توجيه جديد من المنصة العالمية للقهوة يرسم مسارًا عالميًا للزراعة التجديدية في إنتاج القهوة
دبي، 3 سبتمبر 2025 (قهوة ورلد) – كشفت المنصة العالمية للقهوة عن إصدارها المرتقب توجيهات ريجن كوفي، وهو إطار شامل يهدف إلى توحيد قطاع القهوة العالمي حول الزراعة التجديدية. وجاء هذا الإصدار بعد 6 أشهر من المشاورات بمشاركة المزارعين والجهات الفاعلة في الصناعة والمنظمات غير الحكومية وخبراء الاستدامة، ليضع لغة مشتركة وخارطة طريق واضحة تضمن مرونة إنتاج القهوة في المستقبل.
تحول شامل نحو الزراعة التجديدية
تُعَد الزراعة التجديدية استجابة ضرورية للتغير المناخي وتدهور النظم البيئية والتحديات الاقتصادية التي يواجهها ملايين المزارعين. وبعد سنوات من التقلبات وضغوط السوق، تزداد الحاجة إلى حلول منسقة أكثر من أي وقت مضى. الأزمة العميقة في صناعة القهوة العالمية مع تعثر الإنتاج أمام الطلب المتزايد.
وعلى خلاف أساليب الاستدامة التقليدية، تركز الزراعة التجديدية على تحسين الموارد الطبيعية واستعادتها، ولا سيما التربة والمياه والتنوع البيولوجي، مع تعزيز ربحية المزارع على المدى الطويل.
ويعرّف التوجيه الجديد الزراعة التجديدية للقهوة بأنها نهج شامل يركز على النتائج، يهدف إلى ضمان أن يساهم إنتاج القهوة في تعزيز الخدمات البيئية، وزيادة القدرة على مواجهة مخاطر المناخ، وتحسين سبل عيش المزارعين.
وقالت أنيت بينسل، المديرة التنفيذية للمنصة العالمية للقهوة:
“التهديد لإنتاج القهوة المستدام حقيقي، لكن الفرصة قائمة. من خلال تبني الزراعة التجديدية بالشراكة مع المزارعين والحكومات، يمكن للقطاع مواجهة التحديات وبناء مسار نحو ازدهار المزارعين وضمان مرونة الإمدادات.”
أربع مجالات أساسية للتأثير
يرتكز الإطار الجديد على أربع مجالات رئيسية تشكل الأساس للزراعة التجديدية في القهوة:
-
تحسين صحة التربة – استعادة خصوبتها وتعزيز مرونتها.
-
رفع جودة وتوافر المياه – إدارة الموارد المائية بشكل أكثر كفاءة.
-
تعزيز التنوع البيولوجي وتقليل مخاطر المبيدات – من خلال أنظمة الزراعة البينية والظل والإدارة المتكاملة للآفات.
-
تعزيز سبل عيش المزارعين – عبر تقوية الدخل وتقليل التقلبات وتمكين التكيف مع التغير المناخي.
ويعرض التوجيه أمثلة عملية لممارسات زراعية مثل زراعة المحاصيل المتداخلة، التغطية العضوية للتربة، المعالجات الطبيعية، وإعادة إدماج الأشجار في المزارع. وهذه الممارسات ليست إلزامية، بل أدوات مرنة تساعد المزارعين على تكييفها وفق ظروفهم المحلية.
تأثير اقتصادي وبيئي
وفقًا لدراسة أجرتها منظمة تيكنوسيرف، فإن التحول إلى الزراعة التجديدية يمكن أن يحقق مكاسب كبيرة لقطاع القهوة. وتشير التقديرات إلى أن:
-
الاستثمار المطلوب يبلغ نحو 4 مليارات دولار على مدى 7 سنوات.
-
أكثر من 3.2 مليون مزارع صغير قد يشهدون زيادة في الدخل تصل إلى 62%.
-
صادرات القهوة في 7 دول رئيسية قد ترتفع بنسبة 30%.
-
انبعاثات الغازات الدفيئة من زراعة القهوة قد تنخفض بنسبة 38% في مساحة 2.7 مليون هكتار.
وقال بول ستيوارت، المدير العالمي للقهوة في تيكنوسيرف:
“إن جدوى الاستثمار ليست إيجابية فحسب، بل مقنعة. فهي تثبت أن الممارسات التجديدية قادرة على تحسين دخل المزارعين، وتعزيز التنوع البيولوجي، وخفض الانبعاثات الكربونية في الوقت ذاته.”
مواجهة مخاطر “الغسل الأخضر”
أحد الأهداف الرئيسية للتوجيه هو ضمان توحيد المفاهيم داخل القطاع للحد من الالتباس ومخاطر “الغسل الأخضر”. ويضع التوجيه تعريفات ومبادئ ونتائج ومؤشرات أداء مشتركة، بما يمنح المصداقية والوضوح للشركات والحكومات والمستهلكين.
كما يتماشى هذا التوجه مع الجهود الأوسع نحو الاقتصاد الدائري في القهوة. الاقتصاد الدائري: هل قطاع القهوة جاهز للتحول المستدام؟.
وسيكون تجاوز العقبات المالية والتنظيمية شرطًا أساسيًا لتوسيع نطاق تبني هذه الممارسات. عوائق أمام الاقتصاد الدائري للقهوة: كيف يمكن للصناعة التغلب على التحديات المالية والتنظيمية؟.
وقال جيريمي ليفروي، رئيس اللجنة الفنية في المنصة:
“إن النتيجة تعكس قيمة التعاون الواسع، وتضمن أن القطاع قادر على الاستمرار – أو البدء – في الخطوات الضرورية نحو مستقبل تجديدي للقهوة متسق ومبني على أسس واضحة.”
الطريق إلى الأمام
يمثل إطلاق توجيهات ريجن كوفي المرحلة الأولى من خطة متعددة المراحل. وتشمل المراحل المقبلة دمج مبادئ الزراعة التجديدية في مدونة مرجعية استدامة القهوة، وتكييفها مع السياقات المحلية، وإنشاء آليات تمويل للانتقال.
كما أن مخلفات القهوة يمكن أن تلعب دورًا مهمًا في تعزيز الاستدامة ضمن أنظمة الزراعة التجديدية. من الحبوب إلى الوقود الحيوي: كيف تقود مخلفات القهوة الاستدامة في مناطق الإنتاج.
وستسهم التقنيات الحديثة في تسريع التحول نحو القهوة المستدامة. مستقبل القهوة: كيف تصنع التكنولوجيا فنجانًا أكثر استدامة.
ويظل المزارعون في قلب هذا التحول، حيث تشدد المنصة على أن نجاح الزراعة التجديدية مرهون بتمكين المزارعين من الأدوات المناسبة والدعم المالي والإرشاد الفني.
وقالت أدريانا ميخيا كوارتاس، رئيسة مجلس إدارة المنصة ومزارعة قهوة من الجيل الرابع في كولومبيا:
“من دون نظم بيئية سليمة، لا مستقبل للقهوة. ومن دون زراعة مسؤولة، لا ازدهار. ومن دون عمل جاد، لا تغيير.”
دعوة إلى العمل الجماعي
دعت المنصة العالمية للقهوة جميع الأطراف – من المزارعين والتعاونيات إلى الحكومات والمحمصين والتجار والمنظمات والممولين – إلى تبني توجيهات ريجن كوفي كأساس مشترك للعمل.
وسيظل تعزيز المرونة على المدى الطويل مرهونًا أيضًا بتطور ديناميكيات العرض والطلب في السوق العالمية. تقرير منظمة القهوة الدولية – مارس 2025.
ومن خلال التوافق حول رؤية تجديدية مشتركة، يمكن لقطاع القهوة أن يضمن استدامة الإمدادات، ويسهم بفاعلية في تعزيز القدرة العالمية على مواجهة تغيّر المناخ وضمان الأمن الغذائي.