انتعاش قطاع القهوة في هندوراس مع ارتفاع الإنتاج والصادرات وسط قفزة في الأسعار العالمية
يشهد قطاع القهوة في هندوراس انتعاشًا قويًا، حيث من المتوقع أن يرتفع كل من الإنتاج والصادرات خلال موسمي التسويق 2024/2025 و2025/2026، مدعومًا بتحسن الأحوال الجوية، وتراجع انتشار مرض صدأ أوراق القهوة، وارتفاع كبير في أسعار القهوة على المستوى العالمي. ووفقًا لأحدث تقرير صادر عن وزارة الزراعة الأمريكية، يُتوقع أن يبلغ إنتاج القهوة في هندوراس خلال موسم 2024/2025 نحو 5,520,000 كيس زنة 60 كيلوغرامًا، أي بزيادة قدرها 9.3% مقارنة بالعام السابق. ومن المرتقب أن يستمر هذا النمو ليصل إلى 5,800,000 كيس في موسم 2025/2026، وهو أعلى مستوى إنتاج منذ موسم 2021/2022.
ويُعزى هذا التحسن إلى ظروف الإنتاج المواتية، واعتماد المزارعين على أصناف مقاومة للأمراض مثل صنف “باراينما”، إلى جانب انخفاض نسبة الإصابة بمرض الصدأ، الذي لطالما شكّل تهديدًا لمحاصيل البن. وأظهرت دراسة ميدانية أجراها المعهد الهندوراسي للقهوة في أبريل 2024 أن 76% من المزارع التي شملتها العينة أظهرت مستويات منخفضة من الإصابة بالمرض، وذلك بفضل الجفاف السائد وأساليب الإدارة الجيدة.
تُزرع القهوة في هندوراس على ارتفاعات شاهقة، حيث تقع 61% من المزارع بين 1,200 و1,600 متر فوق سطح البحر. وتنتشر زراعة القهوة في 15 محافظة من أصل 18، وتُعد مناطق كوبان، مونتيثيوس، كوماياغوا، إل بارايسو وأغالطا من أبرز المناطق المنتجة، حيث تُزرع أصناف أرابيكا عالية الجودة مثل بوربون، كاتواي وتيبيكا.
وفي موازاة ذلك، يُتوقع أن تصل صادرات القهوة من هندوراس إلى 5,360,000 كيس خلال موسم 2024/2025، على أن ترتفع إلى 5,500,000 كيس في موسم 2025/2026. ويرجع هذا النمو إلى تحسن المردودية، واستقرار المناخ، بالإضافة إلى تقلص الإمدادات العالمية، لا سيما في البرازيل، التي تعاني من موجات جفاف وحرائق أثرت على إنتاجها.
وقد انعكست هذه التغيرات على الأسعار العالمية، حيث ارتفع متوسط سعر التصدير في هندوراس بنسبة 81% ليصل إلى 345.82 دولارًا للكيس الواحد بحلول أبريل 2025، مقارنة بـ191.34 دولارًا فقط في العام السابق. ونتيجة لذلك، تضاعفت قيمة صادرات القهوة لتصل إلى 1,020,000,000 دولار، مقارنة بـ507,000,000 دولار في العام الماضي.
كما ارتفع عدد عقود البيع إلى 3,330,000 كيس، بزيادة قدرها 19% عن الفترة نفسها من العام الماضي. وتبقى الولايات المتحدة وألمانيا وبلجيكا وإيطاليا وكندا من أكبر الأسواق المستوردة، بينما دخلت كوريا الجنوبية ضمن قائمة أهم 11 سوقًا، بفضل اتفاقية التجارة الحرة الموقعة مع هندوراس.
ورغم النجاح في التصدير، تراجع الاستهلاك المحلي بنسبة 13%، من 385,000 كيس إلى 335,000 كيس خلال الموسم الحالي، بسبب انخفاض القدرة الشرائية وتوجه المستهلكين نحو القهوة الفورية الأرخص ثمنًا. ومع ذلك، بدأت تظهر توجهات جديدة في السوق، خاصة بين فئة الشباب، مثل استخدام آلات تحضير القهوة بالكبسولات المتوفرة في المتاجر الكبرى.
في المقابل، تواصل هندوراس تعزيز موقعها في سوق القهوة المتخصصة والمصنفة، حيث شكلت هذه القهوة 52% من إجمالي صادرات الموسم الماضي، أي ما يعادل 2,600,000 كيس. وتتضمن هذه القهوة المعتمدة شهادات من مؤسسات مثل “رينفورست ألاينس” و”أورغانيك” و”فير تريد” و”يو تي زد” و”4 سي”، ما يمنحها قيمة مضافة وسعرًا أعلى في الأسواق العالمية.
وتُعد قهوة “رينفورست ألاينس” الأعلى حصة بنسبة 43.4% من القهوة المصنفة، تليها “أورغانيك” بنسبة 24.3%، و”فير تريد وأورغانيك” بنسبة 13.2%. كما تشارك هندوراس في مسابقة “كأس التميز”، التي تُعد واحدة من أبرز منصات الترويج لأفضل أنواع القهوة عالميًا، وتستخدم تصنيف المنشأ الجغرافي لتسويق قهوة ماركالا، إضافة إلى العلامة الجماعية “قهـوات الغرب الهندوراسي”.
ويُعد المعهد الهندوراسي للقهوة من أبرز المؤسسات الداعمة للقطاع، إذ يدير 6 مراكز بحث وتدريب، ويوفر الإرشاد والدعم الفني للمزارعين في مختلف مراحل الزراعة والإنتاج والمعالجة. كما أطلقت الحكومة برامج تمويل وتجديد للمزارع القديمة دون توقف الإنتاج، يستفيد منها أكثر من 33,000 مزارع. وفي عام 2022، صدر مرسوم يعفي جميع منتجات القهوة من ضريبة المبيعات بنسبة 12%، مما خفّض التكاليف وزاد من القدرة التنافسية للصادرات.
وتتبنى الحكومة خطة طويلة الأمد للتكيف مع التغير المناخي، تمتد حتى عام 2050، وتشمل تحسين الأصناف، وتطوير البنية التحتية، وتوسيع استخدام التكنولوجيا في الحصاد والتجهيز.
في ظل هذه التطورات، تبدو هندوراس في موقع قوي لتعزيز مكانتها ضمن أكبر مصدري قهوة الأرابيكا في العالم، مستفيدة من جودة الإنتاج، والدعم المؤسسي، والتوجهات العالمية المتزايدة نحو القهوة المتخصصة والمستدامة.