تناول القهوة يومياً قد يساهم في الحماية من الضعف المرتبط بتقدم العمر
كشفت دراسة حديثة نُشرت في المجلة الأوروبية للتغذية أن تناول القهوة بشكل منتظم قد لا يقتصر فقط على منحك النشاط في الصباح، بل قد يكون له دور فعّال في إبطاء مظاهر الشيخوخة. الدراسة التي أجريت على بالغين تتجاوز أعمارهم 55 عاماً في هولندا، وجدت أن من يشربون ما بين كوبين إلى أربعة أكواب من القهوة يومياً (بالحجم الأوروبي، أي ما يعادل نحو 125 مل لكل كوب) أقل عرضة للإصابة بالضعف الجسدي مع التقدم في السن.
وأظهرت النتائج أن الاستهلاك المعتدل للقهوة يساعد على تقليل الالتهابات، والحفاظ على الكتلة العضلية، وتحسين الصحة الأيضية — وهي جميعها عوامل تلعب دوراً أساسياً في الوقاية من الضعف المرتبط بالشيخوخة. ومن اللافت أيضاً أن القهوة منزوعة الكافيين أظهرت تأثيراً إيجابياً مشابهاً، ما يشير إلى أن المركبات النباتية والبوليفينولات في القهوة — وليس الكافيين فقط — هي المسؤولة عن الفوائد الصحية.
قال الدكتور إحسان علي، اختصاصي الطب الباطني والعناية بكبار السن ومؤسس “طبيب بيفرلي هيلز الشخصي”: “كلما زاد استهلاك القهوة — ضمن حدود معقولة — انخفضت احتمالية الإصابة بالضعف الجسدي مع التقدم في العمر.”
كيف تساهم القهوة في الوقاية من الضعف الجسدي المرتبط بالشيخوخة؟
يشير الخبراء إلى أربعة آليات رئيسية تفسر التأثير الوقائي للقهوة:
-
الخصائص المضادة للأكسدة: القهوة غنية بمضادات الأكسدة التي تكافح الإجهاد التأكسدي، وهو أحد الأسباب الرئيسية لتلف الخلايا وظهور علامات الشيخوخة.
-
الخصائص المضادة للالتهابات: البوليفينولات والمركبات النشطة بيولوجياً في القهوة تقلل من الالتهابات المزمنة المرتبطة بالضعف.
-
الحفاظ على الكتلة العضلية: تساعد المركبات النباتية في القهوة على دعم صحة الميتوكوندريا وتجديد الخلايا، ما يعزز قوة العضلات ويمنع فقدانها مع التقدم في العمر.
-
تحسين الوظائف الأيضية: تم ربط القهوة بتحسين حساسية الجسم للأنسولين، مما يقلل من الالتهابات المزمنة ويبطئ التدهور العضلي.
ورغم أن الدراسة تبقى من النوع الرصدي ولا تثبت علاقة سببية مباشرة، فإنها تعزز الأدلة المتزايدة على دور القهوة في دعم الشيخوخة الصحية.
فوائد إضافية للقهوة
لا تقتصر فوائد القهوة على الوقاية من الضعف الجسدي، بل تشمل أيضاً:
-
تحسين الوظائف الإدراكية: الكافيين يحفّز الجهاز العصبي المركزي ويُسهم في تحسين التركيز والانتباه وتقليل مخاطر الإصابة بأمراض مثل الزهايمر والباركنسون.
-
تعزيز الأداء الرياضي: تشير الأبحاث إلى أن الكافيين يرفع من مستويات الأدرينالين في الجسم، ما يزيد من القدرة على التحمل ويقلل من الإحساس بالإجهاد.
-
دعم صحة القلب والكبد: الاستهلاك المنتظم للقهوة يقلل من خطر الإصابة بأمراض القلب والجلطات، كما يحمي الكبد من أمراض مثل التليف وسرطان الكبد.
-
المساهمة في طول العمر: أظهرت دراسات عدة أن تناول القهوة باعتدال يرتبط بانخفاض خطر الوفاة المبكرة.
كم كوباً من القهوة ينبغي شربه يومياً؟
توصي أخصائية التغذية جنيفر بيانكيني عادةً بشرب كوب إلى كوبين من القهوة يومياً بالحجم الأمريكي (نحو 237 مل للكوب الواحد)، مشيرة إلى أن هذا القدر يكفي للاستفادة من خصائص القهوة المضادة للأكسدة والالتهاب. وبما أن الكوب الأوروبي يعادل نحو نصف الكوب الأمريكي، فإن شرب كوب أو كوبين في الولايات المتحدة يعادل توصيات الدراسة الأوروبية.
ويؤكد الدكتور إحسان علي أن معظم البالغين الأصحاء يمكنهم تناول ما يصل إلى 400 ملغ من الكافيين يومياً — أي ما يعادل أربعة أكواب أمريكية — لكن التأثيرات الجانبية مثل القلق، الأرق، اضطرابات المعدة، وزيادة ضربات القلب قد تظهر عند تجاوز هذا الحد، لذا يجب الانتباه للحدود الشخصية للتحمل.
ما هو الشكل الأفضل لتناول القهوة؟
شملت الدراسة القهوة السوداء العادية ومنزوعة الكافيين فقط. أما المشروبات المحلاة أو المخلوطة بالكريمة أو المنكهات الصناعية، فقد تقلل من الفوائد المحتملة.
تقول بيانكيني: “عند إضافة المحليات الصناعية أو السكر أو الكريمة المنكهة، فإن ذلك يرفع مستوى السكر في الدم ويزيد الالتهابات، ما يضيع الفوائد الصحية المرتبطة بالقهوة العادية.”
لذلك، تنصح بتناول القهوة بأبسط صورة ممكنة — سوداء أو مع كمية قليلة من الحليب النباتي أو الحيواني غير المحلى — للحصول على أفضل النتائج الصحية.