الرسوم الجمركية تهز سوق القهوة العالمي والطلب يحافظ على قوة الأسعار

الرسوم الجمركية تهز سوق القهوة العالمي والطلب يحافظ على قوة الأسعار

شهد سوق القهوة العالمي خلال أبريل 2025 حالة من التذبذب الحاد، بفعل قرارات سياسية مفاجئة تتعلق بالرسوم الجمركية، وتغيرات مناخية في الدول المنتجة، إلى جانب تحولات في ديناميكيات التصدير من منطقة إلى أخرى. التقرير الشهري الصادر عن المنظمة الدولية للقهوة (ICO) يرصد مزيجًا من العوامل الاقتصادية والجيوسياسية التي أثّرت على الأسعار العالمية ووتيرة التجارة، في وقت يتجه فيه السوق إلى حالة من عدم اليقين بشأن اتجاهاته المستقبلية.

سجّل متوسط المؤشر المركب لأسعار القهوة (I-CIP) في أبريل 335.76 سنتًا أمريكيًا للرطل، بانخفاض 3.5% مقارنة بشهر مارس. ورغم التراجع، بقيت الأسعار أعلى بنسبة 54.8% مقارنة بأبريل 2024، ما يعكس قوة الاتجاه الصعودي العام خلال الـ12 شهرًا الماضية.

في 8 أبريل، انخفض المؤشر إلى أدنى مستوى له منذ أربعة أشهر ليصل إلى 308.93 سنتًا للرطل، عقب إعلان الولايات المتحدة عن رسوم جمركية جديدة. إلا أن الأسواق تعافت سريعًا في اليوم التالي بعد إعلان تعليق هذه الرسوم لمدة 90 يومًا، مما أعاد الثقة جزئيًا وأوقف التراجع.

بلغت صادرات البن الأخضر في مارس 2025 نحو 11.64 مليون كيس (سعة 60 كجم)، منخفضة بنسبة 0.9% مقارنة بالفترة نفسها من العام السابق. ومع تسجيل ثالث شهر من الانخفاض خلال عام القهوة الحالي، تراجعت الصادرات التراكمية بنسبة 3.2% منذ أكتوبر 2024.

شكلت أنواع الأرابيكا 63% من إجمالي صادرات البن الأخضر، مقارنة بـ59.7% قبل عام. وسجلت مجموعة الكولومبيان مايلدز قفزة بنسبة 25.3%، بينما ارتفعت صادرات “المايلدز الأخرى” بنسبة 5.9%، بفضل أداء قوي من كوستاريكا وإثيوبيا وهندوراس.

في المقابل، تراجعت صادرات البرازيل من “الطبيعي البرازيلي” بنسبة 9.4%، ما أسهم في انخفاض عام لمجموعة هذه الأنواع بنسبة 2.4%. أما صادرات الروبوستا، فانخفضت بشكل أكثر حدة بنسبة 8.4%، ويُعزى ذلك بشكل رئيسي إلى هبوط صادرات البرازيل بنسبة 83.6% بعد فترة طويلة من الارتفاع غير المعتاد.

شهدت مناطق الإنتاج تحولات واضحة في مارس:

  • إفريقيا سجلت نموًا استثنائيًا بنسبة 36.3% لتصل إلى 1.58 مليون كيس، بدفع من إثيوبيا وأوغندا اللتين شهدتا زيادات تجاوزت 65%. ويمثل هذا الشهر السادس عشر على التوالي من النمو للقارة.

  • آسيا وأوقيانوسيا حققت نموًا بنسبة 6.1%، مدعومة بزيادة ضخمة في صادرات إندونيسيا (125.4%)، بينما سجلت فيتنام تراجعًا بنسبة 4%.

  • أمريكا الوسطى والمكسيك شهدت انتعاشًا بنسبة 15.3% بعد سنوات من التراجع، بقيادة هندوراس والمكسيك.

  • أمريكا الجنوبية تراجعت بنسبة 15.9% بسبب انخفاض صادرات البرازيل، وهو ما أدى إلى هبوط حصتها من الصادرات العالمية إلى 35.7%، وهو أدنى مستوى منذ يونيو 2023.

يشير التقرير إلى تداخل عوامل داعمة وأخرى ضاغطة على السوق:

  • توقعات بانخفاض الإنتاج في البرازيل نتيجة ارتفاع درجات الحرارة وقلة الأمطار.

  • تراجع التضخم العالمي المتوقع من 5.7% في 2024 إلى 3.6% بحلول 2026، ما يدعم الطلب.

  • بقاء القهوة سلعة ذات مرونة منخفضة، ما يجعل الطلب عليها مستقرًا نسبيًا.

  • تفاؤل الأسواق بتعليق الرسوم، مما يفتح المجال أمام ارتفاع الأسعار دون التأثير على الاستهلاك.

  • وجود فجوة سعرية مقلوبة في الأسواق الآجلة يشير إلى نقص في الإمدادات الفورية.

  • احتمال تراجع الاستهلاك بسبب ارتفاع أسعار التجزئة.

  • إدراج فيتنام كمنشأ معتمد في عقود بورصة نيويورك لعربيا المغسولة، مما قد يُخفف المخاوف من نقص المعروض.

في جانب القهوة المصنعة، شهد مارس 2025 نموًا ملحوظًا:

  • صادرات القهوة سريعة الذوبان ارتفعت بنسبة 15.6% لتصل إلى 1.28 مليون كيس، وكانت البرازيل أكبر مصدر.

  • صادرات القهوة المحمصة ارتفعت بنسبة 27.3%، لتبلغ 82,684 كيس.

رغم التقلبات في أبريل، يبقى سوق القهوة مدعومًا بعوامل أساسية قوية، أبرزها استمرار الطلب العالمي، خصوصًا من الأسواق الناشئة، وتراجع معدلات التضخم، ما يُبقي على تفاؤل حذر بشأن استقرار الأسعار.

لكن الأسواق ستبقى رهينة التطورات المناخية في البرازيل، ومسار الرسوم الجمركية، والتحولات في أسواق العقود الآجلة. ومع اقتراب منتصف عام القهوة 2024/2025، ستكون الأشهر المقبلة حاسمة في تحديد الاتجاه الحقيقي للسوق.

Spread the love
نشر في :