ما هي الكمية المناسبة من القهوة؟ رأي طبي
تُعدّ القهوة جزءًا من الروتين اليومي لملايين الأشخاص حول العالم، ولكن إلى أي حد يمكن اعتبار استهلاكها آمنًا؟ في مقابلة حديثة مع شبكة CNN، أوضحت الدكتورة لينا وين، الطبيبة المتخصصة في الطوارئ والأستاذة المساعدة في جامعة جورج واشنطن، الفوائد الصحية المحتملة للقهوة والمخاطر المرتبطة بالاستهلاك المفرط.
القهوة والصحة: الأدلة العلمية
أثبتت عقود من الأبحاث أن الاستهلاك المعتدل للقهوة يرتبط بانخفاض خطر الإصابة بعدد من الأمراض الخطيرة، مثل أمراض القلب والسكري وبعض أنواع السرطان، وحتى الخرف. أظهرت دراسة بريطانية نُشرت في سبتمبر 2024 أن تناول القهوة أو الشاي يقلل من مخاطر الإصابة بالأمراض القلبية الاستقلابية، بينما أشارت دراسة أخرى في يناير إلى أن شرب القهوة في الصباح يساهم في تقليل أمراض القلب والوفاة المبكرة.
ورغم عدم وضوح الآليات الفسيولوجية الدقيقة، فإن الخبراء يعتقدون أن القهوة تحتوي على مضادات أكسدة ومركبات مضادة للالتهابات قد تسهم في هذه الفوائد الصحية. كما أن بعض مكوناتها تساعد في تنظيم مستويات السكر في الدم وتحسين معالجة الكوليسترول، مما يوفر حماية ضد الاضطرابات الاستقلابية.
ما هي الكمية المناسبة من القهوة؟
تشير معظم الدراسات إلى أن تناول ما بين كوبين وأربعة أكواب يوميًا له فوائد صحية إيجابية. وجدت الدراسة البريطانية أن شرب ثلاثة أكواب يوميًا يقلل خطر الإصابة بالأمراض القلبية الاستقلابية بنسبة 48% مقارنةً بمن يستهلكون أقل من كوب واحد يوميًا.
كما أظهرت دراسة عام 2022 أن تناول كوبين إلى ثلاثة أكواب يوميًا يقلل من خطر الوفاة المبكرة، وكانت القهوة المطحونة الأكثر فائدة، حيث خفضت معدل الوفاة المبكرة بنسبة 27%، بينما كان التأثير أقل بالنسبة للقهوة الفورية (11%).
متى يصبح استهلاك القهوة مفرطًا؟
بالرغم من فوائدها العديدة، فإن الإفراط في استهلاك القهوة قد يؤدي إلى آثار سلبية مثل خفقان القلب والقلق والأرق. وفقًا لإدارة الغذاء والدواء الأمريكية (FDA)، فإن 400 ميليغرام من الكافيين يوميًا—أي ما يعادل أربعة أكواب بحجم 8 أونصات من القهوة المخمرة—يُعتبر آمنًا لمعظم البالغين. ولكن تختلف حساسية الأشخاص للكافيين، ويجب على من يعانون من مشاكل النوم أو التوتر مراقبة استهلاكهم.
محتوى الكافيين في المشروبات المختلفة
ليست جميع المشروبات المحتوية على الكافيين متساوية. وفقًا للدكتورة وين:
-
الإسبريسو: تحتوي الجرعة الواحدة (1 أونصة) على 60–70 ملغ من الكافيين.
-
الشاي الأسود: يحتوي عادةً على 40–50 ملغ لكل كوب، ولكن قد يصل إلى 90 ملغ.
-
الشاي الأخضر والأبيض: يحتويان على كميات أقل من الكافيين.
-
المشروبات الغازية: تتراوح نسبة الكافيين فيها بين 3 ملغ و70 ملغ لكل 12 أونصة.
-
مشروبات الطاقة: قد تحتوي بعض الأنواع على 300 ملغ من الكافيين لكل حصة، مما يجعلها مصدرًا عالي التركيز قد يشكل مخاطر صحية.
من يجب أن يكون حذرًا عند تناول القهوة؟
هناك فئات يجب أن تحدّ من استهلاك الكافيين أو تتجنبه تمامًا، ومنها:
-
الأطفال تحت سن 12 عامًا: توصي الأكاديمية الأمريكية لطب الأطفال بعدم استهلاك الأطفال للكافيين، كما يُنصح المراهقون (12-18 عامًا) بعدم تجاوز 100 ملغ يوميًا.
-
النساء الحوامل: توصي الكلية الأمريكية لأطباء النساء والتوليد بعدم تجاوز 200 ملغ يوميًا لتجنب مخاطر مثل الإجهاض أو الولادة المبكرة.
-
النساء المرضعات: يجب ألا يتجاوز استهلاكهن 300 ملغ يوميًا لضمان سلامة الرضيع.
-
الأشخاص المصابون بأمراض القلب: يجب على من يعانون من اضطرابات نظم القلب أو أمراض القلب الأخرى استشارة الطبيب قبل تناول الكافيين.
-
الأشخاص الذين يتناولون بعض الأدوية: بعض مضادات الاكتئاب وأدوية الغدة الدرقية يمكن أن تزيد من حساسية الجسم للكافيين.
هل الشاي بديل جيد؟
بالنسبة لمن لا يشربون القهوة، قد يقدم الشاي فوائد صحية مماثلة. أظهرت بعض الدراسات أن تناول الشاي يرتبط بانخفاض معدل الوفيات وتقليل مخاطر بعض الأمراض. ومع ذلك، لا تنطبق هذه الفوائد على مشروبات الطاقة والمشروبات الغازية، نظرًا لمحتواها العالي من السكر والمواد الكيميائية التي قد تُلغي أي فوائد محتملة للكافيين.
الخلاصة
يمكن أن تكون القهوة إضافة صحية لنظام البالغين الغذائي، ولكن الاعتدال هو المفتاح. يُنصح باستهلاك ما بين كوبين وأربعة أكواب يوميًا للحصول على الفوائد المثلى، مع ضرورة تجنب تجاوز 400 ملغ من الكافيين يوميًا لتجنب الآثار الجانبية المحتملة. الفئات الحساسة، مثل النساء الحوامل والأطفال والأشخاص الذين يعانون من أمراض القلب، يجب أن تكون أكثر حذرًا.
في النهاية، يعد استهلاك القهوة مسألة شخصية تعتمد على الظروف الصحية ونمط الحياة لكل فرد. يُفضل استشارة مختص صحي لمعرفة الجرعة الأنسب لكل حالة.