دبي – قهوة ورلد
أطلقت منظمة القهوة الدولية حملتها للاحتفال بـ اليوم العالمي للقهوة، الذي يُقام سنوياً في الأول من أكتوبر. وقد جاء شعار احتفال هذا العام: «تعزيز التعاون أكثر من أي وقت مضى». وأكدت المنظمة أن هذه المناسبة تمثل فرصة لتسليط الضوء على الدور المحوري للتعاون عبر سلسلة قيمة القهوة — من المزارع والتعاونيات إلى التجار والمحامص والباريسـتا والمستهلكين — بما يضمن الاستدامة، ويعزز سبل العيش، ويقوي المجتمعات.
وقالت فانوسيا نوجويرا، المديرة التنفيذية للمنظمة: «القهوة نتاج أيادٍ وقلوب كثيرة. وعندما يعمل المزارعون والتعاونيات والباحثون والمحامص والتجار والباريسـتا والمستهلكون معاً، فإننا نخلق فرصاً للدخل والمرونة وحماية البيئة. هذه الحملة تدعو إلى تعاون عملي يعود بالنفع على جميع أطراف السلسلة».
وبهذه المناسبة، تقدم قهوة ورلد تقريراً بحثياً شاملاً عن اليوم العالمي للقهوة — نستعرض فيه جذوره وتاريخه وأهدافه، وأبعاده الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، لنؤكد أن هذا اليوم ليس مجرد احتفال بمشروب محبوب، بل هو اعتراف بدور القهوة كقوة ثقافية واقتصادية واجتماعية عالمية.
النشأة والتأسيس
تم اعتماد اليوم العالمي للقهوة رسمياً عام 2014 خلال اجتماع مجلس منظمة القهوة الدولية في ميلانو، بالتزامن مع إكسبو 2015. وكان 1 أكتوبر 2015 أول احتفال رسمي بهذا اليوم.
أهداف اليوم العالمي للقهوة:
توحيد عشاق القهوة حول العالم.
تكريم المزارعين الذين يعتمد دخلهم على زراعة القهوة.
رفع الوعي العالمي بالاستدامة والتجارة العادلة وتحديات القطاع.
تعزيز الشعور بالانتماء لمجتمع القهوة العالمي.
الجذور التاريخية للقهوة
تاريخ القهوة يمتد لقرون طويلة، ربطت خلالها بين قارات وثقافات:
إثيوبيا: تعود أصول القهوة إلى غابات كافا، حيث كانت تنمو بشكل بري. وتذكر الأساطير أن تأثيرها المنبّه اكتُشف هناك لأول مرة.
اليمن: في القرن الخامس عشر انتقلت زراعة القهوة إلى اليمن، حيث قام المتصوفة بتحضيرها كمشروب يساعدهم على السهر في العبادة. وهكذا أصبح اليمن مهد ثقافة القهوة.
العالم العربي: بحلول القرن السادس عشر، انتشرت القهوة في مكة والقاهرة ودمشق وإسطنبول. وظهرت المقاهي (القهوهخانة) كمراكز للحياة الاجتماعية والفكرية والثقافية.
أوروبا: وصلت القهوة إلى البندقية في أوائل القرن السابع عشر، وسرعان ما انتشرت في أنحاء أوروبا رغم معارضة بعض رجال الدين. في لندن، عُرفت المقاهي باسم «جامعات بنس واحد» لأنها وفّرت فضاءات للنقاش والمعرفة بثمن كوب واحد.
آسيا والأمريكتان: بحلول القرن الثامن عشر، نقلت القوى الاستعمارية زراعة القهوة إلى آسيا (خاصة إندونيسيا) وأمريكا اللاتينية (خصوصاً البرازيل ومنطقة الكاريبي)، لتصبح القهوة محصولاً عالمياً رئيسياً.
التطور الصناعي والتكنولوجي
في القرن التاسع عشر، أحدث التصنيع ثورة في صناعة القهوة، مع اختراع آلات التحميص الكبيرة والمطاحن الحديثة، ما سمح بالإنتاج الضخم وضمان جودة متقاربة.
في القرن العشرين، ظهرت ابتكارات مثل القهوة سريعة الذوبان (النسكافيه) في ثلاثينيات القرن الماضي، وهو ما غيّر أنماط الاستهلاك وجعل القهوة أكثر انتشاراً.
اليوم، تشمل التطورات تقنيات التحميص المتخصّص، وطرق التخمير الدقيقة، والممارسات الزراعية المستدامة، مما يعكس التوازن بين التراث والابتكار في عالم القهوة.
مواعيد الاحتفال حول العالم
رغم أن 1 أكتوبر هو التاريخ الرسمي المعتمد من منظمة القهوة الدولية، إلا أن مواعيد الاحتفال تختلف بين الدول:
1 أكتوبر: اليوم العالمي للقهوة (احتفال رسمي عالمي وفق ICO).
29 سبتمبر: اليوم الوطني للقهوة في الولايات المتحدة وكندا والنمسا وعدة دول أخرى.
أيام خاصة للقهوة في أمريكا:
8 نوفمبر: يوم الكابتشينو
23 نوفمبر: يوم الإسبريسو
11 فبراير: يوم اللاتيه
هذه التواريخ المختلفة تؤكد مدى عالمية القهوة وتنوع طرق الاحتفاء بها.
التقاليد والأنشطة
اليوم العالمي للقهوة مناسبة لإطلاق حملات وفعاليات متعددة:
حملات ICO: تحدد المنظمة موضوعاً سنوياً، وموضوع 2025 هو التعاون.
المقاهي والمحامص: تنظم فعاليات تذوق وورش عمل وعروض خاصة.
وسائل التواصل الاجتماعي: تنشط عبر الوسوم #اليوم_العالمي_للقهوة و**#ICD2025**، حيث يشارك ملايين الناس صورهم وقصصهم.
برامج التوعية: تستغل الجمعيات والمنظمات المناسبة لتسليط الضوء على الاستدامة، والدخل العادل للمزارعين، وتحديات المناخ.
الأثر الاقتصادي للقهوة
القهوة ليست مجرد رمز ثقافي، بل هي أيضاً قوة اقتصادية كبرى:
الاستهلاك: أكثر من 3 مليارات كوب يومياً حول العالم.
الإنتاج (2023 – ICO): نحو 170 مليون كيس (60 كغ) سنوياً.
أكبر المنتجين (2023):
البرازيل – 37% من الإنتاج العالمي
فيتنام – 17%
كولومبيا – 8%
إندونيسيا – 7%
إثيوبيا – 5%
حزام القهوة:
تتركز زراعة القهوة في المنطقة الاستوائية المعروفة باسم حزام القهوة، والتي تشمل أمريكا اللاتينية وإفريقيا وآسيا والمحيط الهادئ.
القيمة التجارية:
القهوة هي ثاني أكثر سلعة تداولاً في العالم بعد النفط.
الأبعاد الاجتماعية والبيئية
اليوم العالمي للقهوة يسلّط الضوء على التحديات التي تواجه القطاع:
سبل العيش: القهوة توفر سبل العيش لأكثر من 125 مليون شخص حول العالم، بينهم نحو 25 مليون مزارع صغير يعتمدون عليها بشكل مباشر، ومع ذلك يعيش كثير منهم تحت خط الفقر بسبب تقلبات الأسعار.
التغير المناخي: ارتفاع درجات الحرارة، وانتشار الآفات مثل صدأ أوراق القهوة، وإزالة الغابات تهدد استقرار الإنتاج.
الاستدامة: شهادات مثل التجارة العادلة وتحالف الغابات المطيرة والمعايير العضوية تكتسب أهمية خاصة في هذا اليوم لتعزيز ممارسات مسؤولة في الإنتاج والاستهلاك.
الأهمية الثقافية والاجتماعية
القهوة كانت دائماً أكثر من مشروب، بل محركاً للثقافة والمجتمع:
في العالم العربي، ارتبطت المقاهي بالموسيقى والأدب والشطرنج والقصص.
في أوروبا، لعبت المقاهي دوراً في نشوء الصحافة والنقاشات الفكرية والسياسية.
اليوم، تواصل المقاهي دورها كفضاءات للإبداع والتواصل وتبادل الأفكار.
حقائق مثيرة عن القهوة
تعيش شجرة القهوة حتى 100 عام، لكن أفضل إنتاجها يكون بين 7 و20 عاماً.
تعرضت القهوة لمحاولات حظر في مكة وإسطنبول وحتى في بروسيا القرن الثامن عشر، لكنها عادت دائماً أقوى.
من أغلى أنواع القهوة في العالم أوسبينا (كولومبيا)، التي بلغت قيمتها 1700 دولار للرطل عام 2024.
في إنجلترا، عُرفت المقاهي في القرن السابع عشر باسم «جامعات بنس واحد» لأنها أتاحت النقاش والمعرفة بثمن كوب واحد.
الخلاصة
اليوم العالمي للقهوة ليس مجرد مناسبة للاحتفال بمشروب محبب؛ بل هو منصة للاعتراف بالرحلة الطويلة التي قطعتها القهوة من إثيوبيا واليمن إلى بقية أنحاء العالم، وبالملايين الذين ترتبط حياتهم بها.
منذ إقراره عام 2014، شكّل هذا اليوم فرصة لتوحيد عشاق القهوة، ودعم المزارعين، وتعزيز الاستدامة. وفي عام 2025، تحت شعار «تعزيز التعاون أكثر من أي وقت مضى»، تؤكد منظمة القهوة الدولية أن القهوة ليست مشروباً فحسب، بل هي التزام عالمي بالمرونة والعدالة والتعاون.