ارتفاع أسعار القهوة العالمية تدفع المحامص نحو خيارات صعبة والمستهلك الضحية

في ظل الارتفاع الكبير وغير المسبوق في أسعار القهوة العالمية، تجد المحامص نفسها مضطرة لاتخاذ قرارات صعبة تؤثر بشكل مباشر على جودة منتجاتها، مما يترك المستهلكين في وضع لا يُحسدون عليه. هذه الأزمة، التي تتزايد حدتها يومًا بعد يوم، تعكس مدى تعقيد وتداخل العوامل الاقتصادية التي أدت إلى تضخم الأسعار وتغير ملامح سوق القهوة العالمية.

خلال الأشهر الأخيرة، شهدت أسعار حبوب روبوستا وأرابيكا ارتفاعًا ملحوظًا. وصلت عقود روبوستا الآجلة في بورصة لندن إلى 4971 دولارًا للطن، وهو مستوى قياسي لم تشهده الأسواق من قبل. أما عقود أرابيكا في بورصة نيويورك، فقد ارتفعت إلى 2.49 دولارًا للرطل، مما شكل ضغطًا إضافيًا على محامص القهوة حول العالم.

ومع هذا الارتفاع، أصبح على المحامص التعامل مع تحديات معقدة للحفاظ على هوامش الربح. بعضها لجأ إلى خفض التكاليف من خلال إضافة حبوب أقل تكلفة إلى خلطاته التقليدية، الأمر الذي يؤثر بشكل مباشر على جودة القهوة التي تصل إلى المستهلك. وفقًا لستيف بتلر، المؤسس المشارك لشركة ChAI، فإن هذه الأسعار قد تستمر في الارتفاع، خاصة مع دخول المضاربين إلى السوق، ما يزيد من احتمالية استمرار الضغوط الاقتصادية على الجميع.

لم يكن الطقس حليفًا لهذه الصناعة في الآونة الأخيرة. ففي البرازيل، أكبر منتج للقهوة في العالم، تسببت موجة البرد في تدمير جزء كبير من المحصول، مما أثار مخاوف من نقص الإمدادات. وفي فيتنام، أدى الجفاف المستمر إلى تقليص الإنتاج بشكل كبير، مما أضاف ضغوطًا إضافية على الأسواق العالمية.

إلى جانب ذلك، شهدت تكاليف الشحن ارتفاعًا ملحوظًا نتيجة للتوترات الأمنية في البحر الأحمر، حيث اضطرت السفن التجارية إلى تغيير مساراتها واتخاذ طرق أطول وأكثر تكلفة، مما زاد من تكلفة نقل القهوة إلى الأسواق العالمية.

هذه الظروف القاسية لم تترك للمحامص خيارات سهلة. ففي إيطاليا، على سبيل المثال، ارتفع متوسط ​​سعر فنجان الإسبريسو بنسبة 15% منذ عام 2021، ليصل إلى 1.20 يورو هذا العام. هذا الارتفاع في الأسعار لم يكن مجرد تغيير في الأرقام، بل انعكس أيضًا على نوعية القهوة التي يتذوقها المستهلكون، حيث أصبحت الحبوب الأرخص جزءًا من الخلطات المعتادة.

وفقًا لتشارلز هارت، كبير محللي السلع الأساسية في BMI، فإن هذا التوجه نحو استخدام حبوب أقل تكلفة قد يؤدي إلى انخفاض المخزونات في دول منتجة رئيسية مثل فيتنام والبرازيل، مما يضع الأساس لمزيد من ارتفاع الأسعار في المستقبل القريب.

وبينما تستمر المحامص في البحث عن طرق للتكيف مع هذه الضغوط المتزايدة، يبقى المستهلك هو الضحية الأساسية لهذه التغيرات. فمن جهة، يواجه ارتفاعًا متواصلًا في الأسعار، ومن جهة أخرى، يجد نفسه مضطرًا لتقبل تراجع الجودة في فنجان قهوته اليومي.

نشر في :