
إندونيسيا.. صعود متسارع في عالم القهوة المختصة
ترجمة: فريق قهوة ورلد | بقلم: دانيال وودز – 24 يوليو 2025
تُعد إندونيسيا واحدة من أكبر أربع دول منتجة للبن في العالم، ولكن مع صعود مشهد القهوة المختصة، وتزايد الاستهلاك المحلي، والدعم الحكومي المتنامي، يبدو أن البلاد مهيأة لتحقيق قفزة نوعية على الساحة العالمية.
خلال فعالية “عالم القهوة – آسيا” التي أُقيمت في جاكرتا في مايو 2025، عبّر وزير الشؤون الغذائية الإندونيسي زلفكلي حسن عن طموح بلاده في تجاوز فيتنام – ثاني أكبر منتج للبن في العالم – في حجم الإنتاج.
وبينما تواجه فيتنام موسم زراعة صعب بسبب موجات الجفاف، ترى إندونيسيا في هذه المرحلة فرصة سانحة لتعزيز مكانتها كمركز إنتاجي رئيسي.
قهوة تنمو على الجزر
أنتجت إندونيسيا في موسم 2024/2025 نحو 6% من إجمالي محصول القهوة العالمي، أي ما يعادل 10.9 مليون كيس وزن 60 كغ، بحسب وزارة الزراعة الأمريكية، لتأتي خلف كولومبيا (7%) وفيتنام (17%) والبرازيل (38%).
لكن ما يميز إندونيسيا عن غيرها هو طبيعتها الجغرافية الفريدة، حيث تُزرع القهوة عبر سلسلة جزر بركانية تمتد من سومطرة وجاوة إلى سولاويزي وفلوريس، مما يخلق تنوعاً استثنائياً في النكهات والخصائص.
ويقول شاي ماكنمارا، مؤسس “إكسبات روسترز”، إن تحول المزارعين من زراعات موسمية متبدلة إلى زراعة القهوة طويلة الأمد، إضافة إلى صعود ثقافة القهوة المختصة، خلق “عاصفة مثالية” من الفرص.
“هناك توازن رائع حالياً بين الإنتاج والاستهلاك في اقتصاد ديناميكي سريع النمو. ومع وجود نسبة كبيرة من السكان المسلمين الذين لا يستهلكون الكحول، أصبحت القهوة هي المشروب الاجتماعي المفضل.”
تمتلك “إكسبات روسترز” أكثر من 700 شريك بيع بالجملة في إندونيسيا، مع خطط للوصول إلى 1000 بحلول نهاية 2025، إلى جانب التوسع خارجياً.
اللاعبون الرئيسيون في السوق
تعمل شركات مثل “إكسبات”، و”كورو روسترز”، و”تاناميرا كوفي” على تعزيز جودة البن الإندونيسي ورفع مكانته.
تأسست “تاناميرا” قبل أكثر من عقد، وتسعى منذ البداية إلى دعم المزارعين من خلال التدريب والاستثمار في المعدات والتقنيات الحديثة. ويقول الشريك المؤسس إيان كريدل إن متوسط إنتاج المزارع في إندونيسيا أقل من دول مثل البرازيل، لكنه يرى أن القيمة أهم من الحجم.
أما “كورو روسترز”، التي أسسها المهندس السابق ألان سيالوجا، فتتبنى نهجًا مختلفًا، حيث تركز على التعاون مع مزارعين يطبقون ممارسات زراعية مستدامة. ويقول سيالوجا:
“إندونيسيا تنتج بالفعل كمية أكبر من أرابيكا مقارنة بفيتنام، ولديها سوق محلي أقوى. لن ننافس فيتنام في الحجم، لكن يمكننا التفوق في الجودة والقيمة.”
الاستدامة والتعليم
يشير جون لي، مدير الجودة في “تاناميرا”، إلى أن تحسين الجودة يبدأ من الحقل، ويعتمد على تكرار التدريب والمتابعة المستمرة للمزارعين.
“نقضي وقتاً طويلاً في المزارع، من سومطرة إلى فلوريس، لتعزيز العلاقات وتنفيذ ممارسات مستدامة. نساعدهم على تحسين المحاصيل والإنتاجية، ونوصل إليهم ملاحظات العملاء المحليين والدوليين.”
ويرى سيالوجا أن المزارع الإندونيسية تملك أساسًا مستدامًا بشكل طبيعي – فهي صغيرة ومتنوعة وغالبًا عضوية – لكن التحدي يكمن في توثيق هذه الممارسات بطريقة يفهمها السوق العالمي دون أن تثقل كاهل المزارع.
“من خلال الجمع بين تقاليد الزراعة المستدامة واعتماد بعض التقنيات المناسبة، يمكن لإندونيسيا أن تصبح نموذجًا عالميًا للتوازن بين الإنتاج والاستدامة ورفاهية المزارع.”
ثقافة القهوة في كل فنجان
لا يتعلق صعود إندونيسيا بالقهوة فقط بالإنتاج، بل بالثقافة أيضاً. فبحسب ماكنمارا، هناك رابط حقيقي بين الباريستا ومصدر القهوة، لأنهم في الغالب ينتمون إلى مجتمعات زراعية.
“عندما تسأل أحدهم عن نوع القهوة، لا يكتفي بقول أرابيكا، بل يذكر أنها من سومطرة، ثم يسمي المنطقة تحديدًا. هذا الارتباط المباشر بالمصدر نادر في دول مثل أستراليا، حيث تبرز أسماء المحامص فقط.”
ويضيف أن ارتفاع أسعار القهوة أدى إلى تثبيت الزراعة وعدم التبديل إلى محاصيل أخرى، وهو ما يبشر باستقرار طويل الأمد في الإنتاج.
“نريد إبقاء القهوة الإندونيسية في إندونيسيا، ولكن قريباً، سترونها في قوائم المقاهي حول العالم.”
الخلاصة:
تمتلك إندونيسيا المقومات اللازمة لتكون لاعباً رئيسياً في سوق القهوة المختصة عالمياً، من خلال دعم حكومي، تنوع بيئي، وممارسات مستدامة. ورغم أن فيتنام ما زالت تتصدر في حجم الإنتاج، فإن القهوة الإندونيسية تتقدم بخطى ثابتة نحو الريادة في الجودة والقيمة.