سوق القهوة في الشرق الأوسط.. نمو مزدهر رغم التحديات الإقليمية

يواصل الشرق الأوسط ترسيخ مكانته كأحد المحركات الرئيسية لنمو صناعة القهوة العالمية. ووفقًا لتقرير “مشروع كافيه الشرق الأوسط 2025” الصادر عن منصة “وورلد كوفي بورتال”، شهد سوق المقاهي ذات العلامات التجارية في المنطقة نموًا بنسبة 11% خلال العام الماضي، ليصل عدد المنافذ إلى 11,163 منفذًا. وعلى الرغم من التوترات الجيوسياسية، تظل الثقافة الغنية للقهوة وإمكانات النمو الاقتصادي عوامل جذب رئيسية للاستثمارات الإقليمية والعالمية.

السعودية والإمارات تقودان التحول في السوق

تظل المملكة العربية السعودية مركز الثقل في صناعة القهوة بالشرق الأوسط، حيث تضم 5,130 منفذًا تمثل 46% من إجمالي السوق الإقليمية. ويشمل السوق السعودي أكثر من 120 علامة تجارية، من بينها علامات عالمية مثل ستاربكس ودانكن، بجانب علامات محلية بارزة مثل بارنز ومقهى كيان ومزاج مغربي. وتعكس هذه العلامات التزام السعودية بتحقيق رؤيتها 2030، التي تضع القهوة كجزء أساسي من التنمية الاقتصادية والثقافية للبلاد.

كما تبرز الإمارات كنقطة محورية للابتكار في مجال القهوة والضيافة، حيث يسهم المستهلكون في تعزيز الطلب على تجارب القهوة الفاخرة. ويكتسب قطاع القهوة المختصة أهمية كبيرة في كل من السعودية والإمارات، حيث أكد أكثر من 80% من قادة الصناعة على دوره الحيوي في تحقيق النجاح بالسوق.

الأسواق الناشئة تكتسب زخمًا

إلى جانب المراكز الراسخة، بدأت أسواق مثل المغرب والأردن تجذب اهتمام المستثمرين. وقد سجل المغرب أعلى معدل نمو في المنطقة بنسبة 19%، يليه السعودية بنسبة 16.5%، ومصر بنسبة 13.3%. ويعكس هذا التوسع الاهتمام المتزايد بالأسواق الأصغر من قبل المشغلين الباحثين عن فرص جديدة.

كما يلعب المشغلون المحليون دورًا رئيسيًا في تشكيل ملامح السوق. على سبيل المثال، توسعت علامات مثل باشا كافيه المستوحاة من التراث المغربي وكافيه كيتسونيه الفرنسية اليابانية إلى أسواق جديدة في المنطقة. في حين عززت علامات محلية مثل كوفي كالتشر في مصر ورو في السعودية مكانتها، مما جعلها ضمن العلامات التجارية الكبرى في السوق.

تحديات في ظل مشهد معقد

رغم النمو القوي، يواجه سوق القهوة في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا تحديات كبيرة. فقد أدت الاضطرابات السياسية في اليمن والنزاع بين إسرائيل وغزة إلى تعطيل سلاسل الإمداد، لا سيما عبر البحر الأحمر، وهو ممر حيوي لشحنات القهوة عالميًا. وقد تسبب ذلك في تأخيرات وزيادة التكاليف التشغيلية. كما واجهت بعض العلامات التجارية الغربية ضغوطًا نتيجة مقاطعات المستهلكين بسبب مواقفها السياسية المزعومة.

ورغم هذه التحديات، أظهرت السوق مرونة كبيرة. فقد حققت 14 من أصل 20 سوقًا في التقرير نموًا في عدد المنافذ، وأفاد نحو 76% من قادة الصناعة بأن ظروف السوق الحالية إيجابية، مع تسجيل نمو في المبيعات خلال العام الماضي. ومع ذلك، شهدت كل من لبنان وتونس انخفاضًا في عدد المنافذ بنسبة 9.1% و19.3% على التوالي.

مستقبل سوق القهوة في الشرق الأوسط

تشير الثقافة العميقة للجذور التي تتمتع بها القهوة في المنطقة، إلى جانب تزايد الطلب على القهوة الفاخرة والمختصة، إلى مستقبل مشرق لهذا القطاع. ووفقًا للتقرير، من المتوقع أن يتجاوز عدد المقاهي ذات العلامات التجارية في المنطقة 12,160 منفذًا بحلول نوفمبر 2025، وأن ينمو ليصل إلى 16,460 منفذًا بحلول عام 2029 بمعدل نمو سنوي مركب يبلغ 8.1%.

وتتوقع الدراسة أن تقود السعودية هذا النمو من حيث عدد المنافذ، بينما سيشهد المغرب أسرع معدل نمو بنسبة 19.2%. ويأتي ذلك بفضل جيل الشباب المهتم بمشاركة تجاربه على وسائل التواصل الاجتماعي، مما يشجع المشغلين الإقليميين والعالميين على تقديم عروض مبتكرة وتوسيع خدماتهم.

مصدر موثوق لرؤى الصناعة

يُعد “مشروع كافيه الشرق الأوسط 2025” تقريرًا شاملًا يقدم نظرة تفصيلية على السوق، مما يوفر لأصحاب المصلحة رؤى ضرورية لفهم ديناميكيات السوق. ويتضمن التقرير:

  • حجم السوق: تحليل تفصيلي لحجم القطاع وتوقعات النمو عبر 20 سوقًا.
  • رؤى المستهلكين: أكثر من 2000 استبيان مع مستهلكي القهوة في الإمارات والسعودية.
  • آراء الخبراء: استشارات ومقابلات مع أكثر من 200 من قادة الصناعة.
  • تحليل الأسعار: رؤى مقارنة لأسعار المشروبات مثل الكابتشينو واللاتيه.

ويأتي هذا التقرير ضمن سلسلة تقارير “مشروع كافيه”، التي تصدر منذ عام 1999، كمصدر موثوق لفهم التأثيرات الاجتماعية والاقتصادية لصناعة القهوة. ويقدم التقرير الأحدث خارطة طريق للشركات المهتمة باستكشاف الفرص في أحد أكثر الأسواق ديناميكية على مستوى العالم.

أكد جيفري يونغ، مؤسس مجموعة “أليجرا” والرئيس التنفيذي لها، على مرونة السوق:

“يواصل سوق المقاهي ذات العلامات التجارية في الشرق الأوسط إظهار قوته المذهلة رغم التحديات الجيوسياسية. إن ظهور المشغلين المحليين والنمو المتزايد لسوق القهوة الفاخرة يشيران إلى إمكانيات هائلة للنمو المستدام في المستقبل.”

بفضل ديناميكية السوق وتراثها الثقافي العريق، يواصل الشرق الأوسط مساره كواحد من أهم مراكز القهوة عالميًا، معزّزًا إرثه ومبتكرًا في آنٍ واحد.

نشر في :