادات تتغير
برلين – قهوة ورلد
لا تزال القهوة المشروب الأول في ألمانيا، لتبقى جزءًا لا يتجزأ من حياة ملايين الألمان اليومية. إلا أن دراسات حديثة تكشف أن استهلاك القهوة، رغم بقائه في مستويات مرتفعة للغاية، يشهد تغيرات تدريجية مرتبطة بالتضخم، وتغير الأجيال، وتزايد الاهتمام بالاستدامة والقيم الاجتماعية.
أظهر استطلاع أجراه معهد إبسوس أوبزيرفر لصالح شركة «آرال» عام 2025 أن 92% من الألمان يشربون القهوة، بينهم 68% بشكل يومي، في حين يتناولها 15% عدة مرات أسبوعيًا. ورغم أن هذه النسبة تعكس تمسكًا واسعًا بالقهوة، إلا أن المقارنة التاريخية تكشف تراجعًا تدريجيًا في نسبة الشرب اليومي: من 76% في عام 2016 إلى 72% في عام 2018 وصولًا إلى 68% في 2025.
وفي ما يخص عدد الأكواب اليومية، كشف الاستطلاع أن:
35% يكتفون بكوبين يوميًا.
27% يشربون ثلاثة أكواب.
18% يشربون أربعة أكواب.
9% يكتفون بكوب واحد فقط.
أما طرق التحضير المفضلة، فجاءت القهوة المفلترة في المركز الأول بنسبة 44%، تلتها الكابتشينو بنسبة 37.8%، ثم كافيه كريما بنسبة 33.9%، وبعدها اللاتيه بنسبة 29.7%، ثم اللاتيه ماكياتو بنسبة 26.4%، وجاء الإسبريسو في ذيل القائمة بنسبة 22.2%.
وبالنسبة لأنواع الحليب والإضافات:
37.8% يفضلون الحليب كامل الدسم.
26.3% يختارون الحليب الخالي من الدسم.
15.1% يستخدمون بدائل نباتية.
13.5% يفضلون الحليب المكثف.
25.2% يشربون القهوة سوداء بلا إضافات.
كما أن 60.1% يشربون القهوة بلا سكر.
الدوافع وراء استهلاك القهوة تتوزع بين الحاجة والمتعة. فقد ذكر نحو 80% من المشاركين أن القهوة مهمة باعتبارها مصدرًا للكافيين، وأكد 42.2% أنهم يجدون صعوبة في الاستيقاظ من دونها، بينما اعترف 24.8% بأنهم لا يستطيعون بدء صباحهم بدونها. كذلك أوضح 20.1% أنهم يشعرون بانخفاض إنتاجيتهم في حال غيابها، وأشار 12.1% إلى معاناتهم من أعراض انسحابية عند الامتناع عنها. ورغم ذلك، تبقى المتعة العامل الأبرز: إذ يشربها 54.8% للمتعة، و45.2% للاسترخاء، و35.5% لشغل أوقات الاستراحة أو كفرصة للوقت الشخصي.
التضخم وتغير التوجهات الاجتماعية
في دراسة أخرى أجراها معهد سينوس وأوبينيون عام 2022 بمناسبة اليوم العالمي للقهوة، تم تسليط الضوء على تأثير التضخم وارتفاع الأسعار. فقد أظهرت النتائج أن 15% من الألمان قللوا استهلاكهم للقهوة بسبب الضغوط الاقتصادية، وكان هذا التراجع أكثر وضوحًا بين الشباب تحت سن الأربعين وسكان شرق ألمانيا.
لكن في المقابل، أكد 37% من الألمان استعدادهم لدفع المزيد مقابل القهوة عالية الجودة، خصوصًا ذوي التعليم العالي. كما برزت قضايا الاستدامة بشكل متزايد، حيث أعرب 30% عن تفضيلهم للقهوة المنتَجة بطرق مستدامة وأخلاقية. وقد أظهر تحليل الدراسة وفق نموذج “سينوس ميليو” الاجتماعي أن هذه التوجهات أكثر حضورًا بين الفئات المتعلمة والمهتمة بالمسؤولية المناخية والاجتماعية، خصوصًا ضمن فئة “ما بعد الماديين” التي ترى في اختياراتها الاستهلاكية مسؤولية تجاه البشرية والبيئة.
أما على مستوى الاستهلاك العمري، فيتضح أن الشبان الألمان تحت الثلاثين يستهلكون نحو 7 أكواب أسبوعيًا، بينما يرتفع الرقم إلى أكثر من 16 كوبًا أسبوعيًا لدى الفئة العمرية بين 60 و69 عامًا. وأبدى 33% من المستطلعة آراؤهم انفتاحًا على تجربة أنواع جديدة من القهوة، في حين اعتبرها 20% هواية يقضون وقتًا معها، وأكد 19% حرصهم على امتلاك آلات تحضير حديثة ومتطورة.
وعلى المستوى الإقليمي، كشفت دراسة موازية في النمسا أن القهوة المفلترة أقل شعبية هناك، إذ لا تتجاوز نسبة استخدامها 15%، مقارنة بـ 34% في ألمانيا، في انعكاس لثقافة النمسا المرتبطة بالإسبريسو. أما تأثير التضخم فكان متقاربًا، حيث أشار 18% من النمساويين إلى تقليص استهلاكهم للقهوة، وهي نسبة أعلى قليلًا من ألمانيا.
تُظهر هذه الدراسات أن القهوة لا تزال المشروب الوطني الأول في ألمانيا، إذ يشربها تقريبًا جميع السكان بنسبة تصل إلى 92%. ومع ذلك، فإن التغيرات الاقتصادية، والاختلافات بين الأجيال، والتوجهات الجديدة نحو الاستدامة، تسهم في رسم ملامح عادات استهلاكية جديدة. وبينما تبقى القهوة جزءًا أصيلًا من تقاليد الألمان، فإن طرق تحضيرها، ودوافع شربها، والاستعداد لدفع ثمنها، تكشف عن مجتمع يعيش توازنًا بين التمسك بالعادات والانفتاح على واقع اقتصادي واجتماعي متغير.